يناير 24, 2025
448554542_1189579262073011_6824228325558031889_n

اسم الكاتب : عماد الزهيري

من المصطلحات التي وردت في كتاب القران الكريم : ( الاذن الواعية ) وقد ذكر هذا المصطلح مرة واحدة في سورة الحاقة : (( … وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ…)) , والمقصود بالإذن الواعية ؛ السامعة والحافظة والواعية والتي تعقل ما تسمع , ومما جاء في الاثر الشريف , ان رسول الله (ص) قرأ : ( وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ) ثم التفت إلى  الامام عليّ  (ع) ، فقال : ” سأَلْتُ الله أنْ يَجْعَلَها أُذُنَكَ”، فقال الامام  عليّ (ع)  : فما سمعت شيئا من رسول الله صلى الله عليه  واله وسلم فنسيته … ؛ وقال الصحابي بريدة  سمعت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يقول لعليّ: ” يا عَليُّ؛ إنَّ اللهَ أمَرَنِي أنْ أُدْنِيَكَ وَلا أُقْصِيَكَ، وأنْ أُعَلِّمَكَ وأنْ تَعي، وحَقٌّ على اللهِ أنْ تَعِي”، قال: فنـزلت ( وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ).

قد يستغرب بعض القراء والاصدقاء , من تطرقي لمثل هكذا مواضيع اسلامية وعقائدية وبعيدة كل البعد عن تخصصي العسكري , ودراساتي المتعلقة بفنون الحروب والاستراتيجيات الخاصة بالدولة والامن القومي … الخ ؛ نعم السبب الذي دفعني للكتابة في هذا الموضوع واستهلال المقالة بهذه الآية الكريمة , ما تعرض له بلدي العزيز من غزو ثقافي وحرب ناعمة تستهدف امن واستقرار المجتمع ؛ والذي يعتبر من اهم اوليات رجال الدولة والامن القومي والوطني ؛ فالقلم قد يفتك بالمجتمع وابناءه كما الاسلحة بل واكثر احيانا وللإعلام دورا سلبيا  لا يقل عن الهجمات العسكرية , اذ ان خسائر الحروب واستخدام الاسلحة ممكن ان تعالج , واما سموم الاعلام فقد تطيح بالوطن والمواطن وعلى المدى الطويل بحيث تتفاقم المشاكل والازمات يوما بعد يوم , ويصعب علاجها وتلافيها عند استفحالها .

وعليه لابد من مواجهة جيوش الحرب الناعمة والذباب الالكتروني والمواقع والفضائيات و وسائل الاعلام التي تعمل جاهدة اناء الليل واطراف النهار , لنشر الرذائل والظواهر السلبية والسلوكيات الهابطة في مجتمعنا المحافظ , وتهديم المنظومة القيمية والاخلاقية , وتغييب الهوية الوطنية الاصيلة , واستهداف الشباب وهم طاقة الوطن ومستقبل البلاد من خلال  مواقع وبرامج الاغراء والابتذال والشهوات والاستخناث والشذوذ والانحراف … الخ ؛ ولمواجهة الامور انفة الذكر , والتصدي لها واحباطها وافشال مخططات الدول المعادية في اضعاف الجبهة الداخلية الوطنية ؛ ينبغي علينا اتباع الخطوات التالية :

  1. مراقبة ورصد كل وسائل الاعلام في البلاد , وحظر المواقع التي تستهدف العراق والعراقيين , مع وضع معايير وطنية واعلامية ايجابية وتصب في صالح العراق والعراقيين وحث جميع العاملين في الاعلام والثقافة باتباعها .
  2. التحكم بساعات البث الفضائي وكذلك شبكة الانترنت , واتاحة مجال حر للشباب والمواطنين بممارسة الانشطة الحياتية المختلفة الاخرى ؛ كالقراءة والدراسة والزراعة والرياضة وباقي الفعاليات الايجابية , فالاستغراق في عالم السوشيال ميديا والانترنت قد يؤدي الى نتائج سلبية على الصعيد الشخصي والعام ؛ وكل شيء زاد عن حده انقلب الى ضده كما يقولون .
  3. انشاء المكتبات العامة الكثيرة والمختبرات العلمية في المدارس والجامعات والمؤسسات التربوية والتعليمية والثقافية وفي كل مدن وقرى ومحافظات البلاد , ورفدها بأفضل العناوين وبمختلف التخصصات والمجالات المعرفية والثقافية والعلمية , واخر الاصدارات العالمية بما يسهم في تنمية الطاقات البشرية والشبابية وتطور وازدهار البلاد .
  4. عمل ورش تدريب تنموية متنقلة  للشباب والموظفين والمواطنين ؛ تعمل على نشر الوعي بين المواطنين من خلال تمكينهم من القراءة الواعية واتقانهم لمهارة النقد , والتمييز بين الضار والنافع والسيء والجيد والقبيح والجميل والصالح والطالح والشر والخير , كي يتمكنوا فيما بعد من احباط مخططات الاعداء ومجانبة مواقع الشر والانحراف ومحاربة برامج الرذيلة والجريمة ؛ فالأذن الواعية تستطيع بسهولة معرفة الحق والصدق وكذلك كشف الباطل والتدليس والتضليل ؛ لان صاحبها يسمع اولا ثم يقلب وجوه النظر في ما سمعه وما شاهده ثانيا , ثم يعرضها على بساط النقد والتحقيق والتمحيص ثالثا , ثم الخروج بنتيجة واقعية وعلمية يتوصل اليها من خلال المقدمات المنطقية والتفكير السليم .  
  5. الشروع في تنفيذ المشاريع الثقافية والدورات التنموية والامنية , وبمستويات متعددة , والتي تهدف الى رفع المستوى الثقافي والمعرفي والتخصصي , والحس الامني للضباط الاعوان والمراتب وشريحة الامرين والقادة ؛ فهم العين الساهرة على حماية الوطن والمواطن , وهم أولى من غيرهم بضرورة معرفة وسائل الغزو الثقافي وطرق الحرب الناعمة الملتوية والتي تستهدف امن الوطن والمواطن ؛ والتأكيد على تنمية ملكة القراءة الواعية بشقيها العامة والتخصصية  ورصد التحركات والانشطة والفعاليات الاعلامية والثقافية المعادية من خلال الاذن الواعية  ؛ واعادة قراءة التاريخ المعاصر والاستفادة من العبر والدروس والمعارك التي خاضها الجيش العراقي والعربي مع قوات الاحتلال الاسرائيلية , وكذلك الاستفادة من الحروب التي خاضها الجيش العراقي خلال الخمسين عاما المنصرمة ؛ لاسيما حربنا مع التنظيمات الارهابية كالقاعدة وداعش وغيرهما من فلول وشراذم الاجرام والارهاب , وكذلك التأكيد على عميلة البناء المعنوي الرصين للطاقات والموارد البشرية ,و المنتجة لإرادة القتال المهنية مع مراعاة تحفيز منظومة القيم والاخلاق التي ستساعدنا في انتاج جيش مهني ووطني  ؛ يراعي حقوق الانسان ويصون أمن الوطن والمواطن .

1 thought on “الاذن الواعية

  1. الله تعالى يمن عليك بالاذن الواعية ويحفظكم من كل سوء. من سعادة المرء أن يرى امثال هذا التفكير بين القيادات العسكرية فهذا وحده وعي وبصيرة، سنين طويلة ونحن نعتقد بأن العقيلة العسكرية عقلية جامدة تتقيد بالاوامر فقط.ولكن في عراق اليوم نرى الخير يلوح في الافق .
    موفقين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *