ديسمبر 6, 2024
bd1e2de0-66e2-49e8-9921-0ebd0eb1fa1d

الكاتب : فاضل حاتم

في السيرة الروائية التي انتجها جمال الناصري ثبّتَ رحلاته الطويلة في البحث عن عشبة الحرية وارثاً سيرةَ الجد الأقدم للعراقيين جلجامش في البحث عن عشبة الخلود.

    كانت محنته الأولى في الأرض السواد ثم في الأرض الرماد ثم في بلاد القات.

        كأن قدره أختير من بين الأقدار ليوزع سنوات عمره بين هذه البلدان، ذات الحصاد الكاذب والزرع المأكول سلفاً..

           ففي الأرض السواد دخل السجن ومعه آلاف الفتيان بين زنازين الأمن العامة وسجون الطاغية لا لذنبٍ اقترفوه الا قولهم الله ربنا..فتتالت عليهم الاحلام يستفتون بعضهم البعض في رؤيا صادقة، ولأن الجميع يحلم والجميع يؤول لم يصل أحدٌ منهم ليسقي الملك خمرا..وتوالت السنون بين جدران تمتصُّ الدمَ والأعمارَ والملامحَ والوجوه، حتى اذا خرجوا كانوا من اصحاب الكهف والرقيم.

           من قبل الدخول الى السجن وحتى الخروج منه كان البحث عن قليل ضوءٍ من الحرية هو الشاغل الاكبر لشريحة الاحرار والمثقفين في زمنٍ حوّل النظام آنذاك الإنسان إلى آلةٍ جوفاء تتحرك حسب مقاييس خاصة رسمتها السلطة.

         من خلال لحظة حرية بصوت الراوي العليم كاتب السيرة الناصري ..وهو راوٍ مثقف وبدرجة وعي عالية استطاع ان يكشف لنا أوراقاً تحملُ الكثير من مظاهر الزيف والأدعاء لمرحلة من تاريخ الأرض التي اصبحت مسرحاً لأحداث السيرة الروائية..

في الأردن كانت اسيرة مختزلة لان الحياة هناك معادل (للمصاري)فمن لا يمتلك منها ما يمدّ له بأسباب الحياة مجرد الحياة فأنه يموت جوعا وبردا بلا مأوى.ولهذا استطاع الناصري الفرار بجلده من مأساة اكيدة وهرب الى جبالٍ ليس فيها للكهرباء عمود او ضوء..الى مجتمع يحمل الجنبية والسلاح اينما رحل واستقر..فكشف لنا عن بؤس الايام وبطش القوة وصدارة الجهل على التعليم وبؤس حال المدرسين العراقيين والعرب وهم يتمسكون بوهم الوظيفة في مناطقٍ نائية عن المدينة..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *