ديسمبر 26, 2024
33657360_1643723009074985_6930543139325214720_n

الكاتب : سلمان رشيد الهلالي

(كل هوية عشوائية تبحث عن هوية منظمة لتنتمي اليها) ميشيل فوكو
يجب القول في البدء ان هذه الدراسة لاتدخل ضمن نطاق الحقل السياسي السائد اليوم او الصراع الطائفي المحتدم في المنطقة , وانما هى دراسة تاريخية – سيوسولوجية حول طبيعة التاثير الايراني على انبعاث الهوية الشيعية في العراق خلال القرون الاربع الاخيرة , بعد ان تلاشت سياسيا واخلاقيا ومذهبيا تحت تاثير البداوة والعشائرية والعثمانية والبعثية والقومية العربية . وبالطبع ان الكثير من الشيعة اليوم سوف يرفضون هذه الدراسة ويعترضون عليها لسببين :
الاول : ويعتبرها تأكيدا للخطاب الطائفي والبعثي الذي يربط التشيع بايران عادة .
الثاني : ويرفضها بدعوى ان العراق هو مؤسس التشيع في العالم ومهده الاول , ومن غير المعقول ان يكون لايران او غير ايران اي تاثير على هويته .
ان هذه الدراسة – في الواقع – هى موضوعية ومنطقية وتاريخية ولاتحتاج الى اعتراض , اذا كان الانسان لايحمل عقدة سياسية وقومية من ايران , لان التاثير والتاثير المتبادل هو حالة طبيعية في الديانات والافكار والممارسات , فحتى المذهب السني في الاصل قد اسسه عقائديا وفقهيا العلماء الفرس عندما كانت ايران سنية مدة الف عام قبل التحول الصفوي . واما الانسان الشيعي العراقي الذي يعاني من استلاب الوطنية والقومية والشعور بالدونية امام المركزية السنية والقومية العربية , فحتما انه سيعتبر ذلك عارا ومنقصة ان تكون الهوية الشيعية قد تم احياؤها وانبعاثها في التاريخ الحديث من ايران . واما وجه الاعتراض الموضوعي بان العراق هو مركز التشيع ومنبعه الاول وليس في ايران التي تشيعت قبل خمسة قرون فقط , فان هذا الكلام صحيح بلحاظ ان التاسيس هو عراقي , ولكن التطور والانبعاث هو ايراني , مثلما حصل بالديانة المسيحية , فالتاسيس هو شامي او فلسطيني (ان صح التعبير) ولكن التطور والانبعاث هو روماني . سيما وان موضوعنا يختص بالتاريخ الحديث الذي يشمل القرون الخمسة الاخيرة , وليس التاريخ الذي يبدا من صدر الاسلام وتبلور المذاهب الاسلامية الاولى . ومن يعترض على الموضوع ومضمونه يمكنه الرد ضمن هذا المنهج او النسق الثقافي المحدد , والاجابة عن الاشكالات التي وردت فيه وصحتها او مصداقيتها , او نفي ما ورد فيها , وليس الدخول بالقضايا السياسية المتغيرة او الوطنية الخطابية .
تحولت ايران الى التشيع قسرا على ايدي الشاه اسماعيل الصفوي (1487- 1524) واصبحت دولة مقتدرة وفاعلة في المنطقة حتى انها واجهت الامبراطورية العثمانية التي اخذت بالتمدد والتوسع في المشرق العربي , والقت بصماتها الواضحة وتاثيرها المباشر على التشيع في العالم اجمع , حتى وصف الكاتب الامريكي (ولي نصر) في كتابه (صحوة الشيعة) التشيع المعاصر ب(الاسلام الايراني) . الا ان قدوم رجال الدين الايرانيون الى العراق واجهتهم صدمة تلاشي التشيع وارتكاسه الى العشائرية والبداوة في هذه البلاد التي كانت تعد موطن التشيع ومنبعه الاول , فيما كانت مخيلتهم تنظر للعراق مثل نظرة المسيحي لبيت لحم والجليل في فلسطين , او نظرة اليهودي الى اورشليم في اسرائيل , كمثال اعلى مقدس من الرقي والتضامن والعنفوان . واضحت المدن الشيعية المقدسة التي كانت تشكل الاشعاع الحضاري الاول ومنارة الاسلام ومستقر الائمة والعلماء جزرا منعزلة تحت الحكم العثماني الطائفي المتخلف , تعاني الجوع والعطش والخوف . وبالمحصلة النهائية وجدوا ان الشيعة في العراق افتقدوا ثلاث جوانب رئيسية تعرقل تطورهم نحو تكوين الهوية وبلورتها كجماعة اساسية فاعلة تبحث عن الكرامة والعدالة والمساواة وهى :
الاول : الجانب السياسي : اذ وجد الايرانيون ان شيعة العراق قد اصبحوا ابعد الناس عن الرفض والمقاومة والثورة ضد الحكام الطائفيون والمحتلون , وارتكسوا نحو العشائرية والبداوة , واخذوا يتحاربون فيما بينهم ,واعتادوا العبودية والتخاذل امام تلك الحكومات ,وافتقدوا الهوية والتضامن والسعي نحو تكوين الدولة الشيعية او الوطنية الخاصة بهم التي تحقق لهم الاستقرار والامان والحرية في تحقيق هويتهم وثقافتهم . وكما قال دوركهايم (ان كل مكان لاتتخذ فيه العقائد والمؤسسات شكلا ماديا محددا ,تكون هذه العقائد والمؤسسات اكثر عرضة للتغيير تحت تاثير اوهى الظروف) . لذا عمل الايرانيون على اضفاء الطابع السياسي على التشيع والسعي نحو التحرر والانعتاق ورفع الظلم والاستهداف والاستبداد , والقاء الروح بالمومياء الشيعية المتكلسة منذ الف عام . وكما هو متوقع لم يحقق الايرانيون النجاح في مسعاهم الاول ابان العهد العثماني للهيمنة المتطرفة من قبل القيم البدوية والعشائرية اولا , والحكم العثماني الطائفي ثانيا , فضلا عن سقوط الدولة الصفوية عام 1736 وانشغال الحكومات اللاحقة بالشان الداخلي والتفاهم مع الدولة العثمانية على توزيع مناطق النفوذ والسيطرة بين الدولتين , الا انهم استخدموا بدل ذلك التشيع الناعم والتغيير الثقافي والبعث الطقوسي والعلاقات المذهبية والاواصر الدينية من خلال سلوكيات وممارسات ظهر تاثيرها واضحا فيما بعد في نشر التشيع بين العشائر البدوية السنية في جنوب العراق . ولايمكن القول ان تصرف الايرانيون كان عن وعي وتخطيط مسبق , وانما هو سلوك لاشعوري من قبل الهوية الشيعية الايرانية القوية , ورغبتها بنقل ماقامت به من نجاحات في اندماج المذهب بالدولة في ايران ايران الى الحالة العراقية . تجلى في توحدها الاخير بالثورة الايرانية عام 1979 التي بعثت الهويات الشيعية في العالم (اوتوماتيكيا) من خلال التاثير والتقليد والاستلهام .
ثانيا : الجانب الاخلاقي : كان النظام الاخلاقي في العراق خلال العهد العثماني يغلب عليه الطابع الريفي والبدوي والعشائري القائم على الغزو والنهب والسلب والتغالب والاستحواذ والسطو , وهيمنة القيم العشائرية والمحلاتية مثل النهوة والدخالة وغسل العار وغيرها , ولم يكن للتشيع اي منتظم اخلاقي او تاثير ايجابي على المجتمع , بل ان القيم الاسلامية نفسها لم يكن لها اي دور او تاثير على حياة الافراد , حتى ان العلامة اللبناني محمد رشيد رضا (1865- 1935) صاحب المنار عندما اشتكى له الشيوخ الطائفيون في العراق من تحول القبائل البدوية السنة الى التشيع في القرون الاخيرة من خلال تاثير رجال الدين والمبلغين الشيعة , امتدح هذا العمل بدعوى ان هذه القبائل لم يكونوا مسلمين بالاصل , وانما بدو واعراب ولايعرفون من الاسلام سوى الاسم , وان تحولهم وتاثرهم بالتشيع ربما يشكل لهم خطوة باتجاه الاسلام وقيمه . ولايمكن القول ان تحول تلك القبائل للتشيع قد انهى القيم البدوية والعشائرية كليا , وانما شكل خطوة – وان كانت بطيئة – نحو التحضر والاستقرار والمعرفة بقيم التشيع ومبادئه البسيطة والمعتدلة . ولانستطيع ذكر جميع الامثلة حول التاثير الايراني بالعراق , ولكن نذكر منها ظاهرة ارتداء الحجاب عند العراقيات خلال العقود التي تلت الثمانينات والتسعينات من القرن العشرين والتاثير الايراني بهذا الصدد , حتى ان الحكم البعثي الطائفي في العراق اخذ يروج ان الحجاب عادة فارسية . وانا هنا لاامدح ارتداء الحجاب او انتقده , وانما اعتبره ظاهرة شخصية تخص المرأة , ولكن نحن نرصد الظواهر وتطورها واسبابها .
