كتل بشرية أم دولة…

عدنان طعمة

كشفت اتجاهات الرأي العام في مواقع التواصل الاجتماعي خلال حرب الإثني عشر يوما بين إسرائيل وإيران أن العراق عبارة عن كتل بشرية متفرقة، تتغلب عليها الولاءات الطائفية والعرقية على حساب الهوية الوطنية الجامعة.
وتوصيفي هذا ليس بجديد ففي عام 1921، برزت تحديات جوهرية أمام بناء كيان وطني موحد، وهو ما عبر عنه الملك فيصل الأول في مذكراته حين قال:
(إن البلاد العراقية هي مجموعات بشرية خالية من أي فكرة وطنية، مشبعة بتقاليد وأباطيل دينية لا تجمع بينهم جامعة، دائمًا هم عرضةً للاختلافات الشديدة.)
بهذا الوصف أشار فيصل الأول إلى أن المجتمع العراقي، الذي يتألف من قبائل وطوائف وأقليات عرقية ودينية، كان يفتقر إلى القاعدة المشتركة التي يمكن أن تشكل أساسا لدولة حديثة.
في العقود اللاحقة، تناولت العديد من الدراسات الغربية هذه القضية وأكدت أن العراق ظل كيانا هشا. في كتابه “Inventing Iraq”، أشار المؤرخ البريطاني توباي دودج إلى أن الدولة العراقية كانت نتاجا لتدخل القوى الاستعمارية، وخاصة بريطانيا، التي أسست كيانا سياسيا دون مراعاة التكوين الاجتماعي المتعدد. العراق، كما وصفه دودج، كان “اختراعا سياسيا” أكثر منه نتاجا لتطور طبيعي داخلي.