اسم الكاتب : رضا زيدان
يتشكل العراق من عرقيات وديانات متعددة. ومنذ القدم يتعرّض هذا التنوع الثقافي الغني لتهديد التهجير أو التطهير العرقي.
التنوّع قيمة جمالية مضافة للعراق، الذي يتألف من تركيبةٍ سكانيةٍ متعددة الأعراق والأديان، تلتقي على رقعة جغرافية واحدة، بحيث أعطى الدستور في المادة 43 الحرية لأتباع كل مذهب لممارسة شعائرهم الدينية، وأنّ الدولة تتكفل بحريّة العبادة وحماية أماكنها.
عام 2020 جاوز التعداد السكاني للعراق الـ 40 مليون نسمة، وفق ما أفادت وزارة التخطيط العراقية، وبحسب دستور عام 1970 للعراق، فإنّه يتألف من قوميتين رئيسيتين، هما العربية والكردية، 80% من السكان ينتمون إلى القومية العربية، بينما يُمثل الكرد حوالى 15%، وتُشكّل بقية القوميات والإثنيات نحو 5%.
وبحسب المفوضية العليا للانتخابات في العراق فإنّ التمثيل في النظام السياسي الجديد داخل البرلمان الذي يتألّف من 329 مقعداً، يتوزع على الشكل التالي: 320 مقعداً يتم توزيعها على المحافظات بدوائرها الإنتخابية ووفقاً لحدودها الإدارية، ويبقى 9 مقاعد توزّع على الأقليات.
وبمراجعة نتائج الانتخابات العراقية لعام 2018، يبلغ مجموع مقاعد مجلس النواب 329 مقعداً. وقد حصل السنة على 71 مقعداً، والشيعة 177 مقعداً، والكرد على 58 مقعداً، والتركمان على 4 مقاعد، فيما مُنحت الأقليات 9 مقاعد: 5 مقاعد للمكوِّن المسيحي، ومقعد واحد لكل من الشبك في نينوى، والأيزيديون في نينوى، والصابئة في بغداد، والكرد الفيليين في واسط.
العرب قومية في طائفتين
تنقسم القومية العربية في العراق إلى طائفتين: السنة والشيعة، حيث يُمثل الشيعة ما نسبته 69% أما السُنة فيمثلون بين 29-34%، وفقاً لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية.
الكرد حكم ذاتي مستقل
القومية الكردية تُشكّل المجموعة العرقية الثانية بعد العرب في العراق، وصل عددهم إلى نحو 5.2 مليون نسمة، وتتراوح نسبتهم بين 15% و20%. دينياً ومذهبياً، فإن 97% من الكرد مسلمون؛ منهم 80% سُنة، و17% شيعة ويُسمون بـ”الكرد الفيليين”.
تتمركز القومية الكردية في محافظات أربيل، والسليمانية، ودهوك، وحلبجة، كما يتواجد الكرد وبأعداد قليلة في الموصل وكركوك وصلاح الدين وديالى.
ويتمتع الكرد بحكم ذاتي مستقل منذ عام 1991، تحت اسم إقليم كردستان. والحزبان اللذان يهيمنان على الساحة السياسية في الإقليم منذ عقود هما الحزب الديمقراطي الكردستاني، والاتحاد الوطني الكردستاني.
التركمان ثالث الجماعات العرقية
ورد في كتاب “الأقليات في العراق الذاكرة – الهوية – التحديات”، لأستاذ العلوم السياسية في جامعة المستنصرية، سعد سلوم، أنّ التركمان يُشكلون ثالث الجماعات العرقية في العراق بعد العرب والكرد. وبعض المنظمات التركمانية تقدّر عددهم بنحو 3 ملايين نسمة.
يتكلم التركمان جميعاً اللغة التركمانية، ويتمركزون في مناطق شمال العراق ولا سيما محافظات كركوك ونينوى وإقليم كردستان، وفي بعض مناطق بغداد.
لا توجد إحصاءات تحدد الانتماء المذهبي للتركمان، وهم يتوزعون بين تركمان سنة وتركمان شيعة، وتفيد أغلب التقديرات بأن 50% من التركمان من السنة، و50% من الشيعة.
المسيحيون بين التهجير والنزوح
تعتبر المسيحية ثاني أكبر ديانة في العراق بعد الإسلام، وهي ديانة معترف بها في الدستور العراقي الذي أسماهم “الكلدوآشوريين” وتعني كل أقسام المُكوّن المسيحي من الكلدان، والآشوريين، والسريان الأرثوذكس والأرمن وغيرهم.
وبحسب مقال للدكتور هيثم مزاحم، بعنوان “المسيحيون في العراق.. ودرب التهجير”، يقول الكاتب إنّ “الدستور العراقي يقرّ بأربع عشرة طائفة مسيحية في العراق مسموح التعبد بها. ويتحدث غالبية أتباع الطوائف المسيحية اللغة العربية كلغة أم، في حين أنّ نسبة منهم تتحدث باللغة السريانية، بلهجاتها العديدة، وباللغة الأرمنية”.
وبلغ عدد المسيحيين في العراق قبل الاحتلال الأميركي عام 2003 نحو مليون و420 ألف مسيحي، اضطر عدد كبير منهم إلى مغادرة البلاد.
وبحسب رئيس مجلس الطائفة المسيحية العراقية في الأردن، غازي رحو، فإن عدد المسيحيين في العراق الآن لا يتجاوز 450 ألف مسيحي فقط، بمعنى أن أكثر من مليون مسيحي غادروا البلاد واستقروا في أوروبا والولايات المتحدة أو اتخذوا من الأردن ولبنان مقراً لهم، فضلاً عن نزوح أعداد كبيرة منهم إلى إقليم كردستان الذي يتمتع باستقرار أمني نسبي.
ويتواجد مسيحيو العراق في معظم محافظات العراق، لكن يتركز وجودهم في بغداد والموصل والبصرة وكركوك ومناطق من إقليم كردستان العراق. وعن هذا الأمر يقول الدكتور هيثم مزاحم إنّ “المسيحيين يعيشون في نحو 120 قرية؛ وفي منطقة سهل نينوى قرب الموصل، وفي مناطق تل كيف، وقراقوش، وشيخان التي تضم كنائس”، وفي ما يلي نبذةٌ عن أبرز الطوائف المسيحية في العراق:
الكلدانيون
يُرجع الكلدان أصولهم إلى البابليين، ويتكلمون الآرامية، يبلغ عددهم داخل العراق حوالي 650 ألف نسمة، ويشكّل هؤلاء معظم المسيحيين في العراق. وينتشر الكلدان في مدينة بغداد خصوصاً وفي تل كيف، وبطنايا، وبارطلا والقوش في الموصل، وعينكاوة في أربيل وبعض البلدات في دهوك.
الآشوريون
تبلغ نسبة الآشوريين 0.5% من سكان العراق، ويتمركزون في أربيل ودهوك، تعرف لغتهم باسم الآشورية الحديثة وهي السريانية.
السريان
يسكن السريان مدينة بغداد، وبلدات بخديدا قره قوش، وبعشيقا، وبحزاني وغيرها، ويتكلم أتباعها اللغة السريانية.
الأرمن
معظمهم من المهجرين وضحايا الاضطهاد العثماني. هربوا بعد “مذبحة الأرمن” عام 1915 إلى الدول المجاورة، ومنها العراق وسوريا ولبنان، وعاشوا فيها منذ ذلك الحين، وينقسمون إلى طوائف ولهم نشاطهم وثقافتهم الأرمنية الخاصّة.
“داعش” والإبادة الجماعية للأيزيديين
الأيزيديون هم مكوّن ديني في الأساس، أما عرقياً هم خليط من الكرد والعرب والفرس والأتراك، وهم بذلك يتكلمون لغات هذه القوميات، ويعيش العدد الأكبر من الإيزيديين في العالم في العراق حيث يبلغ عددهم 550 ألفاً.
ويؤمن الأيزيديون بإله واحد يُصلون له متخذين الشمس قبلتهم، إضافة إلى إيمانهم بسبعة ملائكة، أولهم وأهمهم الملك طاووس، كما يعدّ أقدس الأماكن الدينية للأيزيديين معبد “لالش” شمال غربي العراق.
ويتوزّع الإيزيديون في محافظة نينوى: قضاء الشيخان، وبعشيقة، وبحزاني، وسنجار، وزمار والقوش، وفي محافظة دهوك: شاريا، ومجمع خانك.
وعندما سيطر تنظيم “داعش” على سنجار في آب/أغسطس 2014، شنّ هجوماً وحشياً على الأيزيديين، وصل إلى “إبادة جماعية محتملة“، وفقاً للأمم المتحدة.
وبحسب إحصاءات المديرية العامة لشؤون الأيزيدية في وزارة أوقاف حكومة إقليم كردستان، قتل نحو 1280 أيزيدياً، ويُتّم أكثر من 2300 طفل، وتعرّض ما يقارب 70 مزاراً للتدمير، وتم اكتشاف أكثر من 70 مقبرة جماعية في سنجار.
“الشبك” اختلاف شديد في أصولهم
يستقر “الشبك” بغالبيتهم في سهل نينوى بين إقليم كردستان ومدينة الموصل مركز محافظة نينوى شمال العراق.
تميزت الكتابات القديمة، خاصة في بداية القرن الـ20، بالاختلاف الشديد في أصل “الشبك”، فهناك من اعتبرهم كياناً كردياً، وهناك من اعتبرهم تركماناً، وهناك من رآهم حتى عرباً.
يُنسب “الشبك” إلى قبيلة “الشبك الكردي”، وكانت الدولة العراقية تعتبرهم من الأيزيديين، لكنهم ليسوا كذلك، والمرجّح أنهم من الكرد لغةً ونسباً، وبعضهم سنة شافعيون، وبعضهم شيعة.
لا توجد إحصائيات دقيقة عن أعداد “الشبك”، وقدرهم إحصاء سنة 1977 بـ80 ألفاً، أما إحصاء سنة 1997، وهو آخر تعداد شامل في العراق، فلم يأتِ على ذكر التفصيلات العرقية.
الصابئة المندائيون لا يتجاوز عددهم الـ 15 ألفاً
تُعدّ المندائية ديانة غير تبشيرية، ولا تؤمن أو تسمح بدخول أحد إليها، وعن أعدادهم يقول رئيس الصابئة المندائيين في العراق والعالم، ستار جبّار، إنّه لا تتوفر إحصائية دقيقة لأعداد الصابئة، ولكن يقدّر عدد الصابئة في العراق بـ15 ألف صابئي، يتوجدون في بغداد والمحافظات الجنوبية، ويتكلمون اللغة الآرامية إضافةً إلى العربية.
يذكر أنه يوجد أيضاً ديانات أخرى في العراق منها الكاكائية، والبهائية.