اسم الكاتب : سعد سوسه
لقد لعبت شخصية نوري السعيد دوراً مهماً في قيادة سياسة لحزب بل كان الحزب نفسه .
أوعز نوري السعيد إلى أنصاره بإصدار صحيفة تتولى اسناد الوزارة والرد على المعارضة فصدرت صحيفة (صدى العهد) قبل تأليف الحزب بصورة رسمية، غير أنها أصبحت تنطق باسمه اي (حزب العهد) وكان لهذه الجريدة موقف في الدفاع عن المعاهدة العراقية – البريطانية من خلال استرجاع هيبة الوزارة بهجومها على الصحف المعارضة بأسلوب متسم بالطعن والتهميم .
كان من ضمن منهاج الحزب الحفاظ على أهمية العلاقات مع الدول العربية كما جاء في المادة الثالثة. بأن إحدى تحدياته هي إدامة وإنماء العلاقات الحسنة مع البلاد العربية وهو مثل غيره من الأحزاب دعا إلى الوحدة العربية من خلال صحافته ومن خلال نشاط رئيس في وزراته الأولى وخطب أعضاءه في المجلس النيابي.
كان الحزب يدعو إلى بعث الأفكار العربية وكان رئيس الحزب والهيئة السياسية من أشد المتحمسين للأفكار القومية نظرياً، ويقول سليمان فيضي “كان أعضاؤه ممن ساهموا بفعالية في رفد القضية العربية في الاستعانة والشام والعراق” .
وقد أكدت صحيفة الحزب (صدى العهد) بأن هذه الحزب هو امتداد لحزب العهد القديم الذي أسس في 28 تسرين الأول 1912 وتواصل بالعهد العراقي 1919 وهو يؤكد على نفس المبادئ والتي يأتي في مقدمتها الدعوة إلى استقلال العرب ضمن الوحدة العربية ولغرض الوقوف أمام الخطر الآتي من الأمور الأخرى .
كان من ضمن الأمور المهمة التي تؤكد عليها صحيفة الحزب (صدى العهد) حيث تميزت مقالاتها بتأكيد على تنمية الروح الوطنية إلا أن ذلك تعرض للانتقاد من قبل الحركة الوطنية التي أوضحت بأن بريطانيا تقف وراء نوري السعيد وتدفعه إلى تحقيق مصالحهما عن طريق الحلف العربي، إلا أن الحزب دافع عن نفسه وأكد أن هدفه قومي ودعا إلى محاربة الاستعمار والسائرين معه من زعماء والملوك العرب وتحجيم دعواتهم الاقليمية التي انتابت بعضهم ذوي النزعة الهزيلة .
وذكرت الصحيفة الطريق “أما وقد أدركت الأمة عيوب الإقليمية وشرورها الآثمة، فإن من الطبيعي أن تقرر طرائق الخلاص من هذا الشر الذي اعضل”.
وقد حدد الحزب الوسائل العملية لتحقيق الوحدة بما يلي:
أولاً: تنمية شعور الأواصر التي تربط الأمة العربية.
ثانياً: نشر الثقافة العربية وتوحيدها كما فعل الغربيون وكما يفعل العرب عند نهضتهم.
ثالثاً: توثيق عرى التضامن والتآزر الروحي بين بلدان الناطقة بالضاد وإشاعة التقاليد العربية الأصيلة القائمة على مكارم الأخلاق والمروءة والشهامة والنجدة والشجاعة، والصدق والتي تميزوا بها العرب عن غيرهم .
استقالت وزارة نوري السعيد الأولى في 19 تشرين الأول 1931 .
فأعاد الأخير تأليف وزارته الثانية وألفها في 19 تشرين الأول عام 1931 بعد أن شذبها من العناصر التي اعتبرها لا تلائم المرحلة حينئذ، لأنه كان تواقاً إلى إكمال مهمته التي جاء من أجلها وهي ادخال العراق إلى عصبة الأمم، وحتى يراعى تنفيذ المعاهدة العراقية – البريطانية الجديدة. وفي هذه المرحلة حاول زيادة الضغط على أعضاء حزب الإخاء الوطني في محاولة لإجبارهم أو التأثير عليهم بالخروج وترك الحزب خاصة الموجودين في المحافظة كطريق لإضعاف الحزبين .
كان نوري السعيد يتمتع بثقة الأكثرية في المجلس النيابي إضافة إلى عطف الملك عليه، فطلب منه إعادة تشكيل الوزارة ثانية، لقد كان تأليف وزارة نوري السعيد الثانية خيبة أمل جديدة للقوى الوطنية التي كانت تأمل ابعاد شخصية عمر بالذات من الوزارة لذلك استمرت الحركة الوطنية بمعارضتها ولكن نوري السعيد اضطهدها بكل ما أوتيت من سلطة فتفرقت الأحزاب ومنعت من فتح فروع لها وكافحت الأفكار الحرة وعطلت الصحف الوطنية واعتقلت وسجنت وطاردت الوطنين وقد أخذت الحركة الوطنية تدفع الاحتياجات ولكن الملك فيصل لم يستجب لذلك . استقالت وزارة نوري السعيد عام 1932 .
وفد امتازت وزارة نوري السعيد الثانية ببيانات وقرارات في تعطيل الصحف وخنق الحريات لتدلل على فساد النظام الذي كان سائداً في مرحلة حكم السعيد ومن هنا فإن نوري السعيد قد قيد حركة الصحافة وقام بتعطيل عدد كبير من الصحف منها جريدة الحق، وجريدة الجمهور وجريدة المزمار وذلك لنشرها في العدد الصادر في 16 كانون الثاني 1932 مقالاً بعنوان (يا بريطانيا إن الشعوب استيقظت) وقد أعدها نوري السعيد إثارة لنعرة الطائفية والكراهية بين ابناء الشعب وطبقاته وتخل بالأمن ويؤثر سلباً على العلاقات الودية بين العراق والدول الأجنبية .
لم يتوقف نشاط حكومة السعيد المعادي لحرية الصحافة وحرية الشعب بل استمرت في مراقبة الأحزاب السياسية الأخرى .