
رياض محمد
حتى هذه اللحظة وبحسب المرصد السوري لحقوق الانسان, تم نوثيق حوالي 340 حالة اعدام لمدني علوي على يد قوات الامن والجيش والمسلحين الموالين للنظام. ويقول المرصد ان الرقم قد يرتفع الى 1000 وان المجازر مستمرة رغم اخماد التمرد العلوي.
من جهة ثانية قتل حوالي 210 اخرين بينهم حوالي 90 من قوات النظام الحالي و120 من انصار النظام السابق في الاشتباكات التي دارت خلال الايام الثلاث الاخيرة.
ما يبدو واضحا الان وبحسب تقرير مفصل لل بي بي سي انه كان هناك تمرد منسق ومخطط له هوجم خلاله عشرات من نقاط ومواقع الامن السوري الحالي وربما حدثت خلاله بعض الانتهاكات ايضا.
هذا التمرد اخمد الان. لكن ما حدث خلال قمع هذا التمرد وما بعده كان مجازر ضد اناس بلا سلاح ومن مسافات قريبة ووثق مرتكبو هذه المجازر ما فعلوه بكاميراتهم واحتفلوا بافعالهم وفي كثير من الاحيان كانوا يضحكون وهم يرتكبون هذه الجرائم.
كان مرتكبو هذه المجازر يرتدون ملابس عسكرية لكنهم يتصرفون بلا اي ضبط عسكري وكأنهم ميليشيات في تكرار لما فعله شبيحة بشار.
هناك كم هائل من الكراهية البشعة تطفو في السوشال ميديا السورية والعراقية وربما العربية كلها. من جهة يرفض كثير من السنة – بما في ذلك السيدة التي عينها الشرع مسؤولة عن المرأة في سوريا! – اي كلام عن مجازر ويتهمون من يتكلم عنها فورا قائلين: “اين كنتم عندما ذبحنا بشار ل 13 سنة؟”
ومن جهة اخرى يبالغ الشيعة بارقام الضحايا العلويين ويرفضون اي اتهامات للعلويين سواء خلال حكمهم الذي طال 58 سنة في سوريا او خلال التمرد الحالي.
من ذلك مثلا ان هناك شيخ علوي قتل مع ابنه. شاهدت منشورات لسوريين سنة تتهم العلويين بقتله لانه لم يشاركهم التمرد في حين ان المرصد وغيره من المؤسسات ذكروا ان الشيخ قتل على يد قوات الشرع.
نقطة الضوء الوحيدة في وسط هذه الظلمة الموحشة هي مواقف كثير من السوريين السنة في الغرب التي ادانت هذه المجازر دون لبس او اي تبرير.
هذه المجازر اطاحت بقناع الشرع امام الغرب خصوصا ان خطابه خلا من اي اعتذار عنها او اعتراف صريح بتحمله المسؤولية.
الصحافة الغربية انقسمت عموما حيث نشرت بعضها اخبار المجزرة متهمة النظام السوري صراحة مثل الغارديان وفرانس 24 في حين رويت الحكاية كجزء من (اشتباكات) في صحف ومؤسسات اخبارية اخرى مثل الواشنطن بوست.
الصحافة العربية السنية تجاهلت بشكل عام هذه المجازر وركزت على سردية (التصدي لفلول النظام السابق).
وبشكل عام لا اظن ان ما حدث سيؤدي الى تغيير يذكر في مواقف حكومات الدول العربية السنية من نظام الشرع لسببين: الاول ان من قتل علويون والثاني لان القمع لا يشكل جريمة حقيقية في قاموس هذه الانظمة.
انها ايضا مفارقة عندما تنظر الى رد فعل نظام الشرع الخانع تجاه الضربات والتوغلات الاسرائيلية في سوريا ورد فعله الوحشي تجاه المدنيين العلويين.
ما حدث يشبه الى حد ما مجزرة حماة: بضعة مئات من مسلحي الاخوان تمردوا في المدينة فهدم رفعت الاسد حماة على رؤوس اهلها!
سوريا تستحق نظاما مختلفا عن الشرع ونصرته. نظاما مدنيا ربما عبر مجلس مؤقت يرأسه عربي سني واعضائه كوردي وعلوي ودرزي ومسيحي ويتخذ قراراته اما بالاجماع او باغلبية الثلثين لضمان عدم تهميش الاقليات او اضطهادها.
للاسف لم اسمع ان هناك اصواتا داخل سوريا سواء عربية او كوردية او غيرها تنادي بمحاسبة الشرع وقواته على ما حدث ربما لان الضحية هي الاقلية العلوية الحاكمة سابقا.
اما ان يتصدى السوريين الان للشرع – بمعنى تحجيمه او استبداله بحكم مدني – او ان يكونوا شهودا على ولادة طاغية جديد…