دراسات عن أبراهيم عليه السلام في العراق

الكاتب : فاضل حسن شريف

روي أن بيت إبراهيم عليه السلام كان قرب مدينة بابل التي كانت موجودة قبل سليمان عليه السلام “وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ” (البقرة 102) واسكن فيه إسحاق عليه السلام بعد سكناه في أور جنوب العراق التي تزوج فيها سارة. والمدينة العراقية التي ذكرت في القرآن هي مدينة بابل وهي من أعرق المدن في العالم. وقدر أن حضارة الدولة البابلية التي استوطنت في بلاد ما بين النهرين في القرن الثامن عشر قبل الميلاد و كان لها دور كبير في إثراء الحضارة الأنسانية، بالإضافة إلى أنّها تعتبر المدينة العراقية الوحيدة التي ذُكرت في القرآن الكريم (البقرة 102) عند الحديث عن بني إسرائيل بعد وفاة النبي سليمان عليه السلام. 

جاء في موقع المونيتور عن وسام باسم رأي اخر عن مكان ولادة إبراهيم عليه السلام غير سومر ولو ان هذا الرأي لا يعتمد عليه كثيرا: مقام ولادة النبيّ إبراهيم، الواقع في قرية بورسيبا بين الكوفة والحلة، الّذي زاره “المونيتور”، ورأى كيف أنّه بات مزاراً دينيّاً يؤمّه الناس، وهو على غرار أغلب المعالم الدينيّة تعلوه قبّة خضراء، لكنّ هذا البناء الشاخص يتعارض مع المعلومات الّتي تفيد بأنّ ولادة ومقام النبيّ إبراهيم كانت في أور، بمحافظة الناصريّة جنوبيّ العراق. وفسّر هذه التّعارضات لـ”المونيتور” رجل الدين حمزة الياسري قائلاً: “النبيّ إبراهيم هو أبو الإسلام والمسيحيّة واليهوديّة، ورغم اكتشاف بيت له في أور حيث ولد، إلاّ أنّ الروايات المتداولة بين الناس تفيد بأنّه أقام في هذا المكان”. ومن الواضح أنّ كلام حمزة الياسري يحتاج إلى دعم الأدلّة التاريخيّة، لكنّ هذا غير مهمّ إزاء ما يعتقده الناس.

وهنالك رأي بينه رشيد السراي في موقع الحوار المتمدن: ان اغلب المعلومات الآثارية أُخذت من القصور والمعابد والبنايات الرسمية وبالتالي فهي تمثل الرأي الرسمي إن صح التعبير عن الواقع في ذلك الوقت. أما رأي المعارضة بلغة السياسة وهم الأنبياء فبالتأكيد سيتم تجاهله وتعمد عدم الإشارة إليه في التوثيق في تلك البنايات الرسمية وهذا هو ديدن الحكومات الظالمة مع معارضيها حيث تحاول محو وجودهم وآثارهم وربما تشويه الحقائق وقراءتها بطريقة أخرى، فمن الطبيعي ان لا نجد آثار مهمة مثلاً لإبراهيم عليه السلام في المدينة التي واجه طاغيتها وحكم عليه بالحرق ومن ثم التهجير فهل ننتظر أن يُبقي هذا الطاغية اي اثر لإبراهيم عليه السلام أو أن يدون قصته معه في قصوره ومعابده كما حدثت بالفعل. واللقى الآثارية كما هو المعروف قليلة جداً عن باقي معالم المدن غير القصور والمعابد- وخاصة بيوت الفقراء-واغلب أتباع الأنبياء منهم  التي لا تصمد الكثير منها عادة في مواجهة ظروف البيئة والتخريب ولا تبقى إلا تلك البنايات الضخمة التي تكون مقاومتها لتلك الظروف أكثر. واللقى الآثارية كما هو المعروف قليلة جداً عن باقي معالم المدن غير القصور والمعابد وخاصة بيوت الفقراء واغلب أتباع الأنبياء منهم التي لا تصمد الكثير منها عادة في مواجهة ظروف البيئة والتخريب ولا تبقى إلا تلك البنايات الضخمة التي تكون مقاومتها لتلك الظروف أكثر. ونفس الكلام يُقال عن باقي الأنبياء الذين عرفوا بمواجهتهم للأنحراف في المجتمع والحكومات المنحرفة وجوبهوا بمعارضة شديدة. وأقرب مثال على ذلك ما فعله أهل مكة ببيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومن معه بعد هجرتهم إلى المدينة. هذا وان اغلب الأنبياء كما هو المعلوم لم يسعوا لبناء دولة أو كانوا جزءاً منها إلا في حالات قليلة كالنبي يوسف والنبي داود والنبي سليمان والنبي محمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، فكانوا في الأعم الأغلب يمثلون الرأي المعارض الداعي للإصلاح.

 ذكر السيد محمد فهد حسين من جامعة القادسية عن مكان ولادة إبراهيم عليه السلام: أما القران الكريم فانه لم يشر إلى اسم المدينة التـي ولد فيها إبراهيم، وإنما نفهم من سياق قصته التي رواها القرآن الكريم إن البيئة التي عاش بها هذا النبي بيئة قريبة من بيئة العراق القديم، وبالخصوص بلاد سومر، وذلك من خلال ذكر القرآن الكريم أن إبراهيم و لغـرض إقناع قومـه ببطلان ما يعبدون من آلهة دون الله تعالى تنتقل معهـم بين ثلاثة من الآلهة التي كانوا يعبدون وأثبت بطلان كونها آلهة، حيث ورد “فلما جن عليه الليل رءا كوكبا قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين فلما رءا القمر بازغا قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لـم يهدني ربـي لأكونن من القوم الضالين فلما رءا الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما افلت قال يا قوم إني بريء مما تشركون” (الأنعام 76-78).  ومن خلال سياق هذه الآيات نجد إنها ذكرت ثلاثـة آلهة كانت معبودة عند قوم إبراهيم وهي الكوكب والقمر والشمس، والمعروف إن هذه الأجـرام الـسماوية كانـت معبودة في العراق القديم على نطاق واسع، فعبدت الآلهة اينانا (عشتار)، حيث كانت ترتبط مع كوكب الزهرة. وتذكر إحدى النصوص السومرية بخصوصها: هي المهيمنة، هي سيدة الأرض في ابسو اريدو استلمت صلاحية اتخاذ القرارات، واريدو مدينة تقع بالقرب من مدينة اور، التي ورد بحسب التوراة إنها المكان الـذي ولد وهاجر منه إبراهيم عليه السلام كما سبق، وعليه فقـد عـرف في محيط مدينة اور عبادة الكوكب الذي أشار إليه النبـي إبراهيم عليه السلام ومما يؤيد اعتبار هذا الكوكـب هـو كوكـب الزهرة إنها أجمل الكواكـب وأبهجهـا وأكثرها ضـياء، وضوءها أول ما يجلب النظر الى السماء بعـد أن يجـن الليل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *