اسم الكاتب : وليد يوسف عطو
كتب البروفيسور ميثم الجنابي وهو استاذ مادة الفلسفة في الجامعة الروسية بموسكو في كتابه الجديد ( فلسفة الهوية الوطنية العراقية )ط 1- 2012-الصادر عن كل من :
دار ميزوبوتاميا (مازن لطيف )- بغداد – شارع المتنبي ومكتبة عدنان – بغداد –شارع المتنبي .
– ان العراق هوية ثقافية سياسية ,ويسمي ميثم الجنابي الهوية الوطنية العراقية ب (الاستعراق ) .
– وان العراق ليس تجمع اعراق .
– وان العراق غير معقول ولا مقبول خارج وحدة مكوناته الرافدينية و العربية – الاسلامية .
– وان العربية الاسلامية هي جوهر ثقافي .
– وان الهوية الثقافية للعراق هي (الاستعراق ).
– وان الخروج على الاستعراق هو رجوع الى العرقية .
ومن ثم فهو خروج على منطق الهوية الثقافية للعراق والعراقيين ,وعلى مكونات وجودهما الجوهرية .
يؤكدالمفكر والباحث وليد مهدي ان السومريين اول من صنع الهريسة التي تقدم من قبل الشيعة العراقيين بمناسبة استشهادالامام الحسين بن علي في معركة الطف .وان صناعة الخبز هي صناعة لاحقة ومتاخرة عن صناعة الهريسة والتي هي سهلة العمل والطبخ . حيث ان الخبز (والكلام للاستاذ وليد مهدي ) يحتاج الى طحن الحبوب من حنطة او شعير او غيرهما من الحبوب . ومن ثم عملية اعداد العجين وتخميره ومن ثم الشواء في الفرن .وكلها مراحل عمل معقدة تحتاج الى خبرة متراكمة تاريخيا .واكد الاستاذ وليد مهدي ان البكاء واللطم على الاله تموز وعشتار انتقل تاريخيا وحضاريا الى البكاء واللطم على الحسين .
ان الهوية الوطنية العراقية (الاستعراق )هي هوية ثقافية وحضارية جامعة تستوعب جميع الحضارات من سومر وبابل واشور وصولا الى الحضارة الارامية المسيحية وصولا الى الحضارة العربية الاسلامية .لم يفرق السومريون والبابليون بين مواطنيهم على اساس الدين او العرق او الالهة .اما القومية فهي كلمة مترجمة من اللغات الاجنبية وليس لها مقابل في( العربيا )كما يؤكد الباحث هادي العلوي .
وقد تبنت الحركات القومية العروبية والكردية المشروع العنصري للقومية الالمانية القائم على التفوق العرقي وعلى اعتبار كل الماني يسكن خارج المانيا هو جزء من الامة الالمانية .وهو نفس مشروع القومية العنصرية الاسرائيلية –الصهيونية .اما العروبة فهي هوية ثقافية وليست حزبية وهي ليست ايديولوجيا عكس مفهوم القومية .
من هنا كان تصادم الاحزاب القومية العروبية العنصرية مع مضاداتها من الاحزاب القومية العنصرية الكردية .
ان الايديولوجيا التغريبية لاتصنع سوى الانغلاق على الذات ومعاداة الاخرين .وتصنع تاريخا اسطوريا وهميا , لاعلاقة له بالواقع .وهكذا وجدنا في الوقت الذي يصوت فيه الاكراد في العراق لصالح الدستور الدائم والذي اعطاهم الفيدرالية كشكل من اشكال حق تقرير المصير , نجدهم يخرجون من التصويت الى بناية مجاورة للتصويت على حق الانفصال ,وتلك هي مفارقة مضحكة !!!
يؤكد البروفيسور ميثم الجنابي : ان دروس التجربة التاريخية للعراق الحديث تكشف ان مصدر ماساته تكمن في عدم تكامله الذاتي .اذ يستحيل بلوغ التكامل دون تكامل الاحزاب والنخب السياسية في رؤية وطنية واجتماعية واقعية وعقلانية .فالتجزئة القومية الضيقة والعرقيةوالطائفية الاخذة في الصعودهي الوجه الظاهري للانحطاط الباطني . وكلاهما لايصنع معاصرة ولا تحديث ولا اجماع شرعي . مما يجعل الجميع بالضرورة ضعيفا من حيث امكانياتهم الوطنية ..اما النتيجة الحتمية لهذا السلوك فهو استعداد الاحزاب والنخب السياسية للخيانة الاجتماعية والسياسية .وهو امر جلي عندما ننظر الى ماتقوم به النخب السياسية التي اشتركت في تاريخ مديد ضد الصدامية .
يؤكد البروفيسور الجنابي ان المستقبل تحول عند التيار الليبرالي الى مجرد حلم .من هنا كان ولعه بالمستقبل ادبيا وبلاغيا وخياليا .فهو لم يرتق حتى الى مصاف الرؤية السياسية المنظمة .اما الفلسفة فقد بقيت بالنسبة له جزء من الاثارة الفردية . من هنا ظهوره السريع واندثاره السريع ,وتحولاته المفاجئة من اقصى اليسار الى اقصى اليمين .ومن العبث الى السلفية .وفي ترديده السمج احيانا للافكار المستعارة يجد مايعتقده اكتشافات جديدة ومثيرة ! .
اما التيارات الشيوعية العراقية فقد كانت وريثة التجارب الخارجية . ومن ثم لم يكن لتنظيرها للقضايا الوطنية الكبرى عموما اكثر من ترديد اجوف لشعارات لم تدرك على الدوام حقيقتها ومعناها .او ان ادراكها كان مستلبا بمستوى فهمها للتاويل الذي يقدمه الاخرين .اذلانعثر عندها على رؤية واضحة المعالم لها ابعادها التاريخية الوطنية .بمعنى انها لم تؤسس لفلسفة تاريخية خاصة بالعراق تستند بدورها الى فلسفة تاريخية عن العالم العربي .اذ لم يتعد ماكانت تعتقده فكرا بهذا الصدد اكثر من كومة شعارات مغرمة بالدفاع عن الاقليات .
ولاتستطيع هذه النفسية والذهنية ان تبدع فلسفة شاملة للاصلاح الحقيقي في العراق .الامر الذي جعلها على الدوام خارج المعاناة الفعلية لتاسيس الرؤية الوطنية (العراقية او الاممية )والقومية (العربية ) للاصلاح .
يرى كاتب المقال ان فشل التيار الليبرالي والماركسي – الشيوعي سببه استنادهما الى نظريتين تغريبيتين همانتاج المجتمع الاوربي الصناعي الراسمالي المتطور .الاولى (الماركسية ) , والثانية النظرية السياسية والاقتصادية الليبرالية . وكلتاهما وليدتا المجتمعات الراسمالية المتطورة في حين ان مجتمعاتنا العربية – الاسلامية هي مجتمعات متخلفة .
وبذلك لاتستطيع التيارات الشيوعية والليبرالية العربية ان تغير من قوانين المجتمع وعلاقات الانتاج وقوانين ونمط التشكيلة الاقتصادية- الاجتماعية للمجتمع .لذا فان ازمة وضعف التيارات الماركسية والليبرالية في وقوفهما ضد حركة ومجرى التاريخ والواقع والقوانين الاقتصادية لمجتمعاتنا , في محاولة منها (وهي محاولة تغريبية ) في استنساخ التجربة الغربية المتطورة على مجتمعاتنا المتخلفة . وبذلك اسهم هذان التياران من دون ان يدريان في وقف التطور الطبيعي لمجتمعاتنا نحو الراسمالية .واصبح خطابهما اجوفا لايفهمه البسطاء ولا العقلاء ولا المثقفون .
كتب احد الامريكيين عن حالة العراق بقوله :
( ان الولايات المتحدة ليس بامكانها القيام بما كانت تقوم به روما ,اي فكرة المواطنة .ففي الامبراطورية الرومانية,كان كل من يخضع لسيطرتها يصبح مواطنا بالضرورة .وهذا اقرب الى المستحيل بالنسبة الى الولايات المتحدة الامريكية والعراقيين . من هنا فكرته القائلة :
( نحن نريد ان نعطي لهم ثمار الحضارة وليس الحضارة بحد ذاتها .اذ يحرم عليهم ذلك ! . وفيما لو جرى تطويع هذه الفكرة ضمن السياق السياسي,فانهاتعني ان الولايات المتحدة تريد ديمقراطية عبيد ! وهي مفارقة تفوق كل الاحتمالات الممكنة في يوتوبيا الامبراطوريات القديمة .لكنها لاتفعل حالما ننظر اليها ضمن مسار التاريخ الفعلي سوى الايغال في رمال الطوباوية النفعية . وعندما تصبح الطوباوية النفعية المخرج الوحيد للامبراطورية ,فان ذلك يعني بالضرورة بداية انهيارها المعنوي .
ان تحويل تحرير العراق من الدكتاتورية الصدامية الى احتلال باسم الديمقراطية لايمكن ان يؤدي في كلتا الحالتين الا الى تصنيع جمهورية العبيد .اي جمهورية ميتة .فكما ادى وهم الاميراطورية الصدامي الى عراك مع العراق وانهاك قواه المعنوية بحيث جعله فريسة سهلة الاحتلال .فان محاولة تقديم الاحتلال تحريرا لايصنع غير اوهام السيطرة والاستحكام .
للحديث بقية ..
على المودة نلتقيكم …حول نفس الموضوع راجعوا مقالتي (الانقسام والصراع حول الهوية العراقية ).