فبراير 5, 2025
Dr Fadhil Sharif

فاضل حسن شريف

جاء في کتاب باب الحوائج الإمام موسى الكاظم عليه السلام للدكتور حسين الحاج حسن: صفات العالم الصحيح: جاء في أصول الكافي للشيخ العلامة الكليني تحت عنوان: المستأكل بعلمه: قال الإمام الصادق عليه السّلام: (أوحى اللّه إلى داود لا تجعل بيني و بينك عالما مفتونا بالدنيا، فيصدّك عن طريق محبتي، فإنّ أولئك قطاع طريق عبادي المريدين). و معنى ذلك إياك أن تركن إلى من يتخذ من عقله و علمه خادما مطيعا لبلوغ أهوائه الشخصية و مطامعه الخاصة، لأنّه يقطع عليك الطريق إلى رحمتي و مرضاتي، و على كل من أراد الحق و العدل من عبادي و لا جزاء عند أهل البيت عليهم السّلام لقاطع الطريق إلّا القتل أو الصلب أو قطع اليد أو الرجل أو النفي، كما جاء في كتاب اللّه سبحانه و تعالى و في كتاب وسائل الشيعة وغيره من المراجع الموثوقة من كتب الحديث و الفقه لشيعة أهل البيت عليهