اسم الكاتب : وليد يوسف عطو
(لقد عملت الاحزاب على توظيف الثقافة في خدمة السياسة ومن
هنا حدث الخراب العام )
في البحث عن الهوية واشكالاتها وتحدياتها والبحث في التاريخ القديم والحديث علينا البحث من ناحية انثروبولوجية لانها تمثل روح الشعب والامة ولا تنحاز لجهة حزبية او سياسية او ايديولوجية .
في السياسة هنالك اغلبية واقلية , بينما في الانثروبولوجيا ليس هنالك اغلبية او اقلية .في دراسة الواقع العراقي علينا التفتيش عن التعايش الاهلي للسكان لانها تمثل الحالة الطبيعية , اما الصراعات والعنف فتمثل الحالة المؤقتة .علينا البحث في طبيعة مجتمعنا وتطوره الاقتصادي والنفسي والاجتماعي وليس البحث عن تاريخ الملوك والزعماء والقادة .
علينا العمل على مصالحة مجتمعية لم تحصل الى اليوم تحت شعار
(نتسامح لكننا لاننسى )حتى لاتتكرر الماسي مرة اخرى .التاريخ عند اصحاب الفكر الشمولي هو تاريخ انتقائي واقصائي , حيث عملوا مونتاج لحقب كاملة من تاريخنا وقاموا بابراز احداث تخدم فكرهم الشمولي . ومن هنا جرى حذف تاريخ الحضارة المسيحية في العراق وبلاد الشام والحضارة القبطية في مصر وتاريخ اليهود ورموزهم الكبيرة .
اليوم يعاد كتابة التاريخ باقلام احزاب الاسلام السياسي بصورة انتقائية من ناحية دينية وطائفية وبذلك يتم استبعاد باقي الجماعات السكانية .ان تشكيل الدولة يستدعي بالضرورة قيام سوق اقتصادية محلية لتبادل السلع بين الريف والمدينة وكذلك بين المدن المختلفة , وكذلك التبادل التجاري والسلعي بين العراق وبين الدول الاخرى .
هذا الامر يعمل على زيادة ارتباط الجماعات السكانية فيما بينها في امة واحدة من ناحية انثروبولوجية ,على الرغم من تعدد الديانات والاعراق والقوميات والالسن .مشروع الاحتلال الامريكي عمل على تفتيت الهوية العراقية واطلاق تسمية المكونات على الجماعات السكانية المختلفة ,وتقسيم الجماعة السكانية الواحدة الى اجزاء اصغر .وبذلك يحاول المستعمر تفعيل مشروع تقسيم العراق ,رغم ان من الصعوبة تقسيم العراق.
العراق من ناحية سياسية تاسس عام 1921 وضم ولايات الموصل وبغداد والبصرة ,وقد شجع نوري السعيد بريطانيا ووجهاء الموصل على المطالبة بضم ولاية الموصل الى دولة العراق .اتهمت احزاب المعارضة العراقية نوري السعيد بالعمالة لبريطانيا في حين انه كان من المؤسسين للمملكة العراقية مع جلالة الملك فيصل الاول وعمل على وحدة الشعب العراقي والدولة العراقية وفق نظام المؤسسات البريطانية في التعليم والقضاء وفي الجيش والشرطة . اما العراق من ناحية انثروبولوجية فهو وحدة بلاد مابين النهرين ويمثلها وحدة الماء والارض ,نهري دجلة والفرات مع وحدة الارض .ورد اسم العراق في المصادر العربية منذ الف سنة واصل كلمة عراق من ( اوروك ) وكان يمثل العراق قديما بلاد سومر وبابل واشور وكانت مساحتها تضيق او تتوسع بحسب قوة الدولة او ضعفها .
كانت تمتد حدود بلاد مابين النهرين من شمال الموصل الى الخليج جنوبا قرب البصرة .والى عبادان شرقا ومن هنا جاء المثل المشهور (ماكو ورا عبادان قرية ) اي ان عبادان تمثل حدود العراق من الجانب الشرقي.لقد عمل حلف بغداد والذي ضم دولة الباكستان وايران وتركيا والعراق وبريطانيا والولايات المتحدة الامريكية كعضو مراقب على ضمان امن دول الحلف وبذلك تم تامين حدود العراق .
الا ان الامور تغيرت بعد الاطاحة بالنظام الملكي حيث توترت علاقات العراق مع دول الجوار خصوصا في زمن صدام حسين .وادت الى حروب عبثية وتخريب الاراضي الزراعية وشحة كبيرة في مياه دجلة والفرات مثلما يحصل الان .ان الصراع على النفوذ بين بريطانيا والولايات المتحدة الامريكية ادى الى انتقال السيطرة والقوة بيد الولايات المتحدة الامريكية عن طريق الانقلابات العسكرية.
وظهرت فوق الارض الاحزاب السياسية والشمولية وكان قسم منها ادوات بيد القوى الاقليمية والدولية .لقد اهتمت الاحزاب بالسياسة والايديولوجيا واهملت الانثروبولوجيا (علم الانسان – الاناسة ) وبذلك دخلت في صراعات فيما بينها ادت هذه الصراعات الى سحق الشعب والطبقة الوسطى وتدمير العراق .
ان وقوع العراق تحت نير احتلالات متعددة عبر التاريخ جعلت الفلاح يقع تحت نير العبودية , بالاضافة الى تشبعه بالطقوس الدينية . ولكن ان الانقلابات والاحداث الكبرى في المجتمع مثل احداث 14 تموز 1958و احداث الغزو الامريكي للعراق عام 2003 وغيرها من الاحداث جعلت الفلاح يتحرر من العبودية وينتقل الى الفوضى وكانت النتيجة اعمال العنف والنهب والسرقة والقتل . وبعد ان تستقر الامور يعودالفلاح الى العبودية باشكال مختلفة .
لماذا يكرهون الدكتور علي الوردي ؟
يعتبر الدكتور علي الوردي رائد ومؤسس على الاجتماع في العراق المعاصر وهو خريج ارقى الجامعات الامريكية .لكن ممايؤسف له ان البعض من المثقفين من اصول الاحزاب الشمولية يهاجمون الدكتور علي الوردي لانه كان ليبرالي النزعة وغير ايديولوجي ولا يكتب في السياسة اليومية وكان ضد هجرة الفلاحين الكبيرة من ريف جنوب العراق الى بغداد والمدن الكبرى . انهم في عقلهم اللاواعي يكرهون علي الوردي ابن مدينة بغداد وابن الكاظمية .لقد عملت الاحزاب السياسية على اهمال الهوية الانثروبولوجية لصالح الاوهام السياسية . لقد عملت الاحزاب على توظيف الثقافة في خدمة السياسة ومن هنا حدث الخراب العام .
البحث عن الهوية في خلق الانسان
لقد طلب الله من الملائكة , بحسب القران الكريم , ان يسجدوا الى ادم , فسجدوا الا ابليس ابى واستكبر .لماذا رفض ابليس السجود من ناحية انثروبولوجية ؟
الجواب : لان السجود يتعرض مع وحدانية الله . كيف نفهم هذا الامر ؟عندالبحث في الميثولوجيا اي علم الاساطير وهي جزء من الانثروبولوجيا وعند قراءة سفر الخليقة البابلية نجد انه لبم يكن في البداية اسم .انسان بدون اسم لاوجود له ولا هوية له مثل الجنين في بطن امه . في نظرية يهوا من التوراة يطلب الله من ادم ان يعطي اسماء البشر والحيوانات .
ان الله خلق الانسان خلقا عاما بدون هوية ودون اكتمال الصيرورة , لكن ادم اعطى الاسم وهي الهوية لكل اسان وحيوان . ومن هنا اكمل ادم دور الله في الخلق فاستوجب السجود له .
العراق اليوم بدون صيرورة وبدون هوية ..
هويتنا تتم ابادتها قسريا ..
فماذا نحن فاعلون ؟