عادة ما يكون فهم اي ظاهرة يتلقاها الانسان من محيطه الخارجية، مدعاة لمحاولته سحب مكونات هذه الظاهرة، الى منظومته الصوتية اللسانية، فيصنع لمكونات الحوادث والظواهر التي يعيشها، كلمات يستطيع من خلالها حصر مفهوم الحالات والمواقف التي يحاول فهمها، وهذا ما يميز البشر عن الحيوانات.
يتميز العراقي (خصوصا)، والعرب (بشكل عام)، باعتبارهم من الاقوام المحبين للتواصل الكلامي بشكل مفرط، اي ان ما يهمهم بالدرجة الأولى وبالاساس في المواقف والمشاكل والمصائب التي تمر عليهم، هو الكلام وشكلية هذا الكلام، ومعنى الكلام ومقاصده، وديكوره، وطريقة طرح هذا الكلام وتوقيته، وطريقة تلقي المتلقي له،،،،، وفقط. !
اما الفعل الذي على اساسه وقع الحدث (الذي يكون عليه الكلام) ومصيبة هذا الفعل او هذا الحدث وفداحته، تاتي في اخر سلم اهتمامات رد الفعل الاخلاقي والاجتماعي عند الفرد العراقي.. !
لذا تجدنا مستعدين ان (نتعارك) ٦ أشهر، على كلمة كان يجب ان تقال بهذه الطريقة، وليس بهذه الطريقة، قيلت بشأن حادثة اريق بها دم او قتل بها قوم او ظلموا، وفي ذات الوقت، نترك (الفعل الاجرامي) الذي تسبب بهذا القتل او اراقة الدم او الظلم، ونترك الجاني الذي قام بفعل هذا الجرم، ولا نهتم له ولو قليلا. !
وهذه من أخس صفاتنا، والتي لم ينبري احد لنقدها وتوضيحها والتوعية بمفاسدها.
لذا، نوصم دوما باننا (ظاهرة صوتية)لا نفع فينا الا بلغو الكلام وكثرة الحديث، مع تنميق هذا الكلام وتعليبه بمحسنات الكذب والنفاق والمبالغة والتشبيه والتخدير والتسفيه والتعظيم ، وووالخ