ديسمبر 3, 2024
download (3)

الكاتب : فاضل حسن شريف

عن تفسير الميسر: قال الله تعالى عن أمة “وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ۖ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ ۚ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ” ﴿النحل 36﴾ أمة اسم، ولقد بعثنا في كل أمة سبقَتْ رسولا آمرًا لهم بعبادة الله وطاعته وحده وتَرْكِ عبادة غيره من الشياطين والأوثان والأموات وغير ذلك مما يتخذ من دون الله وليًا، فكان منهم مَن هدى الله، فاتبع المرسلين، ومنهم المعاند الذي اتبع سبيل الغيِّ، فوجبت عليه الضلالة، فلم يوفقه الله. فامشوا في الأرض، وأبصروا بأعينكم كيف كان مآل هؤلاء المكذبين، وماذا حلَّ بهم مِن دمار، لتعتبروا؟

وعن تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قال الله تعالى عن أمة “وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ۖ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ ۚ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ” ﴿النحل 36﴾ لطاغوت في الأصل مصدر كالطغيان وهو تجاوز الحد بغير حق، واسم المصدر منه الطغوى، قال الراغب: الطاغوت عبارة عن كل متعد وكل معبود من دون الله، ويستعمل في الواحد والجمع، قال تعالى: “فمن يكفر بالطاغوت” “واجتنبوا الطاغوت” “أولياؤهم الطاغوت”. انتهى. وقوله: “وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا ” إشارة إلى أن بعث الرسول أمر لا يختص به أمة دون أمة بل هو سنة إلهية جارية في جميع الناس بما أنهم في حاجة إليه وهو يدركهم أينما كانوا كما أشار إلى عمومه في الآية السابقة إجمالا بقوله:”كذلك فعل الذين من قبلهم”. وقوله: “اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ” بيان لبعث الرسول على ما يعطيه السياق أي ما كانت حقيقة بعث الرسول إلا أن يدعوهم إلى عبادة الله واجتناب الطاغوت لأن الأمر وكذا النهي من البشر وخاصة إذا كان رسولا ليس إلا دعوة عادية لا إلجاء واضطرارا تكوينيا، ولا أن للرسول أن يدعي ذلك حتى يرد عليه أنه لوشاء الله ما عبدنا من دونه من شيء وإذ لم يشأ فلا معنى للرسالة. ومن هنا يظهر أن قول بعضهم إن التقدير ليقول لهم: اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت. ليس في محله. وقوله: “فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ” أي كانت كل من هذه الأمم مثل هذه الأمة منقسمة إلى طائفتين فبعضهم هو من هداه الله إلى ما دعاهم إليه الرسول من عبادة الله واجتناب الطاغوت. وذلك أن الهداية من الله سبحانه لا يشاركه فيها غيره ولا تنسب إلى أحد دونه إلا بالتبع كما قال: “إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ”: القصص: 56 وسنشير إليه في الآية التالية: “إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ” والآيات في حصر الهداية فيه تعالى كثيرة، ولا يستلزم ذلك كونها أمرا اضطراريا لا صنع فيه للعبد أصلا فإنها اختيارية بالمقدمة كما يشير إليه قوله “وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ” (العنكبوت 69) يفيد أن للهداية الإلهية طريقا ميسرا للإنسان وهو الإحسان في العمل وإن الله لمع المحسنين لا يدعهم يضلون.

جاء في التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: قال الله تعالى عن أمة “وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ۖ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ ۚ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ” ﴿النحل 36﴾ “ولَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهً واجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ”. تدل هذه الآية على أن اللَّه سبحانه قد أرسل لكل أمة في كل قرن وقطر رسولا يأمرها بعبادة اللَّه وحده، وينهاها عن عبادة غيره صنما كان أوكوكبا أوإنسانا، أوأي شيء، وليس من الضروري ان يكون هذا الرسول بشرا، فان العقل رسول من الداخل، كما أن النبي رسول من الخارج. انظر ( اللَّه والفطرة ) ج 3 ص 188. ” فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ ومِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ”. المراد بالضلالة هنا كلمة العذاب، مثلها في قوله تعالى: “وفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ” (الأعراف 29). أرسل اللَّه سبحانه رسلا مبشرين ومنذرين، فآمن قوم وكانوا من المهتدين المقربين عند اللَّه، وكفر آخرون وكانوا من المبعدين المعذبين “فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ”. الخطاب موجه إلى مشركي قريش الذين كذبوا محمدا صلى الله عليه واله وسلم، وقد أمرهم اللَّه بأن ينظروا آثار غضبه وعذابه فيمن كذبوا رسلهم من الأمم الماضية ليعتبروا ويتعظوا، وتكرر هذا المعنى في الكثير من الآيات، منها الآية 137 من آل عمران ج 2 ص 159.

تكملة للحلقة السابقة عن شبكة الألوكة الشرعية مفهوم ومقومات الأمة في النص القرآني للكاتب الدكتور أسعد بن أحمد السعود: قال تعالى:”الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ” (آل عمران 16)، وقال تعالى:” الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَار” (آل عمران 17). 1- (الصابرين). 2- (والصادقين). 3- (والقانتين). 4- (والمنفقين). 5- (والمستغفرين بالأسحار). هذه هي الأعمال الصالحة التي تؤلِّف بِنية الإيمان الذي يرضى عنها ربُّ العزة في كل فرد مسلم، ومجموعها يُؤلف كذلك مجموع إيمان الجماعة، فإذا تجلَّت علائمُ فضلِ الله عز وجل ورِضوانه على جماعة المؤمنين، يكون العهد الرباني قد وجَب الوفاء به، وهو العزيز الكريم سبحانه، قال تعالى:” وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ” (النور 55). نلاحظ وضوح البيان بارتباط شرط قيام الإيمان الجماعي بشرط استخلاف الأرض، واستخلاف الأرض لا يأتي بالقول فقط، وإنما يُقرَن باستكمال شرط وفاء العهد كما ذكَرنا سابقًا، ويُترجَم بقوله تعالى:” اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ” (الأعراف 3)، وقوله:” وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ” (الأعراف 10). والتمكين يأتي بعد الاتباع، ولا يصار إلى غير ذلك أبدًا تمكين أمة محمد، ومِن قبلُ تمكين ذي القرنين، ويوسف عليه السلام، وداود وسليمان، وهذا يختلف كُليةً عن تمكين البشر عامة في المعايش على ظهر الأرض. فالتمكين له وجه واحد لا غير، هو حكم أمة المؤمنين بدعوة نبي وتدبير شؤون حياتهم، وهذا هو إصلاح البال واستخلاف الأرض، قال تعالى:” وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ” (القصص 5).

عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية مفهوم الأمة في القرآن الكريم والحديث الشريف للدكتور عبد الكريم حميدي: علاقة (الأمة المسلمة) بـ (الرسول)، علاقة (الأمة الواحدة) بـ (التوحيد)، علاقة (الأمة الواحدة) بـ (اختلاف الشرائع والمناهج والأديان)، خلاصة الفصل الثاني، خلاصة الباب الأول، الامتدادات الاصطلاحية والمفهومية لمصطلح (الأمة) في نصوص القرآن والحديث. ضمائم مصطلح (الأمة)، ومشتقاته في القرآن الكريم والحديث الشريف، (أمة الرسل)، و (أمة محمد)، ضميمة (أمة الرسل)، ضميمة (أمة محمد)، مشتقات (الأمة) في القرآن الكريم والحديث الشريف: الدلالات والروابط ، موارد مشتق (الإمام) في القرآن والصحيحين، دلالة مشتق (الإمام) في اللغة والقرآن والحديث، خلاصة الفصل الأول، قضايا (الأمة) في القرآن والحديث، قضية الأمة الإنسانية بين الوحدة والاختلاف، قضية الأمة المسلمة: حقيقتها ورسالتها، سنن إلهية في الاجتماع البشري وظاهرة الأمم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *