نوفمبر 22, 2024
images (1)

اسم الكاتب : وليد يوسف عطو

(1 ):

( الملك حمورابي هو ايضا من اوائل الملوك ,الذي تمكن من فرض سيادة القانون حتى على التجمعات العشائرية وذلك باستخدامه مبدا القصاص ضمن مواد شريعته , لان تطبيق مبدا الغرامة مع مثل هذه التجمعات يكون امرا تعجيزيا بالنسبة لهم ,بينما مبدا القصاص ينسجم جدا ووضعهم الاقتصادي وينسجم ايضا مع عاداتهم وتقاليدهم ).
د. فوزي رشيد : (الملك حمورابي مجدد وحدة البلاد ) – ط1 – 1991 – وزارة الثقافة والاعلام – بغداد – العراق .

(2 ) :
تعتبر شريعة حمورابي اكمل دستور انتجه العراق القديم لا بمواده القانونية فقط بل بلغته السليمة وخطها الانيق , لذلك يعتبر المتخصصون بالدراسات المسمارية اللغة المستخدمة في شريعة حمورابي على انها اللغة الفصحى ,ولذلك اعتمدوا عليها في وضع قواعد اللغة الاكدية .

لقد قام حمورابي بتامين مصادر السلاح والغذاء والملابس ليضمن بذلك تمويل جيشه ..وقد اعفى عددا كبيرا من اصحاب المهن الضرورية من الخدمة العسكرية مثل الخبازين واصحاب المطاحن وعمالهم .

( 3) :

مدخل الى فهم العبودية في بابل

لقد كان جميع العبيد من اسرى الحروب . واما البابليون الذين يستعبدون بسبب عجزهم عن ايفاء مابذمتهم من ديون ,فان عبودية هؤلاء لايجوز لها ان تستمر اكثر من ثلاث سنوات مهما كان حجم الدين الذي كان بذمتهم ,ومن هذه التشريعات البابلية وضع اليهود تشريعاتهم في التوراة بصدد العبودية والتفريق بين العبد اليهودي والعبد من الاجانب (الغرباء – الاغيار) .

لقد كانت كلمة (عبد ) تتالف من علامتين , الاولى تمثل الرجل اذا كان العبد رجلا وتمثل امراة اذا كانت امة (عبدة ).والعلامة الثانية تمثل البلاد الاجنبية , وبذلك يكون معنى كلمة العبد , رجل من البلاد الاجنبية والامة , امراة من البلاد الاجنبية . والعبيد كانوا يشكلون الطبقة الدنيا في المجتمع ولذلك وضعت شريعة حمورابي القوانين التي تنظم بيع وشراء العبيد .

لقد حرمت شريعة حمورابي بيع وشراء العبيد من البابليين لان عبودية هؤلاء مؤقتة , ولذلك نصت المادة ( 280 ) على مايلي :

(اذا اشترى رجل عبدا رجلا او امة رجل في بلاد اجنبية , ولما عاد الى بلده اكتشف مالك العبد او الامة عبده او امته , فاذا كان العبد او الامة من ابناء البلاد فيطلق سراحهما من دون نقود ).
والسبب في هذا التحريم يرجع الى ان العبد البابلي ماهو الا رهينة عند سيده ترجع له حريته بعد زوال السبب الذي رماه في العبودية او بعد مرور ثلاث سنوات على عبوديته , فبيعه الى شخص ثاني يحرمه من امكانية اعادة الحرية اليه . وقد منعت الشريعة بيع وشراء هذا النوع من العبيد ,واذا ماحصل خلاف ذلك فعند اكتشاف المخالفة يطلق سراح العبد او الامة البابلية المباعة من دون مقابل .

( 4 ) وقوف الدولةالبابلية على الحياد من اديان شعوبها

لقد قام حمورابي بتبني موقف (العلمانية ) وهو وقوف الدولة بصورة حيادية بين جميع الاديان , او كما يعبر عنها د .فوزي رشيد بفصل السياسة عن الدين مع الاحتفاظ بالايمان الديني واحترام المشاعر الدينية لكافة اقوام الامبراطورية ,حيث ان مثل هذا الاجراء لايعطي افضلية لاله على حساب بقية الالهة .وخير مثال على ذلك مقدمة شريعة حمورابي , حيث مجد فيها الملك حمورابي الهة المدن كافة بنفس المستوى الذي مجد فيه الاله مردوخ ,كبير الهة بابل .

ان ضرورة فصل السياسة عن الدين , كما عبر عن ذلك د. فوزي رشيد,في حكم الدول الكبيرة قد برزت نتيجة التجارب العملية التي مرت بها شعوب العراق القديم .
من الادلة الاكيدة على فصل الملك حمورابي بين السياسة والدين هو انه لم يدعي الالوهية على الاطلاق , ولم يلبس في حياته التاج الحامل لشارة الملوكية . كما ان اسمه لم يدون مسبقا بالعلامة الدالة على الالوهية .

لقد كان المجتمع البابلي منقسما الى ثلاث طبقات :
1 – طبقة الاحرار (او يلوم ).
2-طبقة نصف الاحرار او الموالي ( موشكينوم ).
3 – طبقة العبيد ( وردوم ) .
ينفي د . فوزي رشيد صفة الطبقية عن الاشوريين والاكديين والكلدانيين , وينفي وجود الطبقات الاجتماعية , وهي قراءة خاطئة من لدن د .فوزي رشيد للعلمانية في المجتمع البابلي القائم على المساواة بين الافراد امام القانون وعن وقرف الدولة بصورة حيادية من الاديان وموقف الدولة ممثلا بشريعة حمورابي من العبودية .

فيما يخص العبيد فهم في اغلبيتهم من اسرى الحروب كما كتبنا في السطور السابقة . اي انهم ليسوا من افراد المجتمع البابلي . اما الموالي فهم من غير الاموريين ,بحسب د.فوزي رشيد, الذين يعيشون تحت ظل سيادة الدولة التي اقامها الملك حمورابي , والمعلومات المتوفرة عنهم تؤكد ان موالي منطقة بابل معظمهم من العبيد الذين يتم عتقهم , لهذا السبب فان السيد الذي يعتق عبده ولا يريد له في الوقت نفسه ان يتحول الى موالي يقوم بتبنيه ,وبعملية التبني هذه يصبح رجلا حرا وواحدا من البابليين . لذلك كان اسمى انواع عتق العبيد في المجتمع البابلي , هو النوع الذي يعتق فيه السيد عبده ويتبناه في نفس الوقت , لان عمليةالتبني كانت بمثابة منحه الجنسية البابلية .

ومما يؤكد ايضا ان كلمة ( موشكينوم ) , والكلام للدكتور رشيد , تعني (المولى ) وليس رجلا نصف حر , هو انها لم تظهر ضمن النصوص المسمارية , الا بعد ان دخل الاموريون الى العراق وكونوا فيه سلالات مختلفة ,واول ظهور لهذه الكلمة كان في شريعة ( ايشنونا ) وفي المادتين (12 ) و ( 13 ) .

والناحية الاخرى التي تؤكد ان كلمة ( موشكينوم ) كانت تعني مولى فعلا وليس رجلا نصف حر هو انها قد اختفت من بعد موت الملك حمورابي بسنوات معدودات ,لان التطور الذي اصابه الاموريون وكثرة الاقوام غير الاموريين التي خضعت لسلطات سلالة بابل الاولى قد ادى الى نبذ فكرة الموالي , ولذلك لم نجد في اي قانون او مادة قانونية دونت بعد شريعة حمورابي وهي تتحدث عن ( الموشكينوم ) , حيث اختفت هذه الطبقة من سجلات العراقيين القدماء بعد زمن الملك حمورابي .

ومما يؤكد على ذلك ان القوانين الاشورية لم تستخدم هذه الكلمة على الاطلاق .ان ترجمة كلمة ( موشكينوم ) برجل نصف حر , تجعل من المجتمع البابلي طبقيا ( حسب توصيف د. رشيد والمقصود بجعله غير قائم على المساواة ) , اي انه يفرق بين بابلي واخر . ولكن عند ترجمتها الى ( مولى ), تجعل هذه الترجمة الجديدة من المجتمع البابلي مجتمعا قائما على مبدا المساواة بين المواطنين امام القانون , لان الموالي اصلا ليسوا من البابليين وهذا يعني ان البابليين جميعا كانوا سواسية امام القانون وهنا يكمن الفرق الكبير بين الترجمتين .

( كان العبد الذي يعمل خادما في احد البيوت يعتبر الى حد ما احد افراد العائلة . وغالبا ماكان يتخذ رب البيت عبدة (امة ) كعشيقة او امراة اضافية والتي كانت تستطيع انجاب الاطفال ولا سيما الذكور ان تصل الى مركز مرموق في العائلة ) .

(في عهد نبوخذ نصر تحسنت الاوضاع بالنسبة الى الرقيق الى حد انهم كانوا يستطيعون العمل كفلاحين وحرفيين او تجار حتى يتسنى لهم دفع ثمن عتقهم , وكانوا في بعض الا حيان في وضع يسمح لهم بفتح المخازن والتوقيع على العقود . ولقد حصل هذا في الواقع لمصلحة اصحاب العبيد الذين كانوا يضمنون لانفسهم حصة من ارباح وراسمال عبيدهم . وبالنسبة الى العبدة (الامة ),فانها كانت تستطيع ان تعتق بعدعقد الزواج من مالكها , وبعد الاعتراف الرسمي كان يعتبر الاطفال الذين تنجبهم احرارا ).

من كتاب :رحلة الى بابل القديمة
تاليف : د. ايفلين كلينكل – براندت
ترجمة : د . زهدي الداوودي – ط 1- 1984 – دار المدى سورية –لبنان – العراق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *