الكاتب : عبد الهادي معتوق الحاتم
تعدّ جرائم الإبادة البشرية من الأعمال الخطيرة التي تهدد أمن وسلامة المجتمع لأنها تؤدي إلى إبادة أو اضطهاد كائنات انسانية كلياً أو جزئياً بسبب طبيعتهم الوطنية أو العرقية أو السلالية أو الدينية .
تهدف جريمة إبادة الجنس البشري Genocide إلى قتل الجماعات أو المجموعة البشرية بوسائل مختلفة .
ولقد مارس النظام البعثي المقبور هذه الجرائم بحق أبناء الشعب العراقي ، وقد اتبع صدام أبشع أنواع القمع والإبادة لمن اختلفوا معه. ومن هذه الممارسات :
- سكان الأهوار : مارس سياسة الاضطهاد الطائفي ضد أبناء عشائر جنوب العراق ووسطه من اتباع المذهب الشيعي ، ولعل أوضح دليل على ذلك مظاهر التمييز الخطيرة ضدهم والإهانات والتحقير لسكان الجنوب من خلال سلسلة مقالات نشرت في صحيفة الثورة عقب الانتفاضة الشعبانية في آذار عام 1991 التي تضمنت تلك الأفكار عبارات الإهانة والتحقير وبخاصة ضد سكان الأهوار التي شككت في عروبتهم وعراقيتهم وهو ما وفّر للنظام مناخاً لضرب مدن الجنوب وسكان الأهوار بصنوف الأسلحة والتدمير لإبادة الجنس البشري وإنشاء ما يسمى بـ (النهر الثالث – نهر صدام) ، ولا شك أن هؤلاء السكان يعيشون في منطقة تعدّ من أقدم مناطق العالم في التأريخ حيث شهدت أولى الشرائع القديمة وهي الشرائع البابلية والسومرية ومنها شريعة أور نمو ولبت عشتار وايشنونا ومن ثم شريعة حمورابي.
- مذابح الأكراد في حلبجة العراقية وعمليات الأنفال التي أُبيد بها عشرات الآلاف من الأكراد. وكان أسلوب الإبادة واحداً في الجريمتين . فضلاً عن ذلك الإبادة الجماعية التي طالت الكُرد الفيلية الذين ينتشرون في أغلب محافظات العراق.
ولم تقتصر سياسة صدام حسين فى الإبادة على خصومه المحليين، ولكنها شملت أيضاً السكان المدنيين في دول الجوار، فى حالات الخلاف مع حكوماتها من ذلك ما فعله عدة مرات من قصف صاروخي بالغازات والأسلحة الكيماوية لعدد من المدن الإيرانية، أثناء حرب الخليج الأولى، ثم فى حرب الخليج الثانية، بل الأنكى من هذا وذاك أن صدام أمر بعمليات إبادة جماعية لمواطنيه فى جنوب العراق بعد هزيمته المروعة في الكويت، على يد التحالف الدولي، فشنت قواته في طريق عودتها إلى بغداد عمليات إبادة ضد عديد من القرى والمدن، بين البصرة وشط العرب أي الحدود العراقية – الإيرانية في الجنوب. ولم يكن هناك تفسير لهذا الجنون الصدامي إلا أن الإحباط، بسبب هزائمه المتتالية، دفعه إلى البحث عن كبش فداء فى الداخل، ليصب عليه غضبه.
- ضرب الأهداف المدنية بالصواريخ والطائرات أو من خلال القصف المدفعي كما حصل مع القرى الكردية الآمنة وفي أثناء الحرب ضد إيران التي بدأها النظام في العراق وكذلك ضد أبناء النجف وكربلاء والبصرة والسماوة والديوانية والمدن العراقية الأخرى التي انتفضت ضد النظام عام 1991.
- دفن البشر وهم أحياء . فلقد قام نظام الرئيس صدام بدفن مئات الآلاف من الكُرد والعرب والتركمان وهم أحياء في كردستان العراق وفي النجف وكربلاء والبصرة والعمارة والسماوة وغيرها من المدن العراقية . وتعدّ هذه الجريمة من جرائم الحرب الخطيرة ضد الشعب العراقي ولا يمكن أن تسقط بالتقادم مهما مر من الزمان .
3 – إبادة الجنس البشري من خلال استعمال السلاح الكيماوي ضد الكرد وضد الشيعة في جنوب العراق وفي الاهوار، وقد حصل ذلك في عامي 1988و 1991.
أمر قاطع اربيل العدد / ح1/277
الحركات التاريخ 3/8/1986
الى وحدات القاطع : ف 24 د.ر.و
م / السيطرة على قنابل البايولوجية الكيماوية
كتاب وزارة الداخلية السري للغاية والشخصي 288 في 18/5/1986 وكتاب وزارة الدفاع السري للغاية والشخصي 10135 في 25/4/1986 المبلغ بأعلاه دائرة التدريب 136 في 27/5/1986 المثبت على اصل كتاب رئاسة اركان الجيش المكتب الخاص السري للغاية والشخصي 5801 في 26/5/1986 المبلغ بكتاب قيادة الفيلق الخاص السري للغاية والشخصي 1530 في 2/6/1986 والمعطوف على كتاب اللجنة المختصة المسيطرة على تداول المواد البايولوجية والكيمائية السري للغاية والشخصي 22 في 23/6/1986 والمبلغ الينا بكتاب قيادة قواة جحفل الدفاع الوطني / 5 السري للغاية وشخصي 292 في 24/8/1986 .
ننسب اجراء جرد نصف سنوي لكافة المواد المسيطر عليها في الوحدات التي تتعامل بها على ان تصلها قوائم الجرد قبل يوم 6/8/1986 وبالسرعة لطلبها من المراجع واعلامنا .
العميد ضياء عبد الوهاب عزت
آمر قاطع اربيل
الى مدير الامن العام في بغداد
من المسؤولين في (وحدة المجازر البشرية)
تحية الكفاح في سبيل العراق …. أما بعد
وصلتنا قبل مدة الوجبة الثالثة من المخربين المحتجزين والذين بلغ عددهم لحد الان 2400 / الفين واربع مائة .. ان الكمية المطلوبة من الدم لنجاح عملية مزدوج 24 ينقصها الكثير يجب ارسال الوجبة الرابعة باسرع ما يمكن لان القيادة العامة تنتظر النتيجة الحتمية . يجب اتخاذ كل التدابير اللازمة ومراقبة السواق والضباط الذين يقومون بنقلهم من جانبكم واحراق كل الوثائق لدى المسؤولين وخاصة الوثائق العلمية والتخلص من كل من لديه معلومات حول عملية مزدوج 24 وخاصة الاكراد .
الدكتور : هـ . م . ر
رئيس اللجنة المشتركة لفريق (1)
م. كيماوي – في . ج. أ – عضو لجنة فريق (1)
- جريمة قتل وتعذيب ، وللأسير حقوق واضحة وثابتة لا يمكن إغفالها مطلقاً ولا يجوز مثلا انتزاع الاعتراف من الأسير بالقوة أو إعدامه أو قتله أو إهانته .
رسالة سرية وفورية
وقت الانشاء ويومية
15 ك / 1981 من / ك م م 8 الى/ بط 2/بط 3 ك م م 8
رقم المنشئ / 232 ( 0 ) ق . ص
ما يلي رسالة ف ل 3 السرية والفورية 5500 في 4 / 1 والمبلغة الينا بموجب رسالة فق 1 السرية والفورية 398 في 5 / 1 و ( اط ) تبدأ ( 0 ) لوحظ مؤخرا ان بعض الوحدات لا زالت ترسل جرحى العدو الفارسي من حرس خميني الى المستشفيات لغرض علاجهم ( 0 ) نؤكد على ضرورة العمل واعتبار حرس خميني كمجوس حرب والتعامل معهم ميدانيا ( 0 ) انتهت .
النقيب / ع / آمر ك م م /8
- جريمة اغتصاب النساء . وقد ارتكبت هذه الجريمة ضد العشرات من النساء اللواتي اعتقلن بتهمة الانتماء لحزب الدعوة الاسلامية ، وارتكبت أيضاً ضد الشعب الكردي في منطقة كردستان ، وكذلك في دولة الكويت ضد الشعب الكويتي في أثناء الاحتلال .
- جريمة زرع الألغام ضد البشر . وقد قام نظام حكم الرئيس صدام بزرع اكثر من 10 مليون لغم ضد البشر في منطقة كردستان ضد الكرد ، وفي منطقة الأهوار .
ومن الجرائم ضد الإنسانية قتل أفراد الجماعة العرقية أو الدينية أو القومية مثل اغتيال رجال الدين الشيعة في النجف وكريلاء ومن هؤلاء مثلاً جريمة اغتيال السيد محمد باقر الصدر وشقيقته بنت الهدى وعدد من رجال الدين من أسرة السيد الحكيم وعدد من أسرة السيد بحر العلوم وجريمة اغتيال أية الله ميرزا الغروي والشيخ مرتضى البرجوردي والسيد آيه الله محمد صادق الصدر وأبناء السيد أبو القاسم الخوئي وعلماء آخرين غيرهم ، وكذلك تعمد خلق ظروف معاشية صعبة لغرض إبادة شعب من خلال سوء التغذية وتعقيم البشر وجريمة الإيذاء الموجه ضد المشاعر و الأحاسيس .
————————————–
رسالة رقم المنشئ تاريخ الانشاء
سرية وفورية 176 28/10/1989
الى / وحدة مخازن الصويرة
من / وحدة 5013 ( و . م . ب )
نرجوا ارسال الوجبات الاخرى من المخربين الاكراد باسرع وقت ممكن لان العملية مزدوج 24 تحتاج الى المزيد . لقد وصلتنا لحد الان وجبات من المخربين والقيادة العامة تريد منا نتائج عملية مزدوج 24 باسرع وقت ممكن .
ودمتم من اجل الحزب والثورة
العقيد آمر وحدة 5013 / ع . ك . ك
—————————————-
رسالة رقم المنشئ تاريخ الانشاء
سرية وفورية 75 26/10/1989
الى / وحدة 5013 ( و . م . ب )
من / مخازن الصويرة
لقد ارسلنا – حسب طلبكم – الوجبة الثانية من المخربين الاكراد والبالغ عددهم (1860) لاتمام تجارب عملية مزدوج (24) .
ودمتم من اجل الحزب والثورة
العقيد / آمر وحدة مخازن الصويرة
—————————————–
بسم الله الرحمن الرحيم
سري للغاية وشخصي
آمر قاطع اربيل / الحركات الى وحدات القاطع : ف 24 د.ر.و
العدد / ح1/277 التاريخ 3/8/1986
السيطرة على قنابل البايولوجية الكيماوية
كتاب وزارة الداخلية السري للغاية والشخصي 288 في 18/5/1986 وكتاب وزارة الدفاع السري للغاية والشخصي 10135 في 25/4/1986 المبلغ بأعلاه دائرة التدريب 136 في 27/5/1986 المثبت على اصل كتاب رئاسة اركان الجيش المكتب الخاص السري للغاية والشخصي 5801 في 26/5/1986 المبلغ بكتاب قيادة الفيلق الخاص السري للغاية والشخصي 1530 في 2/6/1986 والمعطوف على كتاب اللجنة المختصة المسيطرة على تداول المواد البايولوجية والكيمائية السري للغاية والشخصي 22 في 23/6/1986 والمبلغ الينا بكتاب قيادة قواة جحفل الدفاع الوطني / 5 السري للغاية وشخصي 292 في 24/8/1986 .
ننسب اجراء جرد نصف سنوي لكافة المواد المسيطر عليها في الوحدات التي تتعامل بها على ان تصلها قوائم الجرد قبل يوم 6/8/1986 وبالسرعة لطلبها من المراجع واعلامنا . العميد ضياء عبد الوهاب عزت / آمر قاطع اربيل
م/2/1617 برقية
سرية وفورية وقت الانشاء ويومه
21/6 من / قاطع زاخو ف . م . القيادة
الى القائد (م) ….
رقم المنشئ 5/اس/3
4181
/(0) رسالة قيادة قوات / 38 سرية وفورية 14665 في 20/6
(0) عطفاً ما يلي (0) وصل الى مقر الفرع الاول لزمرة سليلي الخيانة (4000) قناع للوقاية من الغازات السامة وسوف يستخدمها المخربين عند استعمالنا المواد الكيمائية لضرب تجمعاتهم (0) نرجو تحقيق صحة المعلومات واتخاذ مايلزم واعلامنا .
الرائد سعدي محمود حسين
ء/آمر قاطع زاخو
(السائرون نحو المجد) … بجزئه الثالث ، سفر آخر يضاف الى الأسفار التي دوّنت قبله وتحدّثت عن شهداء المقابر الجماعية ، وقد حوى هذا الجزء على أسماء اخرى من شهداء المقابر الجماعية تمثّل نخبة متميزة من خيرة شبابنا المثقف والواعي والمتفاعل مع قضية شعبه…
شهداء تمّ اعدامهم من دون قرارات حكم أو محاكمة أو تحقيق ، ومن دون اتباع الاصول والاعراف التي تليق بأدني حد من حدود احترام حقوق الانسان .. فالتحقيق الذي استخدم معهم يبدأ بـ (الفلقة) وينتهي بثقب الرأس بـ (الدريل) ، أو رمي الضحية في أحواض (التيزاب) ، أو تفجير الضحية بوضع عبوة ناسفة في ملابسه ، أو دفنه حياً مع مجاميع اخرى في قبور لا زال أغلبها مجهول المكان ..فضلاً عن عدم تسليم الجثث لذويهم ومنعهم من إقامة مجالس العزاء ، امعاناً في زيادة عذاباتهم وحزنهم علي فراق الاحبة .
والمتمعن جيداً في سير هؤلاء الشهداء وطاقاتهم الخلاقة وكفاءاتهم الوطنية، يدرك حجم المأساة التي حلت بالعراق، الكثير من هؤلاء يمثلون نخبة متخرجة من كليات علمية أو طلبة دراسات عليا أو طلبة في مرحلة الدراسة الاعدادية أو اعضاء في منتخبات رياضية وطنية، لقد حلت ماساة وكارثة جديدة في العراق غير ما حل به من كوارث بفعل قرارات السلطة حين أقدم البعث المقبور بخطة محكمة ابادة جميع العقول الخيرة والـــنيرة والخلاقة في العراق، وتشريد القسم الآخر، وابتكار أساليب في الترويع والقتل لم تدركها اساليب القرون المظلمة.
هذه الاسماء العراقية الناصعة لم تختلف مع السلطة حول حصتها من النفط، ولم تحاسب السلطة علي ضياع الخزينة والمال العام، ولم تسال عن الايرادات، ولم تقترف جريمة من الجرائم التي يشملها قانون العقوبات العراقي، ولم تخالف منطق الحياة… كل جريمتها ان لها صوتاً عراقياً يختلف عن صوت السلطة، رأيا يختلف عن رأي الدكتاتور. وعدم تقبل الرأي الآخر ليس حالة طارئة في عقل السلطة والدكتاتور، بل هي عقيدة راسخة بدأ بها حياته وممارساته المريضة.
الماسأة ان العالم وقف ولا زال يقف مشدوهاً وفاغراً فـــمه تجاه ما يظهر من المجازر والمآسي الانسانية في العراق، وتبدو المأساة أكبر حجماً حين لا تبدي المنظات الانسانية والمطالبة بحقوق الانسان اي اكتراث لهذه المأساة البشعة التي حلت بشعب العراق منذ سنين طوال.
وليس فقط الانتهاكات المريرة لحقوق الانسان ما تميز السلطة البائدة، وليس فقط الحملة التي شنها النظام بقيادة المجرم قصي صدام بقتل الآلاف من السجناء السياسيين تنفيذاً لحملة سميت (حملة تنظيف السجون)، وليس في المحافظة علي الادلة الثبوتية ووسائل التعذيب والموت وقاعات التعذيب التي يمارس بها النظام ارهابه وتسلطه، انما في الاعداد العديدة المغيبة من قبل السلطة من رجال السياسية الوطنية والعلماء والاختصاصيين، والتي لم يعرف مصيرها منذ عشرات السنين ولا تم التعرف علي طريقة اعدامهم والتخلص من جثثهم اذا كانت السلطة قد قتلتهم دون محاكمة.
ويقولون لك ان الشعب العراقي كان مستكيناً تحت سكين الطاغية، وهذه التضحيات الجسام، وهذه العطايا التي حصدتها اجهزة القمع في دولة الظلم والظلام دليلاً علي استمرار العراقي في معارضة السلطة الباغية، ودليل علي همجية السلطان البائد، وقدرة العراقي علي تواصل النضال والكفاح من اجل اسقاط كل مايمت للسلطة البائدة بصلة.
لم يصبر العراقي حتى تتحول المقابر المجهولة والسرية الي مزارات يتمعن فيها العالم وتستذكرها البشرية كزمن من ازمان الموت والعذاب الذي حل بالبشرية، لم يصبر العراقي ليجمع عظام الشهداء مجهولي الهوية والاسماء ليصيّر لها نصباً تذكارياً عالمياً تقرأ فيه اجيال العراق وجميع الامم المحبة للسلام شاهداً من شواهد عصر الموت الصدامي، لم يتم تجميع شهادات الشهداء ولا حاجاتهم الشخصية لتصير متحفاً للتضحية والعطاء باشراف الامم المتحدة، لم يتم جمع ظفائر الفتيات ولا اساور الاطفال المدفونين تحت التراب لتصير قرائن على زمن عاهر عاث فيه الحاكم المستبد ليس في قدراته وثرواته وانما استخف بحياة شعب بأكمله دون استثناء.
نأمل من الله وببركة دماء الشهداء وجهود العاملين في مديرية شهداء البصرة ، أن يوفقنا للاستمرار باصدار هذه السلسلة ليحوي صور وسير جميع شهداء بصرة الشهداء … بصرة الخير والعطاء ..
نأمل أن تستمر الى أن تكتشف آخر مقبرة جماعية في العراق ، فهناك مقابر تم اكتشافها، ومقابر لم تكتشف بعد، فهل كنا نمشي على تراب يضم هذه الارواح النجيبة والاجساد الطاهرة؟ هل انّ أرض العراق استحالت الى مقابر متوزعة في كل الاركان؟
متى سننتهي من تجميع موتانا وبناء قبورنا ؟ متى نلم حزننا ونداري وجعنا ؟ بعد ان خلصت أرواحنا من فقدان أولادنا وفراق أحبتنا .