
ضياء ابو معارج الدراجي
في عالم السياسة، ليست كل الكلمات نابعة من قناعة، فبعضها يُشترى ويُباع وفق المصالح والتمويلات، وهذا ما ينطبق على تغريدات النائب الأمريكي جون ويلسون، التي لا تحمل أي تأثير على السياسة العراقية، ولا حتى على سياسة بلاده تجاه العراق، لكنها تُستخدم أحيانًا كأداة مدفوعة الثمن من قبل بعض السياسيين العراقيين لضرب خصومهم أو تحقيق مكاسب داخلية.
جون ويلسون ليس صانع قرار في البيت الأبيض، ولا يمتلك أي سلطة تنفيذية تؤثر على السياسة الخارجية الأمريكية. هو مجرد نائب في الكونغرس يعبر عن آرائه، التي لا تتحول إلى قرارات رسمية، لأن السياسة الأمريكية تُرسم بناءً على اعتبارات أمنية واقتصادية، وليس وفق ما يكتبه نائب يبحث عن الأضواء أو يخدم أجندات محددة.
المفارقة أن بعض تغريدات ويلسون ليست مجرد تعبير عن رأي شخصي، بل تأتي في سياق حملات مدفوعة الثمن من قبل سياسيين عراقيين، يسعون لاستخدام صوته كأداة ضغط ضد خصومهم. هؤلاء يدفعون للوبيات داخل واشنطن لإثارة ملفات معينة، أو لتضخيم قضايا بهدف تشويه صورة طرف سياسي آخر داخل العراق. ويلسون وغيره من النواب الأمريكيين الذين يتبنون مثل هذه التصريحات، لا يملكون حتى فهمًا عميقًا للواقع العراقي، بل يرددون ما يُملى عليهم مقابل مكاسب سياسية أو دعم مالي لحملاتهم الانتخابية.
رغم كل ذلك، فإن تغريدات ويلسون، حتى وإن كانت مدفوعة أو موجهة، لا تؤثر على السياسة الرسمية للولايات المتحدة تجاه العراق. واشنطن تتعامل مع بغداد بناءً على مصالح طويلة الأمد، تشمل التعاون الأمني، الطاقة، والتوازن الإقليمي، وليس وفق تغريدات نائب يستخدمه بعض السياسيين العراقيين كورقة ضغط مؤقتة.
جون ويلسون قد يهاجم، يصرح، ويغرد، لكن كلامه ليس أكثر من زوبعة إعلامية يستغلها البعض لمعاركهم السياسية، ثم تنتهي دون أن تترك أثرًا حقيقيًا. العراق اليوم أكبر من أن تهزه تغريدات مدفوعة، والسياسة الأمريكية أعقد من أن تتشكل بناءً على منشورات ممولة من سياسيين يبحثون عن نفوذ مؤقت.