نوفمبر 22, 2024
7902FD61-B41D-41E6-8CC9-AC82710B266E

اسم الكاتب : وليد يوسف عطو


ياتي انقسام الهوية العراقية وتشظيها وتغريبها بسبب عوامل ايديولوجية وعقائدية سياسية وعرقية وقومية وطائفية ,استمدت افكارها من خارج العراق :
الاخوان المسلمون استمدوا فكرهم من مصر ومن السعودية . القوميون العروبيون والبعثيون والناصريون استمدوها من دمشق والقاهرة .
ولاية الفقيه الشيعية استمدت من ايران .
الماركسية بنسختها المشوهة , السوفيتية ,اللينينية – الستالينية والتي لاصلة لها بماركس استمدت من موسكو .
المقال منقول باختصار وبتصرف من كتاب (ميزوبوتاميا – موسوعة اللغات العراقية – سليم مطر )
مدخل فكري تاريخي – الهوية العراقية وخصوصياتها الثقافية – اللغوية
الملف الثاني – ملف اللغات الكردية .
يكتب الاستاذ سليم مطر عن المنظومة الايديولوجية القومية بقوله :
يمكن اختصار هذه المنظومة الايديولوجية بتسمية واحدة ( القومية العرقية )مثل العروبة والقومية الكردية والتركية والاشورية ….
اعتمدت هذه المنظومة على الفكر الاوربي الحديث بمدرستيه الفرنسية والالمانية . المفهوم الفرنسي منبثق من طبيعة فرنسا حيث لعبت الدولة الوطنية دورا اساسيا في توحيد الشعب الفرنسي وخلق الوحدة السياسية واللغوية وجعل فرنسا امة متكاملة . لذا قام المفهوم القومي الفرنسي على فكرة (الدولة – الامة )والانتماء للارض وتاريخها وشعبها , ومنح الجنسية على اساس ( حق الارض ) وليس على ( حق العرق او اللغة او الدين ). لم يفكر احد من الفرنسيين بطرح فكرة ( الامة الفرانكفونية ) التي تجمع شمل الدول والمناطق الناطقة بالفرنسية في بلجيكا وسويسرا ولوكسمبورغ وكندا , لان الامة الفرنسية قائمة على الدولة الفرنسية والارض الفرنسية وعلى التنوع اللغوي .اما المفهوم القومي الالماني فانه على العكس , منبثق من طبيعة تاريخ الالمان الذين كانوا مشتتين بين امارات ودول اجنبية , لهذا فان مفهومهم القومي استند على اساس اللغة والعرق والاعتقاد بان الامة الالمانية قائمة اينما يوجد من يتكلم الالمانية وينتمي الى العرق الالماني الاري المزعوم . وتجلى هذا الفهم العرقي بالحركة النازية ونسخته الفاشية الايطالية .
هذا المفهوم العرقي اللغوي لايزال سائدا في اسرائيل بنسخته العبرية الصهيونية وهو ما يسمى ب ( حق العودة ) ومنح المواطنة الاسرائيلية لكل يهودي في العالم , بالوقت الذي يتم فيه نفي حق المواطنة للفلسطينيين ابناء الارض الاصليين لعدم انتمائهم للعرق اليهودي المزعوم .
هذا الفهم العرقي الايديولوجي المغلف باللغة والدين والتاريخ المشترك انتج مايسمى زورا وبهتانا بالامة العربية الواحدة والتي لم تكن يوما امة واحدة .
ان شروط صيرورة الامة يتطلب اقتصادا موجدا تكامليا وعملة موحدة ووحدة سياسية وارادة سياسية واستقرارا سياسيا لتوحيد اجزاء البلاد وهذا غير متوفرعند العرب . ثم ان البلدان العربية تحتوي على اقليات كثيرة وكبيرة كالاكراد والتركمان والامازيغ والارمن والمسيحيون من السريان والكلدان والاثوريون وغيرهم .
وفي نفس الاتجاه العرقي القومي ظهرت الحركات التركية والكردية والاشورية التي تدعو الى دولة اشور الكبرى وهناك من يحاول اعطاء المواطنة والجنسية العراقية والسورية لكل مسيحي سرياني وبكل الناطقين بالسريانية على طريقة اسرائيل .وهكذا قامت النخب العراقية والشامية بتكوين الحركة القومية العروبية العنصرية في استنساخ حرفي للطروحات العرقية للحركة الجرمانية والطورانية والصهيونية . وعلى اساس هذه العروبة ساد الاعتقاد بان جميع الناطقين بالعربية هم انقياء عرقيا ومنحدرين من قبائل الجزيرة العربية .
