صلاح الزبيدي
الشرق الأوسط في مواجهة فوضى جديدة بعد عودة ترامب إلى البيت الأبيض،
بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية وعودته إلى البيت الأبيض، أصبح دونالد ترامب مرة أخرى في موقع اتخاذ القرار، حاملاً معه رؤيته التصعيدية المعهودة تجاه قضايا الشرق الأوسط.
ترامب الرئيس:سياسات متجددة بطابع قديم
منذ توليه المنصب مجددًا، عاد ترامب إلى نهجه الذي يعتمد على التلويح بالقوة العسكرية والاقتصادية لفرض إرادة الولايات المتحدة. أبرز هذه التهديدات جاءت موجهة إلى إيران، حيث أعلن بوضوح أن “كل الخيارات مطروحة على الطاولة”، ملمحًا إلى احتمالية شن ضربات عسكرية على المنشآت النووية الإيرانية.
كما استهدف خطاب ترامب المقاومة الاسلامية في اليمن وولبنان والعراق وسوريا، معتبرًا أنها “تهديد مباشر للمصالح الأمريكية”، داعيًا إلى حملة عسكرية واسعة لتقويض نفوذها. وفي الوقت نفسه، أعاد الضغط على حلفاء واشنطن في المنطقة، خاصة دول الخليج، للمساهمة في تمويل وتعزيز التحالف الأمريكي ضد الجمهورية الاسلامية الإيرانية.
الأبواق الإعلامية: تضخيم التهديدات وتأجيج الصراعات
إلى جانب سياساته الرسمية، اعتمد ترامب على شبكات إعلامية داعمة تسعى لتأجيج الخوف والانقسام في المنطقة. هذه الوسائل الإعلامية تضخم صورة إيران كخطر وجودي، وتُبرز عودة ترامب كـ”المنقذ” القادر على حماية حلفاء واشنطن. هذه الرسائل التحريضية تدفع الدول الإقليمية إلى اتخاذ مواقف أكثر تشددًا، مما يعمّق الاستقطاب ويهدد أي جهود تسعى لتحقيق تهدئة.
بيئة الشرق الأوسط: تحديات جديدة أمام التصعيد
منذ مغادرة ترامب البيت الأبيض في عام 2021 وحتى عودته، مر الشرق الأوسط بتغيرات هيكلية هامة. فقد شهدت المنطقة تقاربًا حذرًا بين دول الشرق الاوسط، وشراكات استراتيجية متزايدة بين دول المنطقة والقوى العالمية الأخرى كالصين وروسيا. هذا الواقع الجديد يجعل أي محاولة من ترامب لفرض هيمنة أمريكية مطلقة أقل تأثيرًا مما كانت عليه خلال فترته الأولى.
رغم ذلك، فإن عودة ترامب إلى البيت الأبيض تمثل تحديًا كبيرًا لهذا الواقع. فتزايد لغة التهديد قد تعيد إشعال الصراعات وتؤثر على جهود المصالحة الإقليمية، خاصة إذا قررت واشنطن فرض أجندة متشددة على حلفائها، أو الدخول في مواجهات مباشرة مع خصومها في المنطقة.
ترامب وموقف الداخل الأمريكي
على المستوى الداخلي، يستخدم ترامب سياساته التصعيدية في الشرق الأوسط كأداة لتعزيز شعبيته لدى الناخبين الأمريكيين المحافظين. فهو يروج لنفسه كزعيم قوي لا يتردد في استخدام القوة لحماية المصالح الأمريكية، مستغلاً هذا الخطاب لتغطية تحدياته الداخلية، سواء الاقتصادية أو السياسية.
في الختام:
عودة ترامب إلى البيت الأبيض تنذر بمرحلة جديدة من عدم الاستقرار في الشرق الأوسط. تهديداته المتزايدة وتحركاته التصعيدية، المدعومة بأبواق إعلامية تحريضية، تضع المنطقة أمام تحديات غير مسبوقة. ورغم ذلك، فإن التغيرات الإقليمية والدولية قد تمنحه خيارات أقل مما كان يمتلك في فترته الأولى. على قادة الشرق الأوسط أن يتعاملوا بوعي مع هذه المرحلة الحرجة، وأن يعملوا على تعزيز التعاون الإقليمي كسبيل للحد من تداعيات التصعيد الأمريكي.