ترامب ليس شخص وانما ظاهرة ردة فعل على إجرام ١١ سبتمبر

كامل الحساني

لما وقعت احداث سبتمبر في امريكا كان وزير الخارجية الأمريكية كول باول في العاصمة البرازيلية برازيليا فقال كلمته المشهورة( لن يغيروا قيمنا) ويقصد بها القيم الحضارية، اساسها الديمقراطية والرفاهية المبنية على النظام وحكم القانون، ولكن الرجل كان مستعجلا بالحكم، فقد وجد نفسه ومعه أغلب القيادات الأمريكية متورطة (بخلطة)مشاريع، المعلن بها تحقيق العدالة والقصاص من الفاعلين واستمرار قيادة أمريكا للنظام العالمي ، اما المخفي خليط لمواجهة انتقامية وأخرى إمبريالية، وبالقطع ، يجب ان تتجاوز قضية الشرق الأوسط والصراع الإسرائيلي العربي الإسلامي في المنطقة وطبعا وفرت احسن فرصة للمرضى اليهود بشحن الماكنة الحربية والامنية الامريكية  للانتقام من العرب والمسلمين احياء وحتى اموات، من ايام القينقاع إلى حكم الامير محمد ابن سلمان ،

هذه الحملة فتحت عند اصحاب القرار الأمريكي افاق سياسية وامنية استدعتهم  لتعبئة داخلية وخارجية كان يجب ان يوفروا لها وكالات وامكانيات توظيفية ومصاريف فلكية تغطي هذه الخلطة، بدون حساب لتأثيراتها الداخلية والخارجية ، اما وقد تعثرت الحملة الأمريكية وفتحت شهية تنظيمات ارهابية متنوعة، دكاكين باسم الإسلام التكفيري و إيراني تقابلها تنظيمات امنية وعسكرية ومخابراتية رسمية وأخرى ارتزاقية باسم المقاومين للارهاب من جماعات اكاذيب المجتمع المدني التي لا عد ولا حصر لها ،وحتى ازدهار أعمال تنظيمات تهريب البشر والمخدرات في الأمريكيتين التي تكلف ارواح الأمريكان وحدهم أضعاف ما قتله ارهاب ابن لادن و داعش وايران، والتي دفعتم لتصنيفها بالارهاب، ثم استغلال الصين لانشغالات الأمريكان وصعودها  الصاروخي، وفضيحة الانسحاب الأمريكان من افغانستان  وترك الجمل بما حمل لطالبان ، الذي شجع روسيا لغزو أوكرانيا وتكون سيده على اوربا ،وتراجع امريكا فيميزانها التجاري ، جعلت المواطن الأمريكي الذي كان قد كفر بالأجنبي الذي استغل نظامهم المتسامح فأجرم ب سبتمبر ٢٠٠١ هو نفسه الأجنبي الذي افشل مؤسساتهم ووكالاتهم السياسية والامنية والاقتصادية  في التصدي للتحديات التي صنعتها احداث سبتمبر وهو نفسه الأجنبي الذي نقل مصانعه من امريكا إلى خارجها، هو نفسه الأجنبي الذي اغرق أسواقهم بالسلع معفاة من الرسوم الكمركية ؟

وهو نفسه الأجنبي الذي جاء بتأشيرة عمل مؤقته ليعمل بمزارعهم يساوي الأجنبي الذي ينافسهم على المعونات المعيشية ، هو نفسه الأجنبي الذي فرض عليهم القوانين البيئية وجعلهم يستوردون الطاقة النفطية، هو نفسه الاجنبي الذي حطم سمعتهم بالعراق وافغانستان وأشعل الفساد والفوضى التي اصبحت سمه عالمية هو نفسه الاجنبي الذي كان ومازال سببكل المظالم الأمريكية ، حتى جاء ترامب الماخوذ بالمجد الهوليودي ومعه مجاميع من السطحيين ومعهم بعض اليهود السذج والذين لا تحركهم إلا الرغبة بالكسب الحرام قبل الحلال ليشكلوا حركة احتجاجية مستغلين جروح الأمريكان وتطلعهم  لتحقيق شعار (جعل امريكا عظيمة مرة اخرى)، ليفوزوا بحكم الأمريكان ٢٠١٦ .

بالواقع، لم اكن متفاجئ من فوز ترامب بالفترة الرئاسية الاولى ولا الثانية ، في الاولى كان الامريكان ، بما فيهم أنا وكثير من الملونين  صوتنا له محبطين من سياسة اوباما ، و متأملا مع غيري ، بهذا الرئيس الذي صنع مجده الشخصي ليس بالمليون دولار الذي اقرضه  له والده  ولكن كانت هي ثقتي وإيماني بمنظومة حكم القانون الأمريكي الذي مكنته مع غيره للنجاح الأمريكي والعالمي ،ولكن ، بمجرد بدأ مسيرته لم نتلمس من إلا سياسة الانتقام والدسائس والتآمر على قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان و حكم القانون التي بنت امريكا مجدها وتفوقها العالمي على كل أمم الارض ،واهمها رعونية التآمر مع القيادة الأوكرانية لتحطيم منافسه بايدن وأنهاها بثورة استهتارية لنتائج الانتخابات شكلت وصمة عار حتى مع المقارنة بالأمم الدكتاتورية التي يفوز رؤسائها ب ٩٩.٩٩٪؜ من الأصوات ،

اما في ولايته الثانية فاني اعلنت بأكثر من قناة تلفزيونية قطعي بفوزه على حكم بايدن طولا وعرضا ، هو ونائبته شيوخه ونوابه، كل شيء، ليس لان المهاجرين  يذبحون الكلاب ويشوهها ويأكلوها في الشارع العام ولا ارتفاع اسعار بيض المائدة في الأسواق ، وانما الجرح الذي اصاب ضمير الأمريكان من مذابح غزه والفلسطينيين التي دفعتهم ان سيقبلون التصويت لرئيس جربوا جنونه بداء العظمى الذي سبب الفوضى في كل مكان  وانما كانوا مستعدين حتى للانتحار بالتصويت  للشيطان على ان يقبلوا بايدن وفريقه الملطخة اياديهم بدماء الغزاويين، خاصة مع اشتعال مظاهرات  اصحاب الضمير في اعظم الجامعات الأمريكية .

وبمجرد وضع الرئيس ترامب أشرطته الحاده على شحم ولحم مؤسساته الفدرالية المترهلة وارتفاع صراخ الشارع الأمريكي حتى  ورطه اللوبي اليهودي بأجنداتهم الخارجية ، لم يخشوا او يستحوا بوضع طاقم مجلس الأمن القومي والرئيس ترامب بقيادة رجل اعمال متصهين معهم إلى حد النخاع مثل  ستيفويتكوف ، بحيث لم يتوانى الرئيس المستعجل بتنفيذ أجندات ويتكوف بارتكاب اكبر فضيحة عرفتها الدبلوماسية من منذ نشأتها، لما شتم ووبخ وطرد الرئيس الأوكراني امام كل شاشات الاعلام، هزت الغرب قبل الشرق ، حتى بقلب الصدمة، لم يصرف القادة الأوروبيين دقيقه واحدة للاستهزاء او النقد ببقدر استعجالهم  وانشغالاتهم بالكيفية التي تنقذ امريكا من خطر الهوان والخسران الذي وضع به ترامب أمته وكل الامم المتحضرة ، بصور النفاق والمجملات الاوربية  التي اعقبت الفضيحة  .

للأسف ،ان ما حصل لحد الان هو ليس الفصل السيء من احداث سبتمبر٢٠٠١ وطريقة معالجة الخطأ بالخطأ ، وانما ننتظر ما هو اسوء للامريكات وتأثيراتها على العالم ، بسبب ظاهرة الاستسلام لسياسة ترامب وفريقه، واقصد الاستسلام الداخلي ، فتلاحظون الديمقراطيون بكل جلالتهم منبطحون له  ؛  بدعاوى قضائية هنا وهناك ،لا يعرفون كيف يواجهون هذه الفوضى بما فيهم حكيمهم اليهودي المخضرم رئيس الأقلية في مجلس الشيوخ الأمريكي(شوماخر) الذي ضيع على حزبه الديمقراطي  فرصة صد هذه الفوضى ولو بوسيلة الموازنة التي مررها على رغم رفض اغلبية اعضاء الحزب، واليوم منقسمون ومشتتون إلى حد الانفجار ، اما على الصعيد الخارجي  تتذكرون كيف ان بايدن وكل القادة الموالين لاسرائيل حذروها من تجربتهم بعد  ١١ سبتمبر، ولكنهم استسلموا لجنون اسرائيل وإجرامها مرغمين ، والاسوء هو استسلام رعاة ضحايا العرب والمسلمين، مراجعهم السياسية والدينية العظمى، الذين يصلون ويحجون ويزكون ويصومون ويعيدون واهلهم في غزة اما قتلى وجرحى او جوعى وعطاشى  ،صاروا لا يمكن ان تفرقهم بين انقاض مدينتهم غزة إذا كانوا احياء او اموات و جثثهم  تبكي عليها حتى الحجر ، ولا نريد ان نكرر تعليقنا على استسلام اوربا وإجبارها حتى لهذا الرئيس الكوميدي (زلنسكي) الذي صنع له بطولة قومية وعالمية بفضيحة مواجته مع ترامب ونائبه ، ثم عاد مستسلما لترمب وفريقه باعتذار خدش الرأي العام العالمي قبل ان يثير الأسف والإحباط عند الاوكران .

بالاخير ،اقول إذا تحاول القوى الأمريكية او القوى العظمى والرأي العام إقناع السلطات الأمريكية بتحقيق العدالة بين الإسرائيليين والفلسطينيين وفق القوانين الدولية ومبادي العدالة فانها لن تكسر ظاهرة ١١ سبتمر وما تلاها من تراجع القيم الأمريكية والغربية  التي وصلت بالرئيس ترامب وفريقه يشطب الوسائل والمقومات التقليدية التي روجت للقيم الأمريكية والهمت العالم على تحدي الدكتاتوريات والأنظمة الأوتوقراطية من  اسيا مرورا بأفريقيا وأوروبا والأمريكيتين  مثل وكالات  الدعم الإنساني والإعلامي التي تأسست بعد الحرب العالمية الثانية ،اما إذا استمرّت الجلطة الدماغية في الرأس الأمريكي ( اسرائيل) تنتشر بلا علاج في الجسد الأمريكي فقد تأتي الظاهرة الترامبية منهو اسوء من ترامب ويدمر كل ما بنوه الأمريكان ، وعندها يستحيل على امريكا ان تعود عظيمة مرة اخرى وللابد،،،

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *