نوفمبر 22, 2024
download

اسم الكاتب : علي ثويني

محاضرة عن السلم المدني العراقي في ستوكهولم للباحثة بسعاد عيدان
ألقت الأكاديمية والناشطة الاجتماعية السيدة بسعاد عيدان في ستوكهولم محاضرة عنوانها(دور مؤسسات المجتمع المدني العراقي في نشر ثقافة اللاعنف). وتطرقت فيه إلى نقاط كثيرة كانت قد استقتها من نشاطها المستمر مع المؤسسات الاجتماعية والأكاديمية في (المشروع السويدى) الذي تبنته خمسه جمعيات سويديه مشتركة لتفعيل قرار الأمم المتحدة رقم 1325 باستخدام النساء كوسيطات سلم عند نشوء نزاع معين في بلد ما وهو ما يشكل وقاية لدرء العنف واتخاذ الإجراءات المناسبة قبل تفاقم النزاعات. ويتم من خلالها تشخيص الطرق السلمية عند التوترات الاجتماعية بما يؤدي إلى درء الخلافات المستقبلية والحد من انتشارها توقا للسلم المنشود. وكانت منظمه( سيدا) السويدية، المهتمة بالعلاقات مع دول العالم النامي قد استضافت هذه الدورات في مدينه (هارنى ساند) وكانت لها مبادرة مشكورة بأن يكون المؤتمر باللغة العربية بالإضافة للانكليزية والسويدية.وقد نظمت خلالها المحاضرات وورشات التدريب التطبيقية، وحضرها وفود نسويه من عدة دول.
وموضوع محاضرة السيدة عيدان استنبطته من مجموعه تلك الدورات، التي تاقت من خلالها أن تنقل الأفكار وتطبقها على الحالة العراقية حصرا،بما شجعها أن تطور الفكرة وتتابع حيثياتها في المؤسسات المعنية بشأن السلم الإجتماعي. ولاسيما أن وقع الدراسات المطروحة كان إيجابيا على العنصر النسوي الذي يمكث الحلقة الأضعف في متاهات التناحر والحروب الأهلية. حتى أن المحاضرة كانت ذو شجون وأمالي وحيثيات متشعبة لتمثيل الفكرة بأمثلة ملموسة وواقعية.
وكانت الصعوبة تكمن في نقل وموائمة فكرة نظرية عالمية شاملة وغير مخصصة لبلد أو ثقافة لمهاجنتها مع وضع عراقي شاذ في كل المقاييس.و تكمن أهمية الأمر في أن الأمم المتحدة كانت مهتمة بالنزاعات العسكرية والسياسية وترسل القبعات الزرق بدلا من وسطاء السلام الإنساني، وتتحاشى الحلول الإجتماعية الواقعية أو تسعى لتنمية مؤسسات المجتمع المدني في أقطار المعمورة. لكنها أستدركت الأمر أخيرا وها هي تحث الخطى الى تحسين وضع المرأة في أزمنة الحروب والخلافات الدولية ونقل مهامها من أن تكون مستباحة ومستغلة أو مغتصبة أو وقود لها، الى عامل مساعد وفعال في الدور السلمي الوسطي في حلها ،و النابع من عاطفة أمومة مرهفة وعلاقات إنسانية حميمة ،ومن ثم المشاركة الفعالة والكفوءة في عمليات الترميم والبناء للنفس والنفيس .
وتناولت المحاضرة شذرات لمواضيع عديدة كل منها كان يحتاج الى محاضرة بحد ذاته،وهو ما طرحته إحدى المشاركات، لكن السيدة بسعاد كانت قديرة بأن توصل الفكرة متكاملة لا لبس فيها إلى المتلقي. وتضمن أهم محاور المحاضرة:فحوى القرار 1325 وأسباب تعميمه، ثم ما اقترحته السويد في ذلك الشأن ولاسيما بصدد نشر مفاهيم المساواة و حقوق الإنسان والديمقراطية، ونبذ النزاعات. وانتقلت المحاضرة إلى طبيعة الصراعات في العراق ودور المجتمع المدني فيه، والأهم أنها بحثت طبيعة العنف وأصنافه وأسبابه ودواعيه، وطرائق مجابهته ومعالجته، وكيف يمكن للمجتمع والعنصر النسوي تحديدا أن يخلق فلسفة اجتماعية مضادة لشيوع النزعة العدوانية والحد من جعلها الحل للعقد الاجتماعي،كل ذلك من خلال آليات عملية بسيطة الفهم والإفهام، والأهم أن تستطيع حتى المجتمعات المتخلفة تطبيقها على نفسها.
وقد حضر في قاعة الجمعية الفنية العراقية في هوسبي جمهور من المهتمين ولاسيما من العنصر النسوي الشغوف بالشأن العراقي أولا و النسوي ثانيا،وحصلت مداخلات وطرحت أفكار قيمة تتعلق بالأسباب والنتائج والوصول إلى الحلول الواقعية. وكانت المناسبة بحد ذاتها مبهرة في مدى جدية وعمق تلك الحوارات التي أملتها ظروف العراق الاستثنائية وأنضجت من جرائها النخب وأظهرت الطاقات الكامنة في كثير ممن كان يلتزم الحياد أو عدم الإكتراث بما ينطبق عليها مقولة جمال الدين الأفغاني (الأزمة تلد الهمة). وربما كان لطول باع وتفهم ووسع أفق وثقافة المحاضرة سبب في إنجاح الحوارات وتصاعد أدائها،بما يؤكد أن الهم العراقي واحد سواء كان داخليا أم خارجيا، فعراقيو الخارج يمكثون رصيدا معني ومغني لصدى الداخل المضطرب،ويحاول مستفيدا من هدوء العيش ورغد المهاجر أن يجد حلول لاترصدها عين النخب في الداخل التي تعاني من تشتت الأبصار بين التشبث بالبقاء والترويع المستشري وسطوة الإرهاب على الرقاب وهموم العيش وضياع الخدمات وتدني القيمة الإنسانية. وربما ستكون تلك المحاضرة بادرة في بلورة تجمعات نخبوية تتبنى خطاب وطني عراقي محض يجمع أهل الشتات ويؤزر سعيهم في إنقاذ الوطن ،بعد أن فشل الإحتلال وسلطة المتحاصصين في إنقاذه والإرتقاء به .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *