اسم الكاتب : رياض سعد
انتشر في مواقع التواصل الاجتماعي خبر مفاده : ان الحكومات المحلية للمحافظات التالية : ( اربيل – دهوك – السليمانية – صلاح الدين – نينوى – كركوك – الانبار ) قد منعت منعا باتا دخول التكتك الى محافظاتها ومدنها والسير في شوارعها ؛ و تم المنع على اعتبار ان مركبة التكتك تعتبر ظاهرة غير حضارية … ؛ وقد يظن البعض ان مركبة (التك تك ) كانت تسير في شوارع هذه المحافظات قبل صدور هذا القرار , الا ان الحقيقة خلاف ذلك , اذ لم تنتشر مركبة ( التك تك ) في بعض المحافظات قط , فقد خلت منها شوارع المحافظات الشمالية – ( اربيل , دهوك , السليمانية ) – وادخلها البعض الى محافظة نينوى الا انهم فشلوا في ذلك , اذ رفضها السكان هناك باعتبار ان اجرة سيارة ( التكسي) رخيصة وبالتالي هم لا يحتاجون اليها , وكذلك هو الحال في بعض المحافظات والمدن الاخرى , وفي وقت سابق من عام 2023 صدرت عدة قرارات من مجلس الوزراء فيما يخص مجال تنظيم حركة السير والمرور في العاصمة والمدن الكبرى، وتقليل الزخم والحوادث المرورية الناتجة عن الاستخدام العشوائي للدراجات النارية والعربات المشابهة لها، فقد قرر مجلس الوزراء إقرار توصيات ورشة العمل المنعقدة في وزارة الداخلية لبحث معالجة ظاهرة انتشار الدراجات (تكتك، ستوتة ، دراجات نارية) ؛ اذ تم منع استيراد الدراجات النارية (التكتك والستوتة ) منعاً نهائياً … , و تحديد حركة سير الدراجات (التكتك والستوتة والدراجات الصغيرة دون (40) سي سي) وفقاً للآتي : أ. منع حركتها على الطرق السريعة والطرق العامة منعاً باتاً ... ؛ ب. يُسمح لها بالحركة بعد تسجيلها أصولياً في: (المناطق الزراعية، والمناطق السياحية المغلقة، والأزقة والطرق الضيقة والفرعية والمناطق السكنية)... الخ .
نحن في هذه المقالة لسنا بصدد الدفاع عن اصحاب و( سواق عجلة التك التك ) فقد ذكرنا ذلك في مقالتنا المنشورة ( التك التك قضية وطن ومحنة أمة ) وكذلك لسنا بصدد تصويب هذا القرار او شجبه , انما نحن بصدد بيان دلالات هذا القرار فقط لا غير , فلماذا بعض المحافظات لا تقبل بهذه المركبة وترفضها رفضا قاطعا بينما تستقبلها محافظات اخرى بالورود ؟!
المحافظات الجنوبية والوسطى تشبت بأعذار كثيرة ومنها : انتشار البطالة بين الشباب وارتفاع معدلات الفقر بين الناس وانعدام فرص العمل الكريمة … الخ , ومما لاشك فيه ان تلك المحافظات تعاني من شتى المشاكل والأزمات والظواهر السلبية فقد عانت من الاهمال المقصود والتخريب المتعمد طوال اكثر من قرن – منذ تأسيس الدولة العراقية المعاصرة عام 1921 حتى عام 2003 – ؛ اذ كانت السلطات الهجينة والحكومات الطائفية تنظر اليها نظرة دونية وعنصرية وطائفية حاقدة , واستمر الوضع بالتردي بعد عام 2003 بسبب الفساد وغيره , فالفرق بين تلك المحافظات والمحافظات الغربية والشمالية كبير جدا , فالمحافظات الشمالية والغربية تتميز بالطقس المعتدل والاراضي الخصبة والمياه الوفيرة والاجواء الجميلة والبنى التحتية الرصينة والحالة المعيشية الجيدة فضلا عن انخفاض اعداد السكان مقارنة بالمحافظات الجنوبية والوسطى , مما أثر ايجابا على المستوى الثقافي والتعليمي وغيره لأبناء تلك المحافظات , وهذا ما انعكس على حكوماتها المحلية من ناحية سن القوانين والاجراءات والقرارات او تقديم الخدمات , فما تراه المحافظات الجنوبية لائقا , قد ترفضه المحافظات الشمالية والغربية بل وتعده شاذا ومشينا ولا يليق بقامة المواطن العراقي , وما تفرح به المحافظات الوسطى قد يغضب تلك المحافظات , ومن أوضح الشواهد على ما ذهبنا اليه , أن التظاهرات الجماهيرية والاحتجاجات الشعبية المطالبة بالخدمات والبنى التحتية وتحسين ظروف المعيشة انما تخرج من المحافظات الوسطى والجنوبية فقط , وكأن الامر لا يعني بقية المحافظات المدللة سابقا وحاليا , اذ لا توجد مقارنة بين البصرة ( ام الخبزة ) واربيل , وكذلك شتان بين محافظة ميسان الغنية بالثروات وبين محافظة السليمانية … .
ولا أدري لماذا يصر المسؤول في المحافظات الجنوبية والوسطى على استيراد ونشر كل ما من شأنه الايحاء للآخرين , بأن مدن الجنوب والوسط شبيهة بالمدن الهندية والباكستانية والبنغلاديشية , ولماذا لا يعمل على رفع المستوى التعليمي والثقافي والمعيشي لأبناء جلدته , أهي قلة خبرة وسوء ادارة وفساد وانانية وحقارة ؛ أم ان الامر أكبر من ذلك , اذ لعلهم مأمورون بتشويه سمعة الاغلبية العراقية والحاق افدح الاضرار بأبنائها الاصلاء ؟!