اسم الكاتب : رياض سعد
تمخض الجبل فولد فأراً … ؛ بعد عقود طويلة من سلطة الحكومات الهجينة والطائفية والغريبة والعنصرية – ( 1920- 2003 ) – وبعد قرون الاحتلال العثماني البغيض ومن ثم الاعتداءات الايرانية و الاحتلال البريطاني , والتي فتحت ابواب البصرة وعلى مصراعيها امام اجلاف فيافي نجد واعراب صحارى المناطق الخليجية , والافارقة العبيد , والهنود المرتزقة , والاعاجم والمماليك من شذاذ الافاق … ؛ ظننا ان تنتفض البصرة ضد الاجانب والغرباء والدخلاء , وتقطع ايدي التدخلات الخارجية وتضع حد للتجاوزات على الحدود العراقية والثروات النفطية , وتغير السيرة وتصحح المسيرة بما يصب في صالح الاغلبية الاصيلة ويحيي روح الامة العراقية العظيمة , وان تكون بمثابة الاخت الكبرى لأخواتها التاريخيات ( العمارة والناصرية ) والتي ترتبط معهن بوشائج القربى والنسب الواحد , والروح العراقية الجنوبية الاصيلة , وتشتبك معهن بأواصر الجغرافيا و التاريخ المشترك , فقد أرتبط الجنوبيون بأواصر الاخوة العرقية والدينية والثقافية و الدولة الواحدة والمصير الواحد على مر الأزمان … ؛ منذ سومر وأكد ومملكة ميسان والى هذه اللحظة ؛ وقد اطلقت الطغمة التكريتية البعثية الغاشمة على هذه المحافظات الثلاث مصطلح مثلث الغدر والخيانة , والمثلث الجنوبي ؛ على اثر الانتفاضة العراقية الخالدة عام 1991 , وعلاقة هذه المحافظات بعضها ببعض من المسلمات والبديهيات ؛ حتى ان الهوسات الجنوبية والاهازيج الشعبية تؤكد هذه الرابطة الاخوية : (( احنه ثلاثة بشط تربطنه ملوحه )) , حتى اللفظة السوقية والتي اطلقها عليهم ابناء الفئة الهجينة (( الشرجية )) تخصهم اولا وبالذات , وثانيا وبالعرض باقي مناطق الاغلبية الاصيلة … الخ .
توقعنا من البصرة الفيحاء ذلك واكثر ؛ واذا بنا نصدم بحجم الدعوات العنصرية والتحركات المشبوهة والتي تستهدف اهل الجنوب عموما واهل ميسان على وجه التحديد والتي هي اقرب للبصرة من حبل الوريد , فقد تعالت اصوات بعض الساسة المنكوسين والمسؤولين الفاشلين والموظفين الفاسدين لطرد المواطنين العماريين بحجة انهم استولوا على المشاريع والاعمال الحرة او انخرطوا في دوائر الحكومة المحلية او بذريعة سكنهم في التجاوزات والعشوائيات ؛ بل جعلهم البعض شماعة لتعليق اخطاءهم الاقتصادية ومثالبهم السياسية والخروقات الامنية ؛ والتنصل من مسؤولياتهم في تطوير البصرة والحفاظ على امنها واستقرارها , بينما يغضون الطرف عن جموع مواطني المحافظات والمناطق السنية والاكراد والجاليات الاجنبية وجيوش العمالة الخارجية …!!
نجاح العماريين في الاعمال والانشطة التجارية , او تعيينهم في دوائر الدولة , او تمدد نفوذهم في البصرة , لا يعد عيبا او عارا او امرا مرفوضا , وهم اولى بالبصرة من غيرهم , فقد استوطن اسلافهم العماريين البصرة منذ القدم ؛ وعاش العماريون مع البصريين معا في البصرة عندما كانتا بقعة جغرافية واحدة لا يفصل بينهما شيء ولا تفرقهما حكومة او سلطة , وانشطرت العشيرة الواحدة الني شطرين , بعضهم في البصرة , وبعضهم الاخر في ميسان , واكاد اجزم ان كل شخص يطعن بالعماريين او يعمل على الاستنقاص منهم ؛ يعاني من عقدة الدونية والاغتراب و امراض وعقد الفئة الهجينة العنصرية او من اتباع الخط المنكوس ؛ والشيء بالشيء يذكر ؛ قرأت كتابا – طبع في عهد المجرم الهجين صدام – يتحدث عن منطقة الزبير واذ بالكاتب يتهجم على العماريين الذين هاجروا الى البصرة في بدايات القرن العشرين المنصرم , ويحاول الانتقاص منهم لانهم سكنوا بيوت الطين والصفيح كما ادعى , في الوقت الذي يمتدح فيه سكان البصرة من المهاجرين النجديين ومن لف لفهم , والذين تركوا البصرة ورجعوا الى موطنهم الاصلي ( السعودية ) عندما اضطربت احوال العراق الاقتصادية والسياسية , والعجيب ان الكاتب نفسه من الاصول الغريبة والجذور غير العراقية ؛ ولعل هذه الحالة الشاذة لا تجد لها مثيلا الا في العراق ؛ اذ يعير فيه الهجين الدخيل العراقي الاصيل ؛ ويصبح الضيوف هم اهل الدار , واهل الدار يمسوا غرباء في وطنهم الازلي والابدي ؛ والبعض يتشدق بالقول : ان الحملة ضد المتجاوزين ؛ ولو سلمنا جدلا بصحة الدعوى , فالمفروض ان يعامل العماري كما يعامل البصري اولا , وثانيا هنالك دعوات وحملات مسعورة ومنذ سنوات تسير بهذا الاتجاه وتستهدف العماريين دون غيرهم …!!
وليت العمارة كانت فقيرة او محافظة بائسة فقد حباها الله بالخيرات والثروات بل قيل هي من اغنى مدن العالم بالثروات الطبيعية فضلا عن الحقول النفطية , وللعلم ان اهالي ميسان سواء القاطنين فيها او المهاجرين الى ربوع ومناطق وطنهم الكبير الذي وحده الملك العراقي الجنوبي سرجون الاكدي , لا تجد فيهم متسولا يقف في الشارع او بائسا يستجدي المارة , بل ان اغلبهم من الاغنياء او متوسطي الدخل او لا اقل فوق مستوى خط الفقر ؛ مقارنة بمواطني محافظات الوسط والجنوب الاخرى .
ولو سمحنا للدعوات العنصرية والانفصالية بالتمدد والانتشار لأصبحت كل محافظة دولة , وكل مدينة اقليما مستقلا ؛ ولعل هذه الخطوات المنكوسة هي من افرغت محافظات شمال العراق سابقا , من سكانها الاصلاء وجعلت محافظة الانبار خالية من ابناء الاغلبية العراقية الاصيلة ؛ بينما قطن الغرباء والدخلاء فيها وبكل حرية …!!