اسم الكاتب : صادق السامرائي
الطائفيون الذين لا يدركون ما يجري من حولهم , يساهمون في بناء الأرضية اللازمة لتمرير مشاريع الفناء الماحق من الخليج الجائر إلى المحيط العاثر , وهم سكارى بخمور المذاهب والطوائف , والهذيانات الفقهية والتشريعية والتدميرية للحياة والدين , والقيم والمعايير والإخلاق والإنسان , وكل يحسب أن دينه هو الدين ومذهبه هو الحق , وربه هو الرب والجنة ملكه والنار من نصيب غيره , وما عرف جنة ولا نارا , ولا عمل معروفا , وما ينجزه منكر إبن منكر إلى آخر محطات النسب في مملكة المآليس المعممة بالبهتان والأضاليل السوداء.
عالم يتكاثر فيه الذين يحسبون أوهامهم وتصوراتهم دينا ومذهبا , وأنهم الآلهة والأنبياء وجاءوا للتبشير برسائلهم السماوية , وأوهامهم التي يسقكون دماء الأبرياء بسببها , لأن هواهم دينهم وربهم وكتابهم , وهم يسبّحون برغباتهم ونزواتهم , ويسهرون الليالي في منتجعات التنكيل بالحياة والإنسان.
فهم مخمورون ومدمنون على أشربة معتقة في أوعية العصور العفنة الظلماء , وكل شراب يحتسونه قد بلغ به عمر التعتيق طويلا , وما عادوا ينتمون لعصرهم , لشدة تأثير هذه الخمرة النادرة المركزة المؤثر في أعماق الوعي والإدراك , حتى لتُذهب جميع ما عندهم من بقية عقل وتعقل وحلم وإدراك.
إنهم بلا عقول , فهذه الخمرة أطارت العقول وخربت النفوس وشوهت القدرة على التلقي والوعي والإستيعاب , فتراهم يتراقصون حول مواقد إحتراقهم الجمعي , وتدفعهم ببعضهم نحو جحيمات الضياع والخراب والهلاك اللذيذ.
فالحياة لا يمكن حشرها في زوايا تعصبية طائفية , فهذه الزوايا تستوعب الأموات ولن تكون ميادين حياة , فإن كنتم تريدون الحياة فعليكم التحرر من قبضة الزوايا الحادة المطبقة على بصائركم , والإنطلاق في ميادين التفاعلات الإنسانية الرائعة , المعبأة بالمحبة والألفة والرحمة وعمل الخيرات , وصناعة المجد الإنساني الجماعي , الذي يرتقي إلى أسمى فضاءات العلاء والسؤدد والبهجة الرحمانية.
فإستفيقوا من التلاحي , وتخلصوا من التداحي في جحور تنعصرون فيها وتنثرمون لتطعمون للتراب , الذي لا يفرق بين مذاهبكم وطوائفكم , فالذي يعرفه أنه يلتهم لقمة سائغة طرية مطهية بحرارات التفاعلات .
فإذا كانت المذاهب عاهتكم وسرطانكم وطاعونكم , فلا خيار عندكم إلا أن تقهروها أو تهجروها , وخياركم الثالث أن تنقرضوا وتنمحقوا بها أجمعين!!
فتهذبوا ولا تتمذهبوا , وتواصلوا ولا تتقاطعوا , وتراحموا ولا تتزاحموا , وتوحدوا ولا تفرقوا , وكونوا مسلمين لا متأسلمين , إذا كنتم تؤمنون حقا بدين!!