نوفمبر 21, 2024
21

اسم الكاتب : رياض سعد

بما انني مهتم بالشؤون العراقية وابحث بصورة دؤوبة عن كل ما يخص العراقيين ؛ تناهى الى سمعي الكثير من القصص الواقعية والاحداث الحقيقية التي تخص التعذيب والاضطهاد وتنفيذ الاوامر العسكرية الظالمة والبوليسية التعسفية بحق المواطنين , نقلا عن الثقات – بالتأكيد – الذين عاصروها او سمعوها من ثقات اخرين شاهدوها او اكتووا انفسهم بنارها ؛ ومن هذه الحكايات المؤلمة والتي نقلها لي شاب يدعى عبد الرحمن القراغولي , وهذا الشاب نفسه قصة مؤلمة لا تقل الما عن غيرها , اذ هرب من ابيه المجرم القاسي والذي تزوج من امرأة غليظة الطباع مثله , بعد وفاة ام الشاب عبدالرحمن , وقد تقاسم الزوجان مهمة اذلال وتعذيب هذا الصبي البريء بسبب ومن دون سبب ؛ مما اضطره فيما بعد للهرب من بيت ابيه الكائن في منطقة الرضوانية الى بغداد والعمل فيها , و روى لي الشاب عبدالرحمن قصص مرعبة عن ابيه الجلاد الذي كان ضابطا في جهاز الحرس الجمهوري الخاص و الذي كان يحدث عائلته الهجينة بفخرو اعتزاز ؛ واحيانا يضحك وهو يروي لهم ما قاموا به من مجازر وجرائم اثناء قمع الانتفاضة الجماهيرية العراقية عام 1991 , و قد قارنت القصص التي رواها لي هذا الشاب عن ابيه بالقصص الواقعية الاخرى والتي رووه شهود عيان اخرين ايضا ؛ فتبين لي صحة هذا الاحداث ؛ واليكم نزرا قليلا مما رواه لي الشاب عبد الرحمن القراغولي عن ابيه المجرم – وسأصورها لكم بأسلوبي – :
صدرت الاوامر الصدامية لقوات الحرس الجمهوري والاجهزة الامنية القمعية الاخرى ولرجال وعوائل وعشائر الفئة الهجينة كافة بالتوجه الى المحافظات والمدن العراقية الثائرة … , وعندما دخلوا الى محافظة كربلاء قاموا بضرب مراقد الائمة وقمع الانتفاضة الشعبية – غير المسيسة – بلا ادنى رحمة او شفقة , حيث الدمار طال كل البنايات والبيوت والشوارع ، والجثث منتشرة بين أنقاض البنايات، وآلة الموت الصدامية تسحق بجنازير الدبابات – التي كتب عليها لا شيعة بعد اليوم – كل شيء يتحرك، والقوات القمعية المختصة وأجهزتها المتعددة الرهيبة تسوق الآلاف من الشباب إلى المذابح والمشانق وحفر الاعدامات الجماعية … , وتحرق الاخضر واليابس , ولا تفرق بين الصغير والكبير والنساء والرجال والمرضى والاصحاء … , وتقتل الناس الابرياء والعزل وحدانا وزرافات , وتم اعتقال الاف العوائل والافراد على الظن والشك والشبهة وحملوهم بسيارات مكشوفة – ( لوريات ) – وكدسوا بعضهم فوق بعض كما حصل بالضبط مع ضحايا سقوط الموصل وسبايكر ؛ باتجاه معتقل الرضوانية سيء الصيت , ولهؤلاء العراقيين الاصلاء اسوة بأسلافهم الشجعان الثوار الذين ناصروا المختار الثقفي – ضد الطغاة من بني امية وابناء الزبير- والذين قتلوا غدرا وصبرا ؛ ولكأن التأريخ يعيد نفسه، وصدق من قال : ان لا جديد تحت الشمس ، فالصراع بين قوى واتباع الخط المنكوس والعراقيين ، والهمجية والحضارة , والاصلاء والدخلاء , وابناء البلد وعملاء الاجنبي , والحق والباطل قصة متكررة في حياة العراقيين وتاريخ العراق …!! ، فمن يغمض عينيه عن حقائق التأريخ ، ومسلمات الواقع , ونتائج الاستنتاج المنطقي والبحث العلمي ؛ يقع في الخطأ نفسه وتعاد التجربة المؤلمة بحقه تارة اخرى , والشقي من اتعظ بنفسه والسعيد من استلهم الدروس والعبر من تجاربه وتجارب غيره …
فهل يعقل ان يتطور العراق وتنهض الشخصية العراقية من جديد ؛ ونحن نقفو آثارهم – اسلافنا واجدادنا واباءنا العراقيين الذين خدعوا من قبل الاعداء المنكوسين – ونتبع خطواتهم ونقتفي جهلهم وحمقهم ونكرر نفس اخطائهم ؟؟!!
وهناك – في الرضوانية – أنزلوهم في مكان جهنم نفسها تتعوذ من شره , وساقوهم بركلات الجنود، والضرب بأخمص البنادق، والشتائم القذرة والعبارات الطائفية والعنصرية النابية والالفاظ الفاحشة … ؛ وجدوا أنفسهم وجها لوجه مع اعتى مجرمي وجلادي الارض , وشاهدوا مسلسل الرعب اذ كانوا يقطعون اطراف الضحايا بالسيوف ويتركوا ينزفون حتى الموت … , ويسحلون بعض الضحايا بالسيارات وهي مسرعة حتى يتقطعوا اربا اربا … , و آخرين معلقين من أرجلهم في السقف … ,والبعض اجسادهم مدفونة في الارض و رؤوسهم بارزة على الارض فقط , والبعض مرفوع الى السماء بواسطة الات رفع المكائن والمحركات , واخرين في اقفاص حديدية صغيرة وهم عراة كما الحيوانات ؛ والصداميون المنكوسون كانوا يضحكون و يمرحون و هم يتجولون وسط هذه المشاهد المرعبة وصيحات الاستغاثة من الرجال والنساء والشباب والاطفال ولا من مجيب ؛ وعند سماع الزبانية والحرس بمجيء الواجب – ويقصدون به المجرم صدام – تشتد عمليات التعذيب وترتفع وتيرتها ويعامل المعتقلين بقسوة منقطعة النظير … .
يزخر سجل العراقيين في زمن النظام الصدامي الهجين المنكوس بحكايات وقصص تبدو غريبة وعجيبة وغير معقولة … ، عوائل بالكامل بما فيها الأب والأم والأطفال كلهم وضعوا داخل زنزانات صغيرة – مساحتها لا تتجاوز ال9 متر مربع – تفتقر لأبسط المتطلبات الموجودة في سجون العالم ، وقد عاشت العوائل معاناة حقيقية لا يمكن ان تنساها … , ولكن الذي ألمني هذه القصة التي ذكرها لي عبدالرحمن عن ابيه : أحضر ملازم اسمه اسامة الجحيشي – وكان في جهاز الامن – زوجة أحد الضحايا المعتقلين بصورة عشوائية إلى غرفة التعذيب وجردها من ثيابها وعذبها أمام زوجها ثم هدد بقتل الابن الرضيع الذي كان يصرخ في الغرفة ويرى بعينيه الصغيرتين اما وابا يعذبون ويصرخون مثله ؛ وعندما رفض الأب والأم الاعتراف بما لم يرتكبانه اصلا , قام الجلاد المنكوس بضرب الطفل الرضيع بالحائط و بقوة حتى ارتطم رأسه الطري بالجدار وسالت دماءه الزكية امام ناضري والديه !!.
بلغ التعصب والخسة في تنفيذ الاوامر العسكرية والامنية- بلا مراجعة وجدان او تأنيب ضمير – حدا ان جعل هؤلاء المنكوسون القتلة يتفننون بتعذيب الضحايا المساكين والمواطنين الابرياء حتى وصل الامر بهم الى قتل الرضع وتعذيب الاطفال واعدام المراهقين ..!!
كان بإمكانهم التغاضي او التغافل عن بعض الحالات الانسانية , او التخفيف من التعذيب الا ان المشكلة كانت في العقلية التي يحملها هؤلاء والعقيدة المنكوسة التي يؤمنون بها , فهم كانوا يعيشون ازمة في انتماءهم ؛ لانهم دخلاء وغرباء ومن جذور اجنبية وغير عراقية .



نعم وكل اناء بالذي فيه ينضح ؛ فماذا تنتظر من العقلية العسكرية البوليسية المنحرفة والتربية المنكوسة ؟
غير الخراب والدمار والعذاب والالم , لأن رجل الامن المنكوس يحاول ان يطبق كل ما تعلمه في السجون والمعتقلات وغرف التعذيب ؛ في حياته العامة وعلاقاته الاجتماعية اي يبحث دائما عن معارك حتى وان كانت وهمية وضحايا وان كانوا ابرياء ..!!! .
وقد روى احد المعتقلين العراقيين في بناية المخابرات الصدامية هذه القصة قائلا : جاءوا بزوجة احد الاشخاص المطلوبين للأجهزة الامنية الصدامية – وقد هرب خارج العراق – وقاموا بتعذيبها بعد ان اخذوا رضيعها – البالغ 6 اشهر من العمر – من حضنها الدافئ , والرضيع يصرخ والام تصرخ ؛ ومن ثم قام احد ضباط المخابرات – والمدعو ابو عمر – بإعادة الاسئلة عليها وابت الزوجة الافصاح عن وجهة زوجها الهارب من قبضة زبانية صدام ؛ فأمسك الرضيع من قدمه الطرية ورمى به وبقوة نحو الجدار فتهشمت جمجمته وفارق الحياة ؛ فركضت امه نحوه , وشهقت شهقة و اغمي عليها ونقلوها ؛ وسألنا بعض الموقوفين عنها قالوا : انها فارقت الحياة … !!
ولعل مذكرات السجناء ولاسيما ( مذكرات سجينة عراقية ) مليئة بمئات القصص الشبيهة والتي تدمي القلوب وتقرح الجفون , ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم .
بأي ذنب حُبِسُوا.. أطفال رضع معتقلون بسجون الجرذ الجبان ابن صبحة وقتلوا ؛ وذاقوا ألم العذاب بدلا عن الحليب ؟!
مئات بل الاف الاطفال بينهم الرضع سيقوا مع ذويهم الى سجون النظام التكريتي البعثي الصدامي الهجين – من منا ينسى العوائل الكردية وعوائل الدجيل وعوائل الكرد الفيلية وعوائل الانتفاضة الشعبانية ؟ – ؛ ويتعلمون الحبو والكلام ويستعدون للفطام وسط ظلام الزنازين وصيحات الزبانية المجرمين الغلاظ …!!
يدفعون ثمنا باهظا لجرائم النظام الصدامي بحق آبائهم وأمهاتهم المعتقلين الابرياء ويشاركونهم الحبس في الزنازين والطامورات والسراديب ، بينما يعاني آلاف الاطفال الاخرون – في الخارج ايضا – الحرمان من ذويهم المعتقلين في سجون صدام ، ويواجهون الحياة دون أب أو أم احيانا ؛ هذه كانت حال الطفولة في عهد المجرم جرذ الحفرة المشنوق .

وبين القصص المؤلمة لمعاناة أطفال العراق وقتذاك ، قصة اطفال العوائل المعتقلة في سجن ( نكرة السلمان ) الرهيب ؛ حيث تقوم زبانية المعتقل بعزل النساء والاطفال عن الاباء والاخوان ويحبس كلا منهما في جهة مقابلة للاخرى ؛ وفي احدى المرات اشار احد الاباء المعتقلين لابنته من خلف قضبان الشبابيك المطلة على الجهة الاخرى ؛ فقام احد زبانية المعتقل بقطع يده التي اشار بها الى طفلته …!!!
وقد روى احد الرعاة – من اهالي السماوة – انه اقترب في احدى المرات من سجن نكرة السلمان فسمع دويا هائلا – كان عبارة عن صراخ النساء والاطفال والرجال ؛ كأنه يصعد الى عنان السماء – ؛ ورأى كلاب تنهش بجثة رضيع قرب السجن , وقد تم دفنه مع امه بصورة عشوائية , اذ دفنوا الام في الحفرة وبرز شعرها من الحفرة بينما كان الرضيع ملقى على الارض ؛ وكان من عادة زبانية سجن نكرة السلمان دفن الضحايا من السجناء خارج السجن وبصورة عشوائية اشبه بالمقابر الجماعية .
وفي احدى المرات اعتقل زبانية الامن الصدامي عائلة كاملة – من بغداد- وفي التحقيق مات افراد العائلة كلهم وبقى رضيعا وحيدا من العائلة لم يمت ؛فقام رجال الامن الصدامي برميه قرب احدى حاويات القمامة , وكان في ظنهم ان تأكله الكلاب … !!
ناهيك عن ملايين الضحايا العراقيين الذين قضوا في عهود الفئة الهجينة لاسيما العهد الصدامي الاسود ؛ تاركين أطفالا صغارا أصابهم- بين أقل ما أصابهم- : الحرمان الأبوي وفقدان الدعم النفسي والرعاية .
وللإمام علي ابيات من الشعر يصف بها شعوره عندما يرى ايتام :
ما إِن تَأَوَّهتَ في شَيءٍ رُزِئتَ بِهِ ……. كَما تَأَوَّهتَ لِلأَطفالِ في الصِّغَرِ
قَد ماتَ والِدُهُم مِن كانَ يَكفُلُهُم …… في النائِباتِ وَفي الأَسفارِ وَالحَضَرِ
كم من اطفال حُرموا من أب حنون ، وافتقدوا جلوسه بجوارهم وحكاياته الشيقة لهم قبل النوم، واشتاقوا لحضنه وحنانه ولعبه وضحكه والإفطار معه وإطعامهم بيده … ؟!
ومن المشاهد المؤلمة ؛ مشهد سوق السجينة المظلومة مع رضيعها البريء الى محكمة الثورة سيئة الصيت , والحكم عليها بالإعدام شنقا …!! .
من الحقارة والانحطاط ان تمدح ظالما جلادا مجرما ؛ تعلم علم اليقين مدى بشاعته وقسوته واجرامه بحق مواطني بلدك الاخرين ؛ وتختلق الاعذار من تلقاء نفسك دفاعا عنه , وقد يتشدق المنكوس بكلام فحواه : (( بما اننا كنا سعداء و اغنياء ووجهاء في ظل حكومة صدام ؛ يجب علينا ان نحمده سرا وجهارا , ونشكره ليلا ونهارا , بغض النظر عن مظلومية الاغلبية العراقية , فلسان حال المنكوسين : المهم نحن وليذهب المواطنين الاخرين للجحيم , نحن وليكن بعدنا الطوفان..!! ))
ويحاول هؤلاء المنكوسون التخلص من إحساسهم المزعج برفض العراقيين لهذا الفكر الاعوج و شجبهم للظلم والجور جملة وتفصيلا ؛ بإقناع أنفسهم أن جميع العراقيين الاخرين من شيعة واكراد وسنة معتدلين واقليات مجرد أناس لا يفقهون شيئا من علم السياسة او انهم ذيول لإيران او عملاء للغرب او انهم من اصول غير عراقية , وهكذا يرمون الاتهامات يمينا وشمالا على العراقيين جزافا … !!
وأنا في الحقيقة أعتبر هذا النوع من القناعات المنكوسة أزمة في التفكير وعقد نفسية أكثر من كونه نقص في الأدلة او عدم وضوح الرؤية !!
نعم هنالك من يعتقدون بصحة هذا الجواب السلبي , الا ان هؤلاء واقعون تحت تأثير برمجة فكرية خاطئة تجعلهم يتصرفون تلقائيا بهذا الشكل المنكوس .. ويتصورون أن هذا هو المسار الطبيعي للسياسة العراقية والهوية الوطنية ؛ ولكن اليس من الغريب ان يعتقد هؤلاء ان 90 بالمئة من العراقيين ليسوا عراقيين او لا اقل ولائهم ليس للعراق , بينما هم فقط المبرؤون من كل عمالة ودناءة , والمضحك ان بعض هؤلاء غرباء عن العراق بكل شيء ؛ لا يمتون باي صلة لهذه البلاد , واصولهم معروفة وهجراتهم للعراق موثقة , وما عشت اراك الدهر عجبا , خصيان الاتراك وغلمان وسبايا العثمانيين ورعايا الانكليز من الذين لا يعرفون اسماء اجدادهم فضلا عن ادعائهم معرفة غيرهم ؛ اصبحوا يطعنون بأنساب العراقيين الاصلاء !!!
هل من المنطق والانصاف ؛ ان يتهم العراقيين الجنوبيين بل واهل الوسط ايضا , ويشكك بعراقيتهم و ولائهم ؛ وهم ثقل العراق الحضاري والتاريخي والسكاني من قبل اشخاص طارئين على المجتمع العراقي لا يعرف لهم اصلا ولا تاريخ ولا ولاء للوطن , وزمر دخيلة وغريبة و عصابات عميلة ؟؟!!
وليت شعري ايرضى السني العراقي ان ينعم الشيعي العراقي بخيرات العراق وحده , او يتسلط الكردي العراقي عليهم ويستولي على الحكم بمفرده ؟!
فان كان السني العراقي لا يقبل الظلم من الاخرين ؛ ويرفض تقديس الاشخاص من قبل الطرف الاخر , فلماذا ينهي عن شيء وهو يفعله ..!!

لا تنه عن خلقٍ وتأتي مثله … عارٌ عليك إذا فعلت عظيم
متى نمتلك الشجاعة الادبية ونعترف بكافة الجرائم التي ارتكبت في العراق من قبل قوى ورموز واتباع الخط المنكوس- الاعداء الحقيقيين للعراقيين – , متى نتمكن من شجب وادانة كل الظالمين المجرمين بعض النظر عن قوميتهم او ديانتهم او مكانتهم …؟؟
ان المقابر الجماعية , و دهاليز ومسالخ الامن والمخابرات , بمقاصلها وحبال اعدامها وكل ادوات التعذيب فيها تبقى وصمة عار في جبين صدام والفئة الهجينة ومن يطبلون ويزمرون له من اعداء العراق المنكوسين وبعض الحمقى المغفلين من ( غمان ومخانيث ) الاغلبية العراقية وباقي مكونات الامة العراقية .
الا تخجلكم هذه المقابر الجماعية ؟
الا تخجلكم شهادات المعتقلين واهالي الضحايا ؟
الا تستحون من كل هذه الجيوش الجرارة من القتلى والشهداء والمعوقين والارامل والايتام والمرضى ؟
هل تستحق كل ثروات الارض ان يبيع الانسان ضميره ويشارك الجلاد جريمته ويطبل للدكتاتور صدام المتوحش ؟ !
من مزقكم وشتت شملكم ؟
من جلب لنا الويلات و المصائب والتفرقة بكافة انواعها ؟
لم يسجل التاريخ ان حاكما تلذذ في تشريد شعبه وقتله وفنائه وتجويعه واذلاله مثلما فعل صدام , وان الذي لم تأخذه الرحمة بأفراد بيته ومواطني بلده فلا يؤمل منه خيرا ابدا … .
لكن الغريب ان تنطلق اليوم وبعد كشف كل هذه الجرائم اصوات نشار تمجد بالمجرم صدام وتترحم عليه وتنسب له مناقب من وحي الخيال المريض ..
انها دعوة لكل الافراد والجماعات والفئات العراقية للمراجعة والتصحيح , الكل بلا استثناء , والامثلة تضرب ولا تقاس , فعندما اذكر طائفة او قومية او عشيرة … فان لا اقصد الكل بل اقصد حالة او ظاهرة هنا او هناك ؛ وهذا لا يعني انني انتقد مجموعة دون اخرى , او احابي طائفة على حساب اخرى ؛ الكل سواسية , والنقد الوطني البناء سوف يطال كل المقصرين والظالمين والفاسدين من كافة اصناف المنكوسين بغض النظر عن قوميتهم او دينهم او طائفتهم او لهجتهم او منطقتهم او عشيرتهم … .
ومن هنا تأتي مسؤولية كل الواعين والمثقفين من الاحرار الوطنيين ، أن يتقدموا إلى العراقيين بمختلف مشاربهم واتجاهاتهم ، لبث الوعي الوطني فيهم حتى لا يتحول الظلم الشاذ الى قاعدة يسير على ضوئها المنكوسون والحمقى ؛ أو يتحول المواطن الاخر الضعيف المهمش إلى عدو وغريب … ؛ لا بد أن يبقى هناك صوت عراقي يحمل نداء الوعي الانساني ، صوت يرفض الظلم بكل صوره واشكاله و رموزه التاريخية والمعاصرة ويواجهه في أي موقع كان وتحت اي مسمى … ؛ حتى لا يستقر الظلم ويصبح مألوفاً في أي مرحلة من مراحلنا التاريخية , وحتى لا تتشوه فطرة الأمة العراقية النبيلة , ولا تتبدل سجاياهم الطيبة الكريمة , ولا تتغير اخلاق العراقيين اصحاب القلوب الرحيمة ..
ومن باب ان الذكرى تنفع العراقيين ولإجراء المقارنة مع انظمة دول العالم الاخرى ؛ انقل لكم هذه الحادثة ؛ اذ قامت السيدة ميركل بالاعتذار من أطفال ألمانيا بسبب حرمانهم من الخروج و الذهاب إلى ساحات اللعب في فترة الحجر الصحي بسبب جائحة كورونا … , و ووعدتهم أن تصرف لعائلاتهم مبلغ 300 € على كل طفل لكي يأخذوهم للتنزه و يشترون لهم الألعاب التي يحبونها…!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *