اسم الكاتب : إلياس نصرالله
نفى زعيم حزب «المؤتمر الوطني العراقي» أحمد الجلبي، أنه سيكتب مذكراته الشخصية، فيما نزل الى الأسواق في لندن كتاب جديد باللغة الانكليزية يروي قصة عائلة الجلبي العراقية ويلقي الضوء على الخلفية العائلية والشخصية للسياسي العراقي المعروف أحمد الجلبي.
ويحمل الكتاب اسم «وصول متأخر لحفل شاي في قصر الغزلان» وهو من تأليف تمارا، كريمة أحمد الجلبي، وصدر عن دار النشر البريطانية الأميركية المعروفة «هاربر كولينز».
وتقول تمارا إنها قضت ثلاث سنوات وهي تعمل على تأليف الكتاب، الذي، اضافة الى كونه كتاباً عن عائلتها التي احتل أفراد منها مناصب مهمة في الحياة العامة في العراق خلال المئة عام الأخيرة، فهو كتاب تاريخ يتناول حقبة مهمة من تاريخ العراق الحديث، حيث نقبت في أرشيفات العراق وفرنسا عن وثائق استندت عليها، من ضمنها مجموعات من الصحف القديمة التي تروي قصصاً عن علاقة عائلتها وبالأخص جديها بالملك فيصل، الى جانب صناديق من المراسلات والأوراق الشخصية بالاضافة الى سلسلة طويلة من المقابلات مع أقاربها، برزت من ضمنها القصص التي رواها لها عمّها حسن الجلبي، وهو ضرير نتيجة تعرضه في صغره لعقصات من حشرة أفقدته نظره، وقد أهدت تمارا له الكتاب. وتقول تمارا (36 عاماً) انها عندما قررت تأليف كتاب عن تاريخ العراق الحديث وجدت أن أفضل وسيلة الى ذلك أن تروي قصة الأجيال الأربعة الأخيرة من عائلة الجلبي. وتعترف أن أكبر مشكلة واجهتها كانت كيف يمكن أن يخرج الكتاب من دون التركيز على شخصية والدها أحمد، ودوره كزعيم سياسي في العراق.
ويمتد الكتاب من فترة العهد العثماني الى الفترة ما بعد الحرب على العراق وعملية اعادة البناء التي يمرّ بها والتي برز خلالها دور أحمد الجلبي كزعيم لحزب المؤتمر القومي العراقي، أحد أبرز وجوه المعارضة لنظام حكم الرئيس العراقي السابق صدام حسين، والذي اشتهر بالدور الذي لعبه كمستشار لوزارة الدفاع الأميركية في الخطط التي رسمتها لاسقاط صدام. ولم تخلو سيرة والد تمارا من الفصول المثيرة، منها اتهامه بأنه ضلل الأميركيين والبريطانيين وكذب عليهم بالنسبة لأسلحة الدمار الشامل التي تبين أنها لم تكن موجودة في ترسانة السلاح لدى صدام، اضافة الى اتهامه من جانب الحكومة الأردنية باختلاس مبالغ كبيرة من المال وصدور حكم ضده بالسجن لمدة 22 عاماً من احدى المحاكم الأردنية بعد ادانته غيابياً بالتهم التي وجهت اليه.
وأحمد هو الأبن الأصغر بين تسعة أبناء لوالديه اللذين كانا يعيشان في بحبوحة في بغداد، حيث ذكرت تمارا أن جدتها كانت تعيش كـ«ملكة»، بينما جدها الأكبر هو عبدالحسين الجلبي الذي عاش في ظل العهد العثماني وبالذات في فترة الحرب العالمية الأولى. وكان آل شلبي الذين يتحدروا من عائلة شيعية مرموقة قد تسلموا مناصب عالية في ادارة الدولة في العهد العثماني وظلوا هكذا بعد سقوط الامبراطورية العثمانية وظهور الدولة العراقية الحديثة، لكن آل الجلبي الذين كانوا مقربين من النظام الملكي تلقوا ضربة قوية لدى وقوع ثورة 14 يوليو عام 1958 ففر أفرادها الى بريطانيا.
ووفقاً لتمارا كان والدها أحمد في الـ 14 عندما هاجر مع العائلة من حي الأعظمية في بغداد ليقيم متنقلاً بين بريطانيا والولايات المتحدة ولبنان. في عام 1969 حاز على الدكتوراه من جامعة شيكاغو وعمل بعدها مدرساً في الجامعة الأميركية في بيروت. في عام 1971 تزوج أحمد من ليلى عسيران، كريمة السياسي اللبناني المعروف عادل عسيران، وأنجبا تمارا التي نشأت مع أخويها وأختها في حي نايتسبريدج الراقي في وسط لندن، حيث درست هي وأخوتها في واحدة من أرقى المدارس في أوكسفورد، والتحقت بجامعة آيفي ليغ «كوليدج براون» الأميركية حيث درست اللغة الفارسية وتاريخ الشرق الأوسط، ثم انتقلت الى جامعة كامبريدج، لتعود لاحقاً الى «جامعة هارفرد» الأميركية لكي تحصل على درجة الدكتوراه. وتقول تمارا إنها تكره العيش في برج عاجي وترغب بأن تعمل في المجالات الأكاديمية، وكتابها عن عائلتها ليس الأول، بل ألفت في الماضي كتاباً عن اندماج الشيعة في الحياة العامة في لبنان.
وتروي تمارا عن صراع الأجيال بينها وبين والدها أحمد الذي يتدخل في طريقة لبسها ويحرص على ظهورها في بغداد بمظهر محتشم نسبياً، مع أنها لا ترى في طريقتها ما هو خارج عن حدود اللياقة والاحتشام. وتقول إن الحرب على العراق عام 2003 شكلت الحد الفاصل بين حياتها في المنفى والحياة في الوطن. لكنها لا تقيم في العراق طوال الوقت وهي تعيش بين بغداد واستانبول، وتقول إنها تشعر براحة كبيرة في منزلها الخشبي الواقع على ضفاف مضيق البوسفور. وتقول إنها عادت الى العراق في 19 أبريل عام 2003 مع والدها الذي عاد الى العراق في حينه وله صفة سياسية موقتة كوزير للنفط ونائب لرئيس الوزراء. وتقول إنها كانت متشوقة للعودة ولرؤية بغداد. وتشدد على أن الكتاب هو قصتها الشخصية وقصة العائلة ككل وليس قصة والدها أحمد.
وسأل مراسل صحيفة «دايلي تلغراف» أمس، أحمد الجلبي ما اذا كان سيكتب مذكراته الشخصية، فرد أحمد بالنفي. وتقول تمارا إنها تكن شعوراً خاصاً في داخلها الى بيروت مسقط رأس والدتها.