ان الفضل الاكبر في انتشار التيار القومي العروبي العنصري يعود للمستشرقين الغربيين الذين بدوا باعادة كتابة التاريخ على نمط مافعله لاحقا صدام حسين والبعث من اجل تبرير الاطروحات الصهيونية بان شعب فلسطين هو عرقيا عربي وهو غريب عن فلسطين وقادم من الجزيرة العربية وان يهود العالم هم الاحفاد العرقيين لسكان فلسطين .
منذ نهاية القرن التاسع عشر بدا المؤرخون الاوربيون والعرب بكتابة تاريخ البلدان العربية على اساس القطيعة التامة , عرقيا وحضاريا ودينيا ولغويا بين تاريخ الشعوب العربية بعد الفتح العربي الاسلامي وتاريخها السابق , بما انه ناطق بالعربية ومسلم فهو بالتاكيد ينحدر عرقيا وقبائليا من عرب الجزيرة العربية وليس له علاقة بالمصريين القدماءاو السوريين او العراقيين القدماء . بل ان البعث والقوميون العرب عملوا على تعريب الكنعانيين والاشوريين والكلدانيين وجعلوهم عربا . وهكذا بسبب هذه الايديولوجيات التغريبية انقسم العراقيون …
تشكل الهوية العراقية الرافدينية
لقد تشكلت الهوية العراقية في العراق القديم في الدولة السومرية والاكدية على وحدة الارض والتاريخ والشعب وليس على العرق او الدين او اللغة .
لقد كانت ملكية الاراضي في العراق القديم تعود للاله وحده . ولهذا كانت الارض فعليا ملكا للدولة . وتثبت البحوث والاكتشافات الاثارية ان الحياة في العراق القديم قائمة على مشاعيات زراعية , تكون ادوات الحقل والحيوانات المستخدمة في الزراعة والمحاريث والحبوب مشاعة بين مجموعة قرى . وعندما اراد الملك سرجون الاكدي التصرف بملكية الارض دون قصة ميلاده الاسطوري التي اخذها العبرانيون ونسبوها الى موسى !!!. وبذلك اصبح الملك الها واصبح بامكانه التصرف بالارض وحده وتقسيمها وتوزيعها بدون موافقة الاله او وكيله الكاهن الاعظم . هذا المسار في تطور الملكية في الشرق قديما اطلق عليه تسمية ( النمط الاسيوي للانتاج ).
وبعد الفتح العربي الاسلامي اصبحت البلاد المفتوحة ومنها العراق والشام ومصر ارضا خراجية مملوكة للدولة . وقد حرم عمر بن الخطاب توزيع الاراضي هذه على قادته . وربما هذه يفسر اغتياله بايد فارسية ولكن بتخطيط وتمويل من تجار قريش الامويون !!!
لقد وحد العراقيون قديما الارض بتنوعها الطبيعي ووجود نهري دجلة والفرات وهما العامل الاساس في التوحيد في دولة واحدة لامة تقوم على وحدة الارض وليس العرق او اللغة او الدين . حيث كان هناك تنوعا كبيرا في العراق القديم في الاعراق وفي الاديان وفي اللغات .
وفق نفس المسار الذي سارت به القومية العنصرية العربية والتي انتجت ايديولوجيا عنصرية وتاريخا مزورا ,قامت الحركة الصهيونية بتبني فكرا عنصريا قوميا انتج مايسمى بشعب اسرائيل وحق العودة والنظرية الصهيونية استنادا الى تاريخ ممعن في تزويره .وعلى هذا المنوال تقوم الحركة الكردية بانتاج نظرية على الطراز العروبي العنصري والقائمة
على استنساخ النظرية القومية الالمانية بنسختها الكردية والذي كان تراثه شفاهيا على مر العصور ويعود اقدم تراث شعري شعبي مكتوب بخط عربي وباللغة الكرمنجية الى القرن الحادي عشر للشاعر علي الحريري .
وبدات الحركات الكردية بانتحال ميرث الشعوب المجاورة من ميديين وفرثيين رغم انهم ليسوا اكرادا .
يكفي الاكراد فخرا انهم كانوا جزء اساس من الدولة الاشورية بلغتها وثقافتها السامية رغم ان الاكراد ليسوا ساميين ولكن كما كتبنا في هذا المقال ان الدولة العراقية القديمة كانت قائمة على حق الارض .ان قيام امة كردية واحدة توحد اجزاء كردستان الكبرى يتطلب الارادة السياسية ووحدة الارض سياسيا واقتصاديا وهذا غير متوفر حاليا وبالتالي لايمكن الحديث عن امة كردية واحدة مثلما لايمكن الحديث عن امة عربية واحدة لنفس الاسباب ..
على المودة نلتقيكم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *