الكاتب : فاضل حسن شريف
قال الله تعالى عن كلمة الوقت ومشتقاتها “يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا ۖ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي ۖ لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ۚ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً ۗ يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا ۖ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ” ﴿الأعراف 187﴾، و “إِلَىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ” ﴿الحجر 38﴾، و “إِلَىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ” ﴿ص 81﴾، و “يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ ۖ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ۗ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَن تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَـٰكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَىٰ ۗ وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ” ﴿البقرة 189﴾، و “فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمْ ۚ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ۚ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا” ﴿النساء 103﴾، و “وَوَاعَدْنَا مُوسَىٰ ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ۚ وَقَالَ مُوسَىٰ لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ” ﴿الأعراف 142﴾، و “وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ۚ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَـٰكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا ۚ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ” ﴿الأعراف 143﴾، و “وَاخْتَارَ مُوسَىٰ قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِّمِيقَاتِنَا” ﴿الأعراف 155﴾.
قال الله تعالى “فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ” ﴿الشعراء 38﴾، و “إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ” ﴿الدخان 40﴾ مِيقَاتُهُمْ: مِيقَاتُ اسم، هُمْ ضمير، إن يوم القضاء بين الخلق بما قدَّموا في دنياهم من خير أو شر هو ميقاتهم أجمعين، و “لَمَجْمُوعُونَ إِلَىٰ مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ” ﴿الواقعة 50﴾، و “وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ” ﴿المرسلات 11﴾ أقتت فعل، أُقِّتت: جُعل لها وقت واحد، قيل: هو يوم القيامة أو جعل لها وقت واحد للفصل في القضاء بين الأمة، الرسل أُقتت: جمعت لوقت، فإذا النجوم طُمست وذهب ضياؤها، وإذا السماء تصدَّعت، وإذا الجبال تطايرت وتناثرت وصارت هباء تَذْروه الرياح، وإذا الرسل عُيِّن لهم وقت وأجل للفصل بينهم وبين الأمم، يقال: لأيِّ يوم عظيم أخِّرت الرسل؟ أخِّرت ليوم القضاء والفصل بين الخلائق، و “إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا” ﴿النبإ 17﴾ ميقاتا اسم، كَانَ مِيقَاتًا: مؤقت بوقت معين، كان ميقاتا: وقتا للثواب والعقاب، إن يوم الفصل بين الخلق، وهو يوم القيامة، كان وقتًا وميعادًا محددًا للأولين والآخرين، يوم ينفخ المَلَك في القرن إيذانًا بالبعث فتأتون أممًا، كل أمة مع إمامهم.
جاء في شبكة علم الزمن والوقت عن كتاب مفهوم الزمن في القرآن الكريم للدكتور محمد بابا عمي: الزمن يغوص في كل جزئيات الكون، ويحسه كل مخلوق، فيتأثر به ويؤثر فيه، وهو لا ينفصل عن الطبيعة، ولا الكواكب، ولا الأحجار، ولا الأشجار ولا عن الذرة، ولا الخلية وهو حاضر في كل هؤلاء حضورًا أكيدا. وهو من جهة أخرى يسري في جميع سور القرآن وآياته وحروفه، تتذوقه أبسط العقول فهماً، وتتملاه أكبر العقول إدراكاً، وما ذلك إلا للاتساق بين القرآن وبين الكون، شكلاً ومضموناً، فهما من تأليف مؤلف واحد هو الخالق جلَّ علاه. والقرآن الكريم لا يفرد لموضوع الزمن سوراً ولا آيات خاصة به، فهو يخالف بالتالي منهج الدراسات المعاصرة التي تؤلف خصيصاً لهذا الموضوع أو ذاك، وتعنون أبوابها وفصولها بعناوين تحمل دلالة زمنية مجردة، تفصل في ثنايا الكتاب تفصيلاً متسلسلاً وملتزماً بصلب ذلك الموضوع.بل هو يسري أي الزمن في القرآن الكريم، سريان الزمن في الوجود العظيم، ولا يختلف في هذا الحكم اثنان، ولكن الذي يستعصي على الأفهام هو تحديد حجم ونوعية تلك الكثرة والسعة، تماما كما يصعب على أرقى العقول تحديد مفهوم الزمن في الوجود، رغم سهولة الشعور به وإدراك أثره. إن موضوع الزمن يستمد أهميته من أهمية الزمن نفسه، ولكن رغم ما له من بعد عميق في الفكر الإسلامي، نجد أن الدراسات حوله تبقى نادرة -إن لم نقل منعدمة، وفي المقابل نجد أن الفكر الغربي قد أنتج دراسات وأبحاث لا تحصى في الموضوع. إن الله سبحانه وتعالى لا يتزمن، وأي محاولة لدراسته من منظور زمني تعتبر محاولة فاشلة، لا فائدة تجني من جرّائها. إن القرآن الكريم هو المصدر الأول والوحيد للمفهوم الحقيقي للزمن، وبالتالي يجب علينا نحن أهل القرآن أن نحاول تدبر معانيه، والغوص في مبانيه، بغية الوصول إلى تحديد أولي لمفهوم الزمن في القرآن الكريم. إن للزمن عند الله قدرا عظيما، لأنه عز وجل أقسم به مرارا في القرآن الكريم، وفي الأحاديث القدسية ولا يقسم الله إلا بعظيم؛ وبالتالي ينبغي علينا أن ندرسه دراسة ترضي ربنا سبحانه، ونستفيد منه في معاشنا ومعادنا. إن كل ما سوى الله يدخل تحت سلطان سنن الكون، ومن هذه السنن: الزمن. وبالتالي فإن دراسته تعتبر جزءا من دراسة المخلوقات، والمعرفة به خطوة أساسية في التعرف عليه”.