
سمير عبيد
الجزء الاول
#تمهيد :
سوف نحلل بهذا المقال مغزى وتوقيت إطلاق بالون الرئيس الاميركي “دونالد ترامب” بخصوص غزة وشهيته لمصادرتها وجعلها أرضٍ أميركية ودون التفكير بتاريخ وشعب هذه الأرض ،ولا حتى احترام المواثيق الدولية ونضال الشعب الفلسطيني .فالرجل يريد وبجرة قلم الغاء تاريخ شعب وارض ومصير وتاريخ صراع . وطبيعي ان هذه الدعوة الغوغائية وراءها هدف “سياسي واقتصادي” .وسوف نوضح ذلك في سياق هذا المقال !
#أولا:-عندما استلم الرئيس الاميركي ترامب زمام الأمور في الولايات المتحدة بعد ٢٠ يناير ٢٠٢٥ مباشرة أربك الداخل الاميركي وجوار أميركا وصولا إلى شمال اوربا و غزة من خلال قرارته وأوامره التنفيذية الغريبة . ويبقى الهدف الذهبي الذي قام بالتمويه للوصول اليه هو غزه وشواطئها من خلال خلق دعوات مماثلة وليست بالضرورة حقيقية ومنها مطالبة كندا لتصبح ولاية أميركية ،وتغيير تسمية خليج المكسيك إلى ” خليج أميركي ” ،والإيعاز إلى الاستيلاء على بنما بحجج واهية ،وذهب من هناك إلى شمال اوربا حيث الدنمارك بعرض شراء غرينلاند او عمل استفتاء لأنضمامها إلى الولايات المتحدة كلها مقدمات للتغطية على الهدف الأصلي الذي يريد ترامب وصهره كوشنير الوصول اليه وهو الاستيلاء على قطاع غزة وتحويلها إلى مستعمرة لترامب وكوشتير ورجال الجشع لأميركي . وطبعا وراء ذلك اهداف سياسية واقتصادية دائمة !
#ثانيا :ولو تعمقنا بالبحث والتحليل سنجد ان قطاع غزة هو رأس الحربة لمشروع ( الهند واوربا ) وان سيطرة الولايات المتحدة عليه يمنحها سيطرة تامة على أوربا ومنطقة الخليج والهند ومحاصرة ج الصين وروسيا وايران . وهذا سر انغماس الولايات المتحدة ودول اوربية بالحرب لصالح إسرائيل ضد غزة واهلها بعنوان الابادة وتهجير ما تبقى منهم !
#ثالثا:-فيعد مشروع الممر الاقتصادي الذي اشرنا اليه اعلاه خطوة مهمة للغاية ستنظر إليها واشنطن بإيجابية بسبب تقاربها المتزايد مع نيودلهي على مستوى الاشخاص ” ترامب ومودي” وعلى مستوى الاهداف الاميركية الهندية .وان تنفيذ هذا المشروع الاقتصادي العملاق يتطلب ميزانيات من المال،وفي النهاية قد “يغير هذا المشروع قواعد اللعبة” وهذا ماخططت له الإدارة الديمقراطية في البيت الأبيض اولا ( أن الممر الاقتصادي فرصة للتنافس مع الصين وإعطاء منطقة الخليج مساحة أكبر للخروج من الحصار الصيني المتمثل في مبادرة الحزام والطريق) وهذا سر انغماس الرئيس السابق بايدن وادارته في الحرب ضد غزة .وذلك لأن من المهم وجود أكثر من طريق لربط دول العالم لمنع الاحتكار. وبطبيعة الرئيس ترامب يكره بايدن والديموقراطيين ويكره ان يُنسب اي شيء إلى بايدن وادارته لذا حال جلوسه بمكان بايدن عمل ( ضجة إعلامية وسياسية ليكون هو قائد هذا المشروع وهو الذي سيضع لبناته وليس بايدن ) ولكن بطريقة كولونيالية !
#رابعا:-ولو فتشنا اكثر سنجد ان للولايات المتحدة سببا آخر ومهم لدعم هذا المشروع ( الممر الاقتصادي) وهو تحويل الهند إلى بديل للصين في مجال الرقائق الإلكترونية وأشباه الموصلات. وتسعى واشنطن إلى تقليص اعتماد العالم على المنتجات الصينية. وهنا أكد بايدن ومودي دعمهما لبناء سلاسل توريد عالمية مرنة لأشباه الموصلات، مشيرين إلى استثمار ما يقرب من 700 مليون دولار في توسيع البحث والتطوير في الهند.لا سيما وان الهند على غير وئام مع الصين أصلا.وتطمح الهند بدورها إلى أن تصبح أحد الكيانات الاقتصادية العملاقة لمنافسة الصين. إلا أنها تحتاج إلى 15 أو 20 سنة أخرى لتصبح قوة عالمية مثل الصين .، حيث أن ناتجها المحلي أصغر من ناتج الصين وتحتاج إلى رأس مال لا يستطيع القطاع الخاص الأميركي توفيره بطبيعته. وذلك لأن الشركات الأميركية تريد الاستثمار ولكنها لا تريد تقديم المساعدة مثل الشركات الصينية، لذا يجب على واشنطن أن تجد طرقا أخرى للتنافس مع بكين.
#خامساً:-لكن على الرغم من النشاط الدبلوماسي بين الهند وأميركا، إلا أنهما ما زالا بعيدين عن إقامة تحالف بسبب الفجوات الاقتصادية . ولا تزال الهند تستورد أكثر من نصف أسلحتها من روسيا ،لا بل وقعت الهند اخيرا اتفاقية استراتيجية مع روسيا .وتعد الهند مشتريا رئيسيا للنفط الروسي الخاضع للعقوبات، وكثيرا ما تصوت ضد واشنطن في الأمم المتحدة. كما تواصل الهند رفض إدانة الهجوم الروسي على أوكرانيا، تماما كما فشلت في إدانة الغزو السوفييتي لأفغانستان في عام 1979. وهذا يؤكد أولويات الهند في الحفاظ على قدرتها على الوصول إلى الأسلحة والنفط وتجنب دفع روسيا أكثر إلى أحضان الصين.فالهند تمارس سياسة الاحتراس الشديد فهي لا تريد الوقوع في الغرام الاميركي فتفقد روسيا وحينها ستقوى الصين التي هي خصم للصين !
انتهى الجزء الاول !
إلى اللقاء في الجزء الثاني !
سمير عبيد
٧ فبراير ٢٠٢٥
…….
الجزء الثاني// ما سر دعوة ترامب لمصادرة “غزة”؟
#سادسا:-وفي كل الأحوال فإن المشروع المستقبلي” الهندي الاميركي” سيكون ممرا للسكك الحديدية والشحن، وهو جزء من الشراكة للاستثمار العالمي في البنية التحتية. ويهدف المشروع إلى زيادة التجارة بين الدول المعنية، بما في ذلك منتجات الطاقة. وبالإضافة إلى ذلك، سيشمل كابل لنقل الكهرباء، وخط أنابيب للهيدروجين، وكابل بيانات عالي السرعة. ووفقا للمصادر الاميركية والغربية ، سيبدأ خط التجارة البحرية من ميناء “مومباي الهندي” إلى منطقة “جبل علي “في دبي في الإمارات العربية المتحدة. ومن ثم سيتم إنشاء خط سكة حديد من دبي عبر الرياض ،ومن هناك إلى الأردن، ثم إلى ميناء حيفا في إسرائيل!
#سابعا:-ولكن لاحقاً تم استبدال الفكرة لتكون عن طريق انشاء ميناء على “سواحل غزه” وهذا احد اسباب الحرب على غزه وبمساعدة حماس وايران (الفوضى الخلاقه التي لايفهمها العرب والاعراب)، وبعدها يتم استئناف الرحلة البحرية إلى موانئ اليونان وإيطاليا وفرنسا، ومن تلك الموانئ إلى كافة الدول الأوروبية عبر السكك الحديدية هناك….وحتى الآن، يعتقد أن المشروع، الذي لا يزال مجرد نظرية، يهدف إلى توسيع الارتباط الاستراتيجي للهند بشبه الجزيرة العربية وأوروبا، في حين يرى البعض أنه بمثابة مواجهة لمبادرة الحزام والطريق الصينية.
#ثامنا:-من ناحية أخرى، يعتقد العديد من خبراء الاقتصاد أن جدوى الاستثمار في هذا المشروع لا تبدو واعدة. ويجادلون بأنه إذا أبحرت سفينة حاويات واحدة فقط يوميًا من مومباي إلى دبي وتحمل 20 ألف حاوية، فإنها ستحتاج إلى حوالي 100 قطار، كل منها يحتوي على 20 سيارة، كل منها يحمل 10 حاويات. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يكون هناك ربع ساعة على الأقل بين كل قطار حتى لا تتراكم الحاويات في الميناء.هذا ما يسمى بمعدل التنقيط. وبعد ذلك، بعد رحلة طويلة عبر الإمارات والسعودية والأردن، تصل القطارات أخيرًا إلى ميناء حيفا في إسرائيل. هناك، يتم تفريغ القطارات المائة وإعادة تحميلها على متن سفينة، ويتكرر نفس السيناريو في إيطاليا أو فرنسا أو اليونان.في هذه الحالة، فإن التكلفة الاقتصادية المتوسطة سوف تتجاوز ثلاثة أضعاف التكلفة على الأقل، بالإضافة إلى عامل الوقت، والفارق في الإجراءات اللوجستية بين كل دولة وأخرى، وتأمين الحاويات. وهذا مقارنة بقناة السويس، التي هي أسرع وأقل تكلفة وأكثر أمانا!
#تاسعا:-من المؤكد أن مشروع الممر الاقتصادي هو محاولة لخلق بديل للصين، ممثلة في الهند، التي لديها عمالة رخيصة. وقد بدأت العديد من الشركات الأميركية الكبرى بالفعل في نقل أجزاء من عملياتها إلى الهند، بما في ذلك مصانع أشباه الموصلات، والتي تعتبر ضرورية لصناعة التكنولوجيا.ولكن الجزء الأكثر إثارة في المشروع هو المنطقة الممتدة من الرياض في الجنوب إلى ميناء حيفا في الشمال، مما يشير إلى أن المشروع سياسي أكثر منه اقتصادي.
…لذا من السابق لأوانه أن نقول بشكل قاطع ما إذا كان مشروع الممر الاقتصادي مشروعا سياسيا أم اقتصاديا. ومع ذلك، فمن الواضح أن المشروع له تداعيات سياسية واقتصادية. وسيكون من المثير للاهتمام أن نرى كيف يتطور المشروع في السنوات القادمة.
#عاشراً:لذا نعتبر ان اندفاع الرئيس الاميركي تجاه غزة هو اندفاع رجل أعمال جشع يناصر اليمين اليهودي ويريد إنقاذ صاحبه نتنياهو ..فيريد تحقيق مايلي :
١-انعاش نتنياهو الذي يقف على حافة الهاوية سياسيا وقضائيا ،وإنعاش اليمين المتطرف في إسرائيل ليلتصق بنتنباهو ولا يضحي به !
٢-يحجز مقعد استباقي للولايات المتحدة في اي ترتيب اقتصادي عالمي يمر عبر غزة !
٣- والاهم : هو ابتزاز مصر والأردن ليكونا تحت امرة ترامب بدعم مشاريع قادمة في الشرق الأوسط وبدايتها في (العراق واليمن وايران) مقابل التراخي بدعم تهجير فلسطيني غزة نحو مصر والأردن ( وهذا يعني ان مطارحه ترامب مجرد سقف عالي ليحصل على مايريد من الدول الغنية في الخليج ومن ثم على مايريده من الأردن ومصر )
٤-وجعل مصر والأردن بمثابة الضاغطين على السعودية لصفقة سلام بين إسرائيل والسعودية ودعمها !
#حادي عشر:-فيبدو ان قرارات الرئيس ترامب عبارة عن جس نبض لمعرفة ردود أفعال الآخرين كما هو الحال بخصوص توطين الغزاوين في الأردن ومصر ونتوقع التراجع عنها .مثلما تراجع عن فرض ضرائب على الصادرات الكندية ،وتراجعه عن هذا القرار
ولكن يبدوا ان هدفه الرئيسي السيطرة على غزة لاكتشاف شبكة الانفاق والمصانع التي تقع تحت الارض وتدميرها بحجة اعادة اعمار غزة. وكذلك حقول النفط والغاز ضمن حدودها الاقليمية البحرية كما هو الحال بخصوص سواحل لبنان وسواحل سوريا!
( انتهى )
سمير عبيد
٧ يناير ٢٠٢٥