ان فقدان الهوية عند جماعة معينة يؤدي لامحالة الى تفكك النسيج الاجتماعي وفقدان الاخلاق والقيم الايجابية عند تلك الجماعة , والسبب هو ان فقدان الهوية يؤدي بسهولة الى انسياب القيم السلبية والمشاريع الانقسامية الاخرى , لان من ليس عنده هوية سيكون هوية الاخرين والاعداء الطائفيين والمتربصين , ومن ليس عنده مشروع سيكون مشروع الاخرين , ومن ليس عنده هدف سيكون هدف الاخرين , لاحاجة الى القول ان شيعة العراق وبعد ان افتقدوا الهوية والمشروع والهدف , اصبحوا مرتعا خصبا لجميع المشاريع السلبية للطائفيين والبعثيين والمخصيين التي ابقتهم في مستنقع العبودية والاذلال والانتهاك خلال القرون الخمسة الاخيرة . كما ان فقدان الهوية يؤدي الى فقدان الشعور بالجماعة والتضامن العضوي بين اتباع المذهب الواحد , وضرورة حمايتهم وتحصينهم من الاختراق الطائفي والعنصري , وتعزيز قيمهم واخلاقهم ومجتمعهم من الانحراف والتردي والسقوط , لانه ذلك سيشكل ضررا جسيما عليهم . لذا وجدنا بان الشيعة في العراق وكلما ضعفت عندهم الهوية الشيعة ارتكسوا في مستنقع السقوط الاخلاقي وافتقدوا الخصال الحميدة والايجابية واصبحوا مثل (الكلاب) بعضهم ينهش لحم الاخر , وبعضهم ينال من الاخر , ليس في الجانب السياسي فحسب , بل والاجتماعي والشخصي . فنحن نتذكر جيدا خلال عقد الثمانينات والتسلط البعثي والطائفي في العراق وكيف اضحى الكثير من الشيعة يكتب التقارير الامنية على جيرانهم واقاربهم , رغم علمهم انها تؤدي بهم للاعدام والاعتقال , ليس خوفا من السلطة البعثية او طمعا في مكاسبها , وانما تملقا ونفاقا وحقدا على ابناء جلدتهم ومنطقتهم . بمعنى ان الامر لم يقتصر على البعثيين من الشيعة في الجنوب الذين كان دورهم شبيه ب (كلب الحراسة) في الكتابة والتحريض على اهلهم وابناء منطقتهم , وانما حتى الاخرين من غير البعثيين من العامة . وقد روى لي احد الافراد ممن كان له توجهات اسلامية في بداية الثمانينات , ان جارهم كان ياتي يوميا في الليل ينصت على منزلهم وينقل مايقولون للامن والفرقة الحزبية البعثية , ادت بالنهاية الى اعتقال ابنهم سنوات طويلة . وقد يذكر البعض : ان اخلاق الناس السلبية وفقدان الخصال الحميدة هى نتاج طبيعي لاستبداد والحكم الديكتاتوري التي سبق وان ذكرها عبد الرحمن الكواكبي في كتابه (طبائع الاستبداد) بان الحكم المستبد يولد النفاق والجهل والحقد والحسد في المجتمع , ولكن من جانب اخر نقول لو ان المجتمع عنده هوية فاعلة وقوية ومتراصة – مثل سنة العراق – لكان تاثير الاستبداد اقل من ذلك بكثير , كما حصل مع دول اخرى في المنطقة مثل سوريا وليبيا ومصر . ففي العراق وصل الحال بالبعثيين الشيعة ان اخذ الكثير منهم يكتب تقريرا امنيا خطيرا حتى على زوجته , رغم علمه ان اعتقالها سيؤدي الى احتمالية اغتصابها من قبل رجالات الامن والضباط الطائفيون . واخذت الزوجة تستدرج زوجها في نقد الحكومة رغم علمها باعدامه , كما حصل في قضية المطرب صباح السهل واستدراج زوجته له في السخرية من الحكومة البعثية وتسجيل اقواله التي اودت به الى الاعدام .
واما ابلغ دليل معاصر للسقوط الاخلاقي الذي ينتج عن فقدان الهوية وتلاشي القيم والتقاليد هو ماحصل في وسط وجنوب العراق في الاعوام التي اعقبت التظاهرات التي اندلعت في تشرين الاول 2019 ضد حكومة عادل عبد المهدي , وفقدان الدولة والمجتمع والدين والعائلة لوظيفتها وسيطرتها على ابنائها . حيث شهد المجتمع العراقي – وخاصة عند فئة الشباب والمراهقين – سقوطا اخلاقيا لامثيل له عندنا في التاريخ , من حيث التجاوز والسخرية والهجوم على كل مايمت للمجتمع بقيمة او رابطة او قدسية . واذا كان هذا السقوط والتردي قد بقى ضمن نطاق المدينة او العشيرة لكان الامر هين , ولكنه اخذ ينتشر ويعمم في الارجاء من خلال وسائل التواصل الاجتماعي بالفيس بوك او اليوتوب وغيره . بمعنى ان الساقط يفتخر بسقوطه ويعممه حتى يتحول الى ظاهرة , وينتشر عند الرعاع والقطيع والاوباش ممن على شاكلته واخلاقه . ولانعلم في السنوات القادمة ماذا تخبىء لنا الايام وما يحصل من احداث غريبة ومريعة في وسط وجنوب العراق . فالام تلقي ابنائها في النهر ,والزوجة تحرق زوجها بالاتفاق مع عشيقها ,والاب يحرق ابنائه الاربعة وهم نيام , والاف القصص التي نخجل من ذكرها من السقوط الاخلاقي عند العوائل في الجنوب من البغاء والقيادة والدياثة . والكارثة ان الكثير ممن يطلق عليهم المثقفين العراقيين يمدحون تلك السلوكيات والجيل الذي يقوم بها بدعوى انهم متمردون على الدين والطبقة السياسية الحاكمة , بمعنى ان السقوط لااشكال فيه مادام يحقق غرضهم السياسي والايديولوجي او رغبتهم بالحصول على المناصب من خلال ركوب موجة التظاهرات – كما حصل عندنا في الناصرية – ودخول الكثير من الاكاديميين والفنانين والكتاب على خط التظاهرات واستغلالها والمزايدة عليها , وفاتهم ان السقوط الاخلاقي سيدمر المجتمع وقيمه , وانهم سيكونون اول ضحاياه , لان من يصنع فرانكشتاين فان فرانكشتاين سياكله في الاخير . وربما ان الكثير من اولئك السياسيين والفنانيين عنده قابلية الرقص مع الثعالب التي تتوافق مع شخصيته وعشيرته , ولكن حتما الاغلبية ستتاثر بهذا اذا انهارت القيم الايجابية والضابطة الاجتماعية التي تنتج عادة من تلاشي الهوية .
