الكاتب : انوار داود الخفاجي
شهدت المنطقة العربية في العقد الأخير تحولات دراماتيكية أفرزت تهديدات أمنية وسياسية غير مسبوقة، كان أبرزها الحرب الأهلية السورية التي زعزعت استقرار المنطقة بأكملها. ومع تفاقم الصراع في سوريا، ظهرت مخاوف كبيرة من تأثير انهيار النظام السوري على دول الجوار، وخاصة العراق، الذي كان يعاني أصلًا من تبعات الإرهاب والصراعات الداخلية. في ظل هذا التهديد، أدرك العراقيون أن التكاتف حول الحكومة والحشد الشعبي هو السبيل الوحيد لمنع الفوضى وحماية العراق من مصير مشابه لما حدث في سوريا.
انهيار النظام في سوريا، يمثل نقطة تحول كبرى في المشهد السياسي والأمني للمنطقة. مثل هذا السيناريو سيؤدي إلى تفكك كامل للدولة السورية، مما سيفتح المجال أمام الجماعات الإرهابية، مثل تنظيم “داعش” وبقايا “القاعدة”، للتمدد بحرية أكبر عبر الحدود العراقية السورية. العراق، الذي يشارك سوريا حدودًا طويلة ومفتوحة، سيكون أول المتضررين من هذا الانهيار.
في هذا السياق، تبرز أهمية استجابة العراقيين بشكل موحد لمواجهة هذا الخطر. فالفراغ الأمني الناجم عن انهيار النظام السوري سيسمح بتهريب الأسلحة والمقاتلين إلى داخل العراق، مما يعيد شبح الفوضى وعدم الاستقرار الذي عانى منه العراقيون في السنوات الماضية.
الحشد الشعبي، الذي تأسس في عام 2014 استجابةً لفتوى “الجهاد الكفائي” التي أطلقها المرجع الأعلى السيد علي السيستاني، لعب دورًا محوريًا في التصدي لتنظيم “داعش” وحماية العراق من الانهيار. في ظل التهديدات المتوقعة بعد انهيار النظام السوري، سيكون الحشد الشعبي مرة أخرى في مقدمة القوى التي تواجه هذه التحديات.
تكاتف الشعب العراقي حول الحشد الشعبي والحكومة يمثل رسالة واضحة بأن العراقيين قادرون على حماية وطنهم بأنفسهم. الحشد الشعبي ليس مجرد قوة عسكرية، بل هو تعبير عن إرادة شعبية واسعة للدفاع عن وحدة العراق وسيادته في وجه أي تهديد داخلي أو خارجي.
إن تجربة العراق مع الإرهاب والانقسامات الطائفية والسياسية أظهرت أن الوحدة الوطنية هي العامل الحاسم في مواجهة الأزمات. سقوط النظام السوري قد يغذي محاولات جديدة لإثارة الفتن الطائفية واستغلال الظروف لزعزعة استقرار البلاد، لكن العراقيين أثبتوا مرارًا أنهم قادرون على تجاوز خلافاتهم عندما يتعلق الأمر بمصير وطنهم.
التكاتف بين مكونات الشعب العراقي، من عرب وأكراد، سنة وشيعة، يعد أمرًا ضروريًا لمنع أي محاولة لاستغلال الوضع السوري لزعزعة استقرار العراق. دعم الحكومة والقوات الأمنية، بما في ذلك الحشد الشعبي، يضمن الحفاظ على الأمن الداخلي وضبط الحدود مع سوريا، ما يمنع انتقال الفوضى إلى الداخل العراقي.
إلى جانب الدور العسكري للحكومة والحشد الشعبي، يلعب الشعب العراقي دورًا أساسيًا في تعزيز استقرار البلاد. الوقوف مع الدولة في هذه المرحلة الحساسة يتطلب وعيًا مجتمعيًا بأهمية الوحدة، وتجنب الانجرار وراء الأجندات التخريبية التي تسعى لزرع الفتنة. دعم الجهود الأمنية والمشاركة في إعادة بناء المناطق المحررة يجعل من العراق نموذجًا للصمود أمام الأزمات.
وفي الختام انهيار النظام السوري سيكون حدثًا مفصليًا يُلقي بظلاله الثقيلة على العراق والمنطقة بأكملها. لكن التكاتف العراقي حول الحكومة والحشد الشعبي يمثل صمام الأمان لمنع الفوضى وحماية البلاد من التهديدات المحتملة. الوحدة الوطنية، الدعم الشعبي، والتعاون بين مختلف مكونات المجتمع العراقي هي الضمانة الحقيقية لبناء عراق قوي ومتماسك، قادر على مواجهة التحديات مهما كانت صعوبتها. العراقيون، بتكاتفهم وإصرارهم، قادرون على تجاوز هذه المرحلة الحرجة وصناعة مستقبل أكثر استقرارًا وأمانًا.