اجرى اللقاء: د. جمال حسين
في حوار الساعات الثماني، قال كل منا ما يستطيع قوله ولم تمر دقيقة واحدة في هذه الساعات دون أن يقول الدكتور أحمد الجلبي رئيس المؤتمر الوطني العراقي وعضو مجلس الحكم المنتهية أعماله قبل فترة قصيرة، أشياء مهمة وجادة، في مظهرها وجوهرها.
كان حديثا استذكاريا كتحية طيبة لتلك السنوات الشاقة بعثها السياسي العراقي المخضرم كإحساس بالرضا تارة، وشعور بالحزن تارة أخرى، فقد تذوق كحال جميع الماشين على سنوات الجمر كل ما يمكن أن يحدث في هذا العالم غير الآمن.
وللنبرات حديثها، إن سرت في تذبذبات الحوادث، فلم يمانع في كشف أكثر الأسرار عمقا وأوجع لحظات المواجهة، في حالة من الغضب والهدوء، السخرية مرة وتزايد مراوح الأعصاب، عندما تتكاثر خناجر الأصدقاء قبل الأعداء.
رحنا سوية نستعرض النشوء والارتقاء لأوسع حركة معارضة لأقسى نظام، رواية بلسان واحد من أبرز لاعبي الأدوار الرئيسية عن العمليات العسكرية ضد النظام من الشمال والجنوب ولملمة كل الجهود في سبيل إنجازها من زاخو حتى العبدلي، عن السابقين واللاحقين، المنتصرين والراحلين دون أن يعرفوا بموعد الانتصار، عن تردد اللحظة الأخيرة ومشاكسات عملاء الوكالة المركزية.
خطط الملوك والثوار والضباط ودسائس الموظفين وخدام الدواوين، انقلابات طرحت نفسها قبل التنفيذ ولحظات نشوة ما أن تعبر الضفة الأخرى من الوطن توزع الخبز والحرية.
هذا الحوار الماراثوني الذي أبدى فيه الدكتور أحمد الجلبي مهارة في نسج الجواب على السؤال وقدرة جسمانية وفيزيائية ونفسية على تحمل مرارة الاستذكار وجرأة كشف الأوراق، بمثابة العربة التي حملت أسرار العراق ما قبل وما بعد رافعا اللثام عن المخطط السري الأميركي للسيطرة على العراق الى الأبد، موضحا الخطوات التنفيذية التي أجراها بول بريمر قبل ايام من رحيله لتبقى الولايات المتحدة ماسكة بقوة بكل خيوط اللعبة والحياة العراقية.
أنها أخطر التصريحات في أخطر الأيام، التي لا يمكن أن يكشفها، إلا سياسيون من طراز الجلبي، وليس في الأمر غرابة، فالذي قارع صدام لانه كان على خطأ، يمكنه مقارعة بريمر لو أعاد الكرة نفسها وأنشأ هيئات التفتيش ومحكمة الثورة وصناديق طوارئ تنهب ثروات البلاد.
بطمأنينة ودقة يفند الجلبي الادعاءات الأميركية فيما يخص أسلحة الدمار الشامل وشيفرة إيران والعلاقة مع الإبراهيمي والملك حسين وإدارة كلينتون وبوش وما بينهما من فواصل وشحوب مواقف.
عن أولئك الرجال الذين سقطوا من أجل حفنة من الحرية، وتلك الأيام الزاهية للهروب الكبير لمجرمي البلاد وتعقبهم من أجهزة المؤتمر والقوى الوطنية الأخرى.
تفاصيل مثيرة أزاح الستار عنها بجرأة عن فضيحة كوبونات النفط والخروقات التي تورط بها القائمون على برنامج «النفط مقابل الغذاء»، بيقظة المدقق والاقتصادي المتخرج من أعرق الجامعات الأميركية.
وحول الدقائق العاصفة التي تعرض لها بيته للانتهاك والضرب تحت الحزام الذي قال بأنه توقعه، في مداهمة المقاولين والشرطة المستأجرة لبيته ومقر تنظيمه وما تبع ذلك من تطورات خفت بعد إقالة عدوه الأول جورج تينيت.
تفاصيل اللقاء مع الأسير صدام في حمام المطار الذي لا يزال يحمل اسمه في خرائط الطيران والأسى الذي خلفته مناظر بغداد المدمر للأبن العائد بعد غربة طويلة.
بلا مساورة شك ولا يقين مجسم، نقدم لكم الدكتور أحمد الجلبي في خلوة سياسية – إنسانية، من الصعب جدا أن يكررها أحد معه، أو يعيدها هو مع أحد، في هذا النقاش الاستثنائي، الطويل، المنصهر مع الأحداث التي سجلت والأخرى المكتوب علينا البحث عنها في المدى.
الأميركيون يخرقون القانون الدولي باستمرار
> هل تؤيد الرأي القائل إن «المؤتمر الوطني» الآن أقوى من أي وقت سابق؟
– نعم، فالمؤتمر الوطني من أنجح المؤسسات السياسية، لأنه حقق جميع ما في برنامجه السياسي. وعند تأسيس المؤتمر كانت هناك ثلاثة أهداف: الأول، اسقاط النظام الدكتاتوري والثاني اقامة حكومة عراقية انتقالية تسعى، وهي ملتزمة، لاجراء انتخابات نيابية ديموقراطية حرة لتأسيس نظام ديموقراطي فدرالي تعددي في العراق وثالثا، تقديم صدام وجماعته للمحاكمة. هذه كانت أهداف المؤتمر عند تأسيسه وقد تحققت جميعها، وأصبح ذلك واضحا للعيان أمام الشعب العراقي ومن الجلي أن للمؤتمر الوطني دورا رئيسيا في اقناع الولايات المتحدة لارسال جيوشها لتحرير العراق.
> فلنتوقف في عام 1992 عندما اختارتك الأحزاب والشخصيات السياسية العراقية بالاجماع رئيسا للمؤتمر.
– لم يكن بالاجماع، فقد انتخبني 17 طرفاً وصوت ضدي 4، وكان المرشح الآخر المرحوم هاني الفكيكي الذي أصبح رئيسا للمجلس التنفيذي بعد ذلك.
> من الأربعة الذين صوتوا ضدك؟
– المرحوم طالب شبيب والمرحوم هاني الفكيكي وستار الدوري موجود في لندن والرابع نسيته. هذا حصل في مؤتمر صلاح الدين الأول عندما اجتمع المجلس التنفيذي لانتخاب رئيسه.
> هل تعتقد بأن مؤتمر صلاح الدين كان من أنجح مؤتمرات المعارضة؟
– كان ناجحا وولدت فيه تطلعات المؤتمر الوطني والخطاب السياسي العراقي الذي هو حتى الآن فاعل في المجتمع العراق وكطريق للعمل السياسي في العراق بعد التحرير، وهذه الأفكار هي التي سادت وانعكست في البنود الجيدة في قانون ادارة الدولة. لذلك فان المؤتمر كان الفكرة الأساسية التي ساهمت بشكل كامل في اسقاط صدام ووضعت الاطار السياسي لعملية ما بعد صدام الذي يتحقق الآن.
> حققتم أهدافكم الاستراتيجية التي أشرتم اليها، والمؤتمر الوطني العراقي بدأ قويا بالتحالفات بين أحزابه المهمة، غير أن هذه التحالفات انتهت الآن؟
– الخطاب السياسي لم ينته، وثمة غموض في كيفية عمل المؤتمر الوطني. فالمؤتمر كان تحالفا لأحزاب سياسية كبيرة وعناوين كبيرة، والمفروض أنها كانت تقدم، فضلا عن التأييد السياسي لأفكارها، الدعم والمساهمة العملية في الصراع ضد صدام.
من أجل البقاء
> هذا المفروض!
– لكن اتضح أن الأحزاب السياسية والتنظيمات التي كانت تعارض صدام كانت منهمكة بالصراع من أجل البقاء. ومنشغلة في تأمين الموارد لأفرادها وتشكيلاتها ولم تتمتع في البداية بالفائض من الامكانات لكي تدعم المؤتمر. وقد بان هذا الأمر بسرعة، ناهيك عن الدلائل، على أن هذه التشكيلات، لم تنجح في انشاء تحالف فاعل، على الرغم من محاولاتها العديدة في «جود» و «جوقد» (مختصر الحروف الأولى لأسماء الجبهات التي ضمت العديد من الأحزاب السياسية العراقية في ذلك الوقت – ج )وجبهة العمل المشترك، فلم يتم حشد دعم سياسي للأطراف المناضلة ضد صدام، لذلك لم تستطع البقاء.
> ما السبب؟
– الأحزاب والمفردات بقيت، غير أن التحالف بقي اسما فقط بلا أثر. وعندما تبينت هذه الحقيقة لنا وكل العاملين في المؤتمر الوطني، حصل القرار على أن المؤتمر سيعمل كمؤتمر بامكاناته مع المحافظة على التأييد السياسي للأحزاب. فالمؤتمر اتجه نحو تكوين أجهزة: اعلامية واستخبارية وعسكرية وتعبوية لمقاتلة صدام. بعد أن تحقق هذا الأمر، استفادت الأحزاب المنضوية في المؤتمر من ذلك، غير أنها في الوقت نفسه، وبسبب انخراطها في التنظيم السياسي وهيئات المؤتمر، برزت لديها الحساسية وما يمكن وصفه بـ «التوتر البناء»، بين جهاز المؤتمر، كجهاز فاعل في الاعلام والاستخبارات والأمن والقضايا العسكرية، وبين الهيئات السياسية للمؤتمر، التي هي الأحزاب المنفردة التي وجدت هناك. فتارة تستفيد هذه الأحزاب من وضع المؤتمر وامكاناته المذكورة، وتارة أخرى، تتبرم بحجة أن هذه الأعمال تجري دون علمها أو سيطرتها.
> ألم تتفقوا على آلية تمنع ذلك؟
– لم يكن ثمة مفر من هذا الوضع، اذا كنا نريد الاستمرار بالعمل والسير بهذا الطريق، لأن المؤتمر لو اعتمد على الأحزاب فقط، لكان قد لاقى مصير لجنة العمل المشترك أو «جود» أو «جوقد ». ولو أمال لحزب واحد أو اثنين من أعضاء المؤتمر، لما نجح في مسيرته، ولكانت الأطراف الأخرى قد اعترضت على صيغة الاعتماد على طرف واحد.
> أي الحلول كانت الأقرب لبلوغ أهدافكم؟
– ما اخترناه بالسير في الطريق الصعب بتفعيل الوضع في المؤتمر بواسطة التحالف السياسي للأحزاب التي هي المؤتمر، وبين الفعاليات الرئيسية في المجالات الدبلوماسية والعسكرية والسياسية والاعلامية والاستخبارية.
البدايات الصعبة
> أي شكل اتخذت هذه الفعاليات؟
– مثلا، كنا ننظم سفرات الى الأمم المتحدة لعرض طبيعة القضية العراقية، فقد نظمنا أكثر من 22 سفرة الى الأمم المتحدة، اشتركت فيها كل الأحزاب العراقية الرئيسية، ولكن المؤتمر كان الذي ينظمها وليس طرف آخر. ولا أذكر أن أي هيئة أو فئة سياسية عراقية ضمن هذا التحالف، دخلت في المضمار الدولي بالطريقة التي حققها لها المؤتمر. فهو الذي نظم الرحلات والزيارات وحصل على المواعيد، الى ذلك من ترتيبات، كانت صعبة للغاية في تلك الأوقات، وكان وجود الأحزاب السياسية ضمن وفود المؤتمر المتتالية، طبيعيا.
مجموعة الأربعة
> ألم يكن هناك تقريب أحزاب على حساب أخرى وكذا الأمر بالنسبة للشخصيات؟
– أبدا.
> مثلا، بروز «مجموعة الأربعة»!
– لا، غير صحيح، فمجموعة الأربعة كانت فكرة جاءت بها وكالة الاستخبارات المركزية، بتخطيط سياسي برأيهم يمكن أن ينفذ في العراق فيما اذا سقط نظام صدام. وما زالوا يحاولون في هذا المجال.
> لغاية الأيام الأخيرة التي التقينا بها قبل التحرير، كانت «مجموعة الأربعة» هي المسيطرة على الوضع.
– هذه المجموعة نشأت في عام 2002، من المجلس الأعلى والاتحاد الوطني الكردستاني والديموقراطي الكردستاني والوفاق الوطني، وحاولت الاستخبارات المركزية دفعها لتستحوذ على المعارضة وتكون زاوية من ثلاث التي كانوا يرغبون في انشائها لتتولى حكم العراق في المستقبل بعد النظام. وكانوا يطلقون على «مجموعة الأربعة» مصطلح «المعارضة الفاعلة» العراقية الموجودة في الخارج.
> كنت تعتقد أنها كانت هي «الفاعلة»؟
– هذه الأطراف كلها في المؤتمر الوطني، كذلك الخبراء العراقيون الذين قاموا بتدريبهم، والضباط العسكريون الذين اعتقدوا امكان استقطابهم، على أساس أن عملية التغيير يمكن حصولها تحت الضغط العسكري الاميركي. تأتي هذه الأطراف لتقول لهم أميركا: لديكم التاريخ النضالي ويمكنكم ادارة العراق. كانت هذه فكرتهم، ولم يحصل هذا بالطبع.
الزحف نحو بغداد
> حاولت اسقاط النظام عسكريا بجهود عراقية واتفقت مع الطالباني والبرزاني على الخطة القاضية بمهاجمة الموصل واعلان تمرد عسكري ضد نظام صدام، على أن يقوم المجلس الأعلى بحركة مماثلة في الجنوب. لكن ضعف التنسيق بين الأطراف العراقية وانعدام الثقة فيما بينكم، أدى الى فشل هذه المحاولة التي نرجو أن تحدثنا عنها!
– نعم، هذا حصل. لكن المحاولة لم تفشل، بل توقفت.
> وماذا حصل؟
– الذي حصل هو الآتي: كان تفكيرنا في محاربة صدام هو أن نقوم بمجابهة عسكرية معه في المناطق التي يضعف وجوده فيها والسيطرة على الأراضي تمهيدا للتقدم نحو بغداد مستعينين بالقوات المسلحة العراقية. كانت هذه الفكرة الأساسية لتحرير العراق من صدام من قبل العراقيين. لأن الانقلاب العسكري في بغداد حسب تقديرنا كان مستحيلا. فقمنا بالعمل على أساس هذه الفكرة.
> فكرة، أم تنفيذ على الأرض؟
– نعم، على الأرض في كردستان.
> ما آلية تنفيذ هذه الفكرة؟
– أنشأنا قوة عسكرية للمؤتمر من العراقيين العرب وأكثرهم كانوا جنودا وضباطاً في الجيش العراقي. وكانت هذه نواة القوة العسكرية للمؤتمر المدربة جيدا. والتف مقاتلون آخرون حول هذه النواة، أضف اليها قوات الأحزاب الكردية التي كانت لوحدها ومستقلة عن تشكيلات المؤتمر.
> أين كنتم تدربونهم؟ هل كانت لديكم معسكرات؟ – نعم، كان لدينا العديد من المعسكرات في شقلاوة و كلك وكلار.
> ومن أين حصلتم على السلاح؟
– اشتريناه.
> ممن؟
– من الجيش العراقي نفسه.
> على من اعتمدتم في الجيش؟ على الهاربين منه أم المؤيدين؟
– لا، الكثيرون التحقوا جنودا وضباطاً ووجدوا أنفسهم في هذه التشكيلات.
> كم وصل عددهم؟
– ألف شخص تقريبا والقوات التي حولها نحو 6 آلاف.
اللحظات الأخيرة
> هل تعتقد أن هذه الأعداد تستطيع هزيمة فيالق الجيش العراقي آنذاك والفيلقين الأول والرابع في الموصل؟
– الفيلق الخامس كان في الموصل. زد عليهم قوات الأحزاب الكردية، فالاتحاد الوطني الكردستاني شارك في العمليات العسكرية والحزب الديموقراطي الكردستاني رأى ألا يشارك في اللحظة الأخيرة.
> أرجوك دكتور اشرح لنا هذه «اللحظة الأخيرة» ووضح لنا كيف كشف أمركم؟
– الذي حصل أننا كنا نعلنه ولم يكن سرا، كنا نبشر به وهذا جزء أساسي في خطتنا، فالفكرة الرئيسية في صراعنا مع النظام، هو أن ما نقوم به ليس انقلاباً، حتى نخفيه، بل مجموعة متكاملة من العمليات العسكرية للاطاحة بالنظام، واضحة، ومستعد لها جيدا. وكنا نسعى باعلاننا هذا الى استقطاب تشكيلات الجيش العراقي النظامية الموجودة أمامنا.
> ودور قوات بدر؟
– كان هذا عملنا في الشمال، أما في الجنوب، فكانت لدينا مجموعات صغيرة من المقاتلين وكانت هناك قوات بدر في ايران العراق.
> وأين كنت؟
– كنت في صلاح الدين (المصيف في أربيل – ).
> من كان يسيطر عليها وقتذاك؟
– كان هناك مسعود (البرزاني )، فصلاح الدين لم تخرج من سيطرة الحزب الديموقراطي الكردستاني، وكان الاتحاد الوطني في أربيل في ذلك الوقت.
> لنتحدث في عملكم في الجنوب، لأنه غامض ولا أحد يعرفه؟!
– نعم، وبحثت الموضوع مع الشهيد السيد محمد باقر الحكيم.
> أين؟
– في طهران. وكان تنسيقنا قائما، غير أن العنصر غير المحدد وغير الواضح هو الموقف الاميركي من هذا الأمر. لأننا نعمل انطلاقا من كردستان العراق، وهذه المنطقة كانت تحت الحماية الاميركية، لذلك فان الأحزاب والقوى الكردية كانت حساسة جدا لما يريده الاميركان.
> والاميركان كانوا محترمين جدا للقانون الدولي!
– لا، أبدا، كان الاميركان يخرقون القانون الدولي باستمرار، فتحليق طائراتهم في المنطقة لم يستند إلى قرار للأمم المتحدة ومنطقة الحظر الجوي خارجة عن قرارات مجلس الأمن وكانوا يطلقون النار على القوات العراقية باستمرار. الذي حصل أن الاميركان لم يكونوا يمتلكون قرار اسقاط صدام.
مفارقات كلينتون
> أين كانت العلة، في الادارة؟
– في الادارة الاميركية، في عهد كلينتون لم يكن لديها قرار لاسقاط صدام، لسبب بسيط، هو عندما جمع كلينتون المسؤولين في وكالة الاستخبارات المركزية وسألهم عن خططهم في العراق وعن البديل، أجابوه بأن ليس لديهم هذا البديل، أجابهم حينها: عندما تعثرون على البديل تعالوا هنا وانفض اللقاء على هذا النحو.
> لماذا لم يكن لديهم البديل؟
– لم يكن لـ «سي آي ايه» رغبة في اسقاط صدام، ولم تشأ تحمل مسؤولية اسقاط صدام.
> لماذا لم يذكروا ذلك لكلينتون؟
– أنتم لا تعرفون هذه الأمور، دعني أوضح لك: كلينتون اعتبر العراق مشكلة ورثها عن بوش الأول. مشكلة عويصة له لأنه لم يكن يؤمن اطلاقا بالتدخل الاميركي في دول العالم الثالث، في الوقت نفسه، لم يستطع سياسيا التخلي عن مجابهة صدام لأن هناك قرارات مجلس الأمن وصدام يخالفها ويهدد المصالح الاميركية. هذه المعضلة التي وجد كلينتون نفسه فيها.
> كيف استطعت شخصيا وسط هذه الظروف انتزاع «قانون تحرير العراق» من هذه الادارة؟
– نعم، لكن هذا جرى بعد زمن. ولم يكن لكلينتون قرار بايقاف المساعدات والتعاون مع الأطراف العراقية المعارضة لصدام. ولم يكن عنده قرار بالغاء مناطق الحماية الجوية في الشمال والجنوب، لم يقدر أن يفعلها، ولم يكن هذا متاحا له ولا مقبولا سياسيا في أميركا، في الوقت نفسه، لا يمتلك خطة لاسقاط النظام حسب التوجه الذي كنا ندعو اليه. وقد قدمت شرحاً كاملاً لهذه الخطة لأطراف الادارة الاميركية في نوفمبر 1993. وجوبهت بصمت.
> من هي هذه الأطراف الاميركية؟
– كلهم، الخارجية والدفاع ومجلس الأمن القومي والاستخبارات.. كل الأطراف، قدمنا لهم هذه الخطة وجوبهت بصمت وسمعت بعدها كلاماً سلبياً جدا وضد توجهاتنا.
الحلقة الثانية غدا