ثالثا : الجانب المذهبي : تلاشت اغلب السلوكيات والمظاهر الشيعية خلال القرون التي اعقبت سقوط بغداد وهيمنت القيم البدوية والعشائرية وغياب مظاهر الاستقرار والتحضر عقب انهيار الحكم المركزي وتدمير انظمة الري واهمالها في البلاد , والسيطرة العثمانية الطائفية المباشرة , وتحول اغلب ابناء المجتمع نحو البداوة والتنقل والانضمام الى التحالفات العشائرية من اجل الحماية والتضامن , حتى وصل الحال ان قال المؤرخ الموالي للعثمانيين ابراهيم فصيح الحيدري البغدادي (1820 – 1882) صاحب كتاب (عنوان المجد في بيان احوال بغداد والبصرة ونجد) (ان الرافضي لابد ان يكون اما بحراني او عجمي) للدلالة على تلاشي التشيع في العراق بسبب البداوة والاوبئة والحكم العثماني , واقتصاره على ايران والبحرين . واضحت الثقافة الشيعية التي تشكل الهوية متردية ومتلاشية تحت القيم الريفية والبدوية , واذا كان ديستوفسكي يقول (ان الفلاح الروسي لايعرف من المسيحية الا بمقدار ما يعرفه من الرياضيات) فاننا في العراق نقول (ان الشيعي العراقي الريفي اصبح لايعرف من التشيع الا بمقدار معرفته من الفيزياء) . لذا عمل الايرانيون على القيام بممارسات وسلوكيات اعادت الروح للثقافة الشيعية تدريجيا , تبلورت من خلال اعمال عدة اهمها :
1 . السجود على التربية الحسينية اثناء الصلاة .
2 . ادخال عبارة (اشهد ان علي ولي الله) في الاذان . علما انها لم تصل للعراق الا بعد زيارة الشاه ناصر الدين للبلاد في عهد مدحت باشا , فسمع في كربلاء الاذان بدون هذه العبارة , فامر باعادة الاذان وادخالها فيه . ومن يومها استمر الاذان بهذه الصورة . علما ان مراجع الدين الشيعة لايوجبون هذه العبارة بالاذان والاقامة .
3 . استحداث ظاهرة المشي للمراقد المقدسة . واول من اعتمدها هو الشاه عباس الصفوي الذي سار مشيا من اصفهان الى مرقد الامام الرضا في مشهد سنة (1601 ميلادية) .
4 . استحداث مظاهر الحزن الجماعي ولبس السواد وتنظيم مواكب اللطم بالزنجيل والالات الجارحة الاخرى في عاشوراء على الامام الحسين . وقد اعتمدوها تقليدا لمواكب اللطم المسيحية الارثذوكسية في القوقاز .
5 . استحداث مظاهر التشابيه في مراسم عاشوراء التي كانت في حينها ضمن مواكب اللطم – وليست مستقلة مثل الان – مثل احضار الاطفال والنساء او اختيار مشاهد محزنة من الواقعة .
6 . بناء مراقد الائمة واعمارها في النجف وكربلاء والكاظمية وسامراء وهى العمارة الباقية حتى اليوم .
7 . بناء المدارس الدينية في كربلاء والنجف لطلبة العلوم الدينية , وهى تسمى مدارس مجازا ,لانها عبارة عن مبيت الطلاب الاجانب والغرباء الذين يدرسون في الحوزة العلمية .
8 . استحداث الحسينيات كدور للعبادة وممارسة الطقوس العاشورية . واول تلك الحسينيات بنيت في كربلاء في مطلع القرن التاسع عشر ثم النجف ثم الكاظمية .
9 . بلورة مفهوم المرجعية الدينية السائدة اليوم بشقيها الولاية المقيدة والعامة المعروفة بولاية الفقية . فالمرجعية الدينية التي تعتمد التقليد والاجتهاد – كما هو معروف الان – نسق كهنوتي وديني ومذهبي تطور عبر التاريخ , اكتملت ملامحه في القرن التاسع عشر في مرجعية الشيخ مرتضى بن محمد امين الانصاري (1799-1864) الذي يعتبر اول فقيه يعترف به كمرجع اعلى وحيد للعالم الشيعي , واول من ادخل مبحث التقليد والاجتهاد في الفقه , وهو من التاثيرات غير المباشر للانبعاث الشيعي الثاني الذي تبلور نتيجة سلوكيات وتاثيرات الدولة الصفوية ونتائجها المباشرة على التشيع , الا انه بقى تاثير رجال الدين في العراق ضعيفا على الاجمال وغير فاعل , وبهذا الصدد يذكر فالح عبد الجبار (تاريخيا وحتى الثمانينات من القرن الماضي , كانت طبقة رجال الدين الشيعة في العراق ضعيفة جدا بالمقارنة مع نظيرتها الايرانية , فهذه الاخيرة كانت تتمتع بقاعدة مالية قوية وقاعدة شعبية وريفية قوية) .
اشاع الكثير من المثقفين والعلمانيين العراقيين ان الايرانيون يتعمدون الترويج للطقوس الحسينية وغيرها من المظاهر الشيعية في العراق , فيما انها غير رائجة او منتشرة بكثرة في ايران , وان هدف الايرانيين من ذلك الترويج ترسيخ التخلف والبدائية والكسل في المجتمع العراقي – او الشيعي – وابقائه ضمن نطاق التاخر والتبعية لرجال الدين ,واشغالهم بممارسات قرو – سطية تعيق تطورهم وتقدمهم وتحضرهم او مطالبتهم بالحقوق والمساواة . في الواقع ان هذا الكلام هو ترويج لنظرية المؤامرة المسكونة في عقول الانتلجنسيا العراقية مع الاختلاف ان هذه النظرية انتقلت من الامريكان الى ايران في العقود الاخيرة , بعد ان ابدل الاعلام الخليجي العداء العربي من امريكا واسرائيل لايران , ومن الطبيعي ان يتاثر المثقفين الشيعة بهذا الخطاب بحكم التبعية والخصاء والدونية التي يعانون منها امام العرب . فيما ان القضية غير ذلك تماما . فالايرانيون تجاوزوا الطقوسيات الحسينية نحو اكتمال الهوية وتبلورها من خلال الدولة , فيما ان العراقيون وبسبب تشظي الهوية وانقسامها وضعفها يحتاجون للطقوس الحسينية من اجل التضامن والتوحد والتعبير اللاشعوري عن الهوية . وقد فصلت ذلك في مقالتي في موقع الحوار المتمدن (الطقوس الحسينية والهوية الشيعية في العراق) .
واجهت السلوكيات الايرانية في بعث الهوية الشيعية في العراق وترصينها واعطائها بعدا سياسيا واخلاقيا واجتماعيا , وانتشالها من التشظي والاحتراب والانقسام الاجتماعي والعشائري والمناطقي ثلاث عوائق او تحديات :
الاول : التحدي العثماني والسلفي الطائفي : بما ان العراق كان يقع تحت الاحتلال العثماني المباشر (1534 – 1918) الذي كان ينتهج سياسة طائفية وعنصرية واستعلائية على البلاد , فان تلك السلوكيات الايرانية كانت تواجهة بالعائق العثماني وتقييد التحركات ومراقبة الطقوس الحسينية وقمعها ورفضها ومحاربتها ومواجهة التشيع ثقافيا وسياسيا ,وتحريض الشيوخ ورجال الدين السنة من المتطرفين والمتعصبين عليهم , وتكفيرهم وتخوينهم وتشويه سمعتهم . ولكن – لحسن الحظ – ان الدولة العثمانية كانت تستخدم اسلوب الحكم السائب – حسب تعبير علي الوردي – اي ترك الافراد يفعلون مايشاؤون مادام يدفعون الضرائب والاموال والرسوم , فان هذا اعطى فسحة من الحرية النسبيه للجماعة الشيعية والايرانيون بالتحرك في العراق , ونشر ثقافة التشيع بين القبائل البدوية السنية الوافدة الى الجنوب , ومن ثم تحولها التدريجي نحو التشيع .
كما واجهوا تحديا اخر تمثل بالحركة السلفية والغارات الوهابية التي تمظهرت من خلال طريقين :
1 – التحدي الثقافي والفكري والتكفير الديني الذي قام به رجال الدين السلفية في مؤلفاتهم ومصنفاتهم ضد الشيعة ,سواء اكانوا في منطقة نجد او في العراق . وكان ال الالوسي – من امثال ابي الثناء ومحمود شكري الالوسي – القدح المعلى بهذا الشان خدمة للدولة العثمانية من جانب والحركة الوهابية من جانب اخر .
2 – الغارات الوهابية والهجوم على القبائل العراقية وسرقتها ونهبها وقتل ابنائها , واهمها الهجوم على مدينة كربلاء سنة 1802 ابان حكم سعود بن محمد ال سعود .
ثانيا : العائق القومي الطائفي : وتمثل بالدولة العراقية التي تاسست عام 1921 والانظمة السياسية التي تمظهرت بها كالنظام الملكي (1921 – 1958) والجمهوري الاول (1958-1968) والجمهوري الثاني البعثي (1968 – 2003) التي عملت على عزل الشيعة عن ثقافتهم وهويتهم ومكافحتها وتهميشها ومحاربتها بل وحتى تخوينها وتكفيرها .
ثالثا : التحدي العلماني والاصلاحي : واعتبر هؤلاء الدين الاسلامي من اهم عوائق الحداثة والتنوير , ويجب بالتالي نشر الافكار العلمانية والاصلاحية ومواجهة الطقوس الحسينية ومحاربتها وتهميشها . وينقسم هؤلاء الى قسمين :
1 – التنويريون الحقيقيون الذين تبنوا الدعوات الاصلاحية بحرص وعلمية , وطرحوا الحلول الواقعية والناجحة بهذا الصدد من قبيل هبة الدين الشهرستاني علي الشرقي وعلي الوردي وابراهيم الحيدري وغيرهم .
2 – العلمانيون الذين هاجموا التشيع لاغراض ايديولوجية وقومية وطائفية وسياسية , واعتبروا الطقوس الحسينية والهوية الشيعية احدى تجليات العهد القديم وعصر ما قبل الحداثة . وينقسم هؤلاء الى قسمين :
أ – المثقفون القوميون والبعثيون والطائفيون الذين اعتبروا انبعاث الهوية الشيعية من ايران خطرا على حكمهم وسلطتهم , لانها تضمر جانبا سياسيا يجعل الشيعي العراقي يتطلع الى المساواة والعدل والمشاركة بالادارة والحكم . وكان الرائد الاول بهذا المجال في العصر الحديث الحاج خير الله طلفاح الذي ربى ابن اخته الرئيس صدام حسين على هذه الافكار والتوجهات الطائفية والعنصرية وشجعه على احتلال الاراضي الايرانية وشن الحرب عليها عام 1980 .
ب – المثقفون الشيعة المخصيون الذين يعانون من الاستلاب والدونية والنقص امام المركزية السنية الطائفية والقومية العربية الذين يرفضون انبعاث الهوية الشيعية للاسباب الاتية :
1 – انهم ينظرون لهويتهم بعين الحاكم القومي والبعثي والطائفي الذي جعلهم يخجلون من هويتهم التي الصقت بها كل سلبيات التاريخ , وبالتالي اعتبروا انبعاث الهوية الشيعية من قبل الايرانيون استفزازا للمركزية السنية التي يقدسون ويخضعون .
2 – ان الكثير من المثقفين الشيعة يرفضون التدخل الايراني في بعث الهوية الشيعية سياسيا في العراق , لان ذلك يشعرهم بواقعهم كعبيد للانظمة الطائفية الحاكمة على مدى التاريخ , ويصيبهم بالجرح النرجسي – في التعريف والمصارحة مع ذاتهم كعبيد تحت الحكم الديكتاتوري والاستبدادي , سيما وان العراقي يعطي لنفسه تقديرا اكبر من حجمها من الاعتزاز والعنفوان والتباهي والادعاءات الكاذبة بالحرية والشجاعة والكرامة .
3 – ان انبعاث الهوية الشيعية سيلقي عليهم تبعات مواجهة المركزية السنية والانظمة الطائفية الحاكمة والقوى العربية المضادة لهذا الانبعاث , ويفرض عليهم مسؤولية المواجهة والتصدي والرفض والمقاومة لهذا الواقع ,مما يحتم عليهم المواجهة والقتال والمقاومة للقوى المستبدة ,وتقديم التضحيات والشهداء بهذا الصدد , فيما ان المثقفين العراقيين عرف عنهم تاريخيا الجبن والتخاذل وتلاشي المقاومة حتى افتقدت البلاد للمثقفين الشهداء .
4 – الخشية من انبعاث الهوية الشيعية في العراق ان يخلق عندهم نوعا من التوتر والمعاناة والاستهداف واستعداء المحيط العربي الطائفي , وردات فعله المتطرفة من التخوين والتشويه والتكفير . فيما ان الخضوع للعبودية والاستسلام للاستبداد تولد نوعا من الكسل والتراخي والشعور الوهمي بالامان .
5 – الخشية من نتائج انبعاث الهوية الشيعية على الاستقرار السياسي والوحدة الوطنية في العراق , وما يتبعها من انقسام واحتراب مجتمعي ومذهبي واثني , والتضحية بالهوية في سبيل الوطن ووحدته وتماسكه . في الواقع ان التضحية ليست من اجل الوطن , وانما من اجل استمرار الانظمة الطائفية والقومية بتسلطها الاستبدادي وترسيخ حكمها الديكتاتوري في البلاد على حساب الاغلبية الشيعية وابقائها في دائرة الاستهداف والتهميش والاقصاء والعبودية . وهذه الدعوة هى من اغرب الدعوات واكثرها امتهانا في التاريخ ان تبقى اغلبية البلد تحت التسلط والطغيان والتهميش من اجل الحفاظ على الوحدة الوطنية والتماسك الاجتماعي .
6 – الخشية من الاتهام بالطائفية والتبعية لايران اذا ساهم المثقف الشيعي بالترويج لانبعاث الهوية الشيعية في العراق , لان هذا المثقف عنده الاستعداد ان يتحمل الاتهام بالتخوين والتبعية لجميع دول العالم , ابتدا من امريكا والسوفيت والانكليز وانتهاء بالاورغواي وكينيا والنيبال , عن الاتهام بالتبعية لايران . ويتحمل الاتهام بالعلمانية والاباحية والالحاد والفساد عن الاتهام بالطائفية . لان في ذلك استفزازا للمركزية السنية والقومية العربية التي اخصته ودجنته على مدى عقود طويلة .
استشعرت الانظمة الطائفية الحاكمة في العراق – سواء اكانت العثمانية والملكية والجمهورية – والكتاب والشيوخ التابعين لها خطورة هذه الظاهرة وتداعياتها , وعرفوا ان الانبعاث الشيعي في العراق لايكون الا من خلال التاثير الايراني , سواء اكان في الجانب السياسي او المذهبي والاخلاقي . وان شيعة العراق من الضعف والتشظي والتخاذل والعبودية ما يمكن السيطرة عليهم بسهولة , اذا تم عزلهم عن التاثير الايراني المباشر وغير المباشر . لذا كان تركيزهم الفكري على الدوام ينصب على عزل شيعة العراق عن ايران , والاستفراد بهم والنيل منهم من خلال الهجوم على ايران وتشويه تاريخها وسمعتها وتكفيرها . واستخدموا بهذا الصدد العشرات من وعاظ السلاطين وشيوخ السوء ورجال الدين خلال مرحلة الحكم العثماني , والكتاب العلمانيين ابان الحكم الوطني مثل عبد الرزاق الحصان ومعروف الرصافي الذي اعلن صراحة في كتابه (الرسالة العراقية) ضعف التشيع في العراق وان قوته تنبع من ايران .
اذن هناك عاملان يتنافسان على العراق بحسب التوجه القومي والمذهبي للبلاد , الاول يريد الاستمرار بعبودية العراقيين الشيعة وتدجينهم وتهميشهم واخصائهم , والثاني يريد تحررهم وتعزيز هويتهم ومشاركتهم بالحكم والسلطة في العراق بما يتناسب عددهم ونسبتهم السكانية :
اولا : العامل القومي العربي : ورغم انه يعتبر العراق بلدا عربيا , الا انه ينظر للعراق وبسبب اغلبيته الشيعية نظرة طائفية مقيته وصلت الى درجة التشويه والتخوين والتكفير والقتل والابادة , بل وصل بهم الحال ان اعتبروا الشيعة ليسوا عربا , وانما فرس مجوس او هنود او اعاجم . وهؤلاء العرب يريدون العراقي الشيعي تابعا وعبدا وذيلا ومواطنا من الدرجة الثالثة , وليس سيدا او حاكما في بلده . وبالطبع لاحاجة لاستعراض ممارسات الابادة القتل وسلوكيات العرب والسلفية والبعثيين والطائفيين ضد الاغلبية الشيعية في العراق على مدى التاريخ , من العهد الاموي والعباسي والعثماني وحتى العهد الملكي والجمهوري , بل واستمر القتل والابادة بعد السقوط عام 2003 وما اعقبته من ممارسات ارهابية واجرامية وتكفيرية ادت الى قتل ملايين الشيعة في العراق .
ثانيا : العامل المذهبي الايراني : ويعتبر العراق بلدا شيعيا اولا واخيرا , بل انه موطن التشيع ومنبعه الاول ويجب بالتالي ان يكون سيدا وحاكما وشيعيا حقيقيا وليس بدويا وريفيا وعشائريا متخلفا . او ذيلا وعبدا للطائفيين والبعثيين والقوميين والسلفيين .
وبالطبع ان الاغلبية من العراقيين الشيعة لايريدون – للاسف – الخيار الثاني . فهم يفضلون العبودية العربية وخضوعهم للانظمة الطائفية على الحرية من الايرانيين , بسبب اصابتهم بالدونية والنقص وتنادر استكهولهم (تعاطف الضحية مع الجلاد) وعقدة كيس الحاجة (تملق ابناء الاقليات للمركزية السنية) والاستلاب الوطني والقومي والعروبي والعلماني .
وختاما نقول : ان هذه الدراسة هى ليست دعوة للتمركز على الهوية الشيعية في العراق , وانما هى دعوة للارتقاء بها وحمايتها واعتبارها ارضية او اساس رصين لبناء الهوية الوطنية في البلاد . ولكن الامر مشروط بعدم تمركز الاكراد والسنة على هوياتهم والارتقاء بها نحو افق الوطنية والعمل المشترك لبناء الوطن , فغير المقبول ان يتجاوز الشيعة هويتهم المذهببة ويقدمون التضحيات والاموال للوطن الموتور , فيما يعمل الاخرين لانفسهم واهلهم دون تقديم اي واجبات والتزامات . كما انها من جانب اخر لاتدعو للاتحاد والتماهي مع الهوية الشيعية الايرانية , بسبب اختلاف اللغة والافكار والانماط الاجتماعية , وانما دعوة للتقليد والاستلهام والتماهي مع الدولة – مثلما فعل الايرانيون – والاستفادة من تجاربهم وخطواتهم في اعطاء التشيع بعدا حضريا ومدنيا ووطنيا وليس ريفيا او عشائريا وطقوسيا .
ملحق
المفارقة ان اول من اعلن قوة التاثير الايراني على الهوية العراقية الشيعية ورفعتها ورغبتها بجعله سيدا في المنطقة بدل ان يكون ذيلا عند الاعراب والطائفيون والقوميون والبعثيون هو كاتب سني من اهل البصرة يدعى (اسعد البصري) . وسبب جرأته وصراحته التي يعجز اغلب الكتاب الشيعة من اعلانها واظهارها هو لانه (سني) ولايشعر مثل المثقفين الشيعة والاستلاب والدونية والخشية من الاتهام بالطائفية . وقد ادرج البصري الكثير من اراءه حول العراق وايران والشيعة والثورة الايرانية وغيرها على صفحته بالفيس بوك , لانستطيع ذكرها كلها , ولكن يمكن ذكر اهمها التي تخص موضوعنا وهو قوله ((علاقة العراق بالعرب جعلت منه منفى – كما في العهد الأموي – ولم تكن للعراق أي قيمة بالعهد العثماني . العراق العثماني هامش – ليس كمصر العثمانية المزدهرة مثلا – لكن دائما علاقة العراق بايران تجعل منه مركزا حضاريا , بدليل المدائن على نهر دجلة , حيث كان العراق عاصمة الامبراطورية الساسانية لسبعة قرون . وفي العهد العباسي . لم يكتف الفرس بهزيمة الامويين عسكريا تحت قيادة الاسطورة ابو مسلم الخراساني , تمهيدا لصعود العباسيين . بل شارك المهندسون الفرس , باعادة بناء المدائن التي دمرها الفتح العربي , حيث بنوا على نهر دجلة مدينة مدورة على الطراز العمراني (بغداد) … الساسانيون رغم غدر العرب سياسيا – مثالا على ذلك قطع رأس ابو مسلم الخراساني بعد النصر – لم يؤثر ذلك على حماسة الفرس على الاطلاق , بل شاركوا في بناء بيت الحكمة على طراز مكتبة جنديسابور والفهارس الساسانية , واليوم ترى أن مدرسة النجف الاسلامية مثلا هي أهم مدرسة اسلامية روحانية في العراق , بل هي مركز الاسلام الشيعي في العالم , وساهم الفرس مساهمة فعالة في تطوير المدرسة وتقديم المراجع العظام , آخرهم السيد السيستاني الذي يعتبر اسطورة الحكمة ورجاحة العقل وايقونة السلام في العراق المعاصر….. لماذا لا يسأل السني نفسه : ما هي قيمة المدارس السنية في العراق؟ لماذا ليس عندنا الازهر ؟ ولا الزيتونة ولا مجلس الافتاء السعودي ولا الثقل العمراني والحضاري الاسلامي الهائل في تركيا ؟؟ لان العراق هامش سني العراق “ذيل” سني , وليس رأسا سنيا , الرأس السني ليس في العراق … ولكن العراق رأس الرؤوس شيعيا , بسبب ايران ومساهمتها العلمية العظيمة في رفد حوزة النجف بالعظماء والعقول …. أنا هنا أقصد علاقة العراق بايران لا تنتج “ذيولا” على الاطلاق , بل تنتج مركزية وعظمة ورفعة وكرامة … لكن علاقة العراق بغير ايران – والعداء لايران بالذات – يجعل من العراق ذيلا وهامشا , هذه هي الحقيقة …. بغداد العباسية ذات البصمة الفارسية أنتجت الاشعاع الحضاري الكوني , بينما العراق السلجوقي والتركي هو في الحقيقة معسكر رعب , ولم يقدم أي اضافة حضارية سوى العسكرية …. العراق الاموي كان منفى وساحة قتال مع المتمردين , هنا رمزية علي بن ابي طالب – أبو العراقيين الاسطوري – الامام الذي ترك السعودية واختار العراق مركزا اسلاميا … الذيل الذليل هو الذي يريد عراقا معاديا لايران , وحليفا للسعودية ….. ليس خطأ الخميني القيام بثورة , ولكن خطأ العراق الوقوف بوجهه العراق …. كان حارس بوابة شرقية كلب حراسة للسعودية – يعني ذيل – هم يقولون نحن حراس بوابة شرقية , يعترفون بمهنة الذيل))(انتهى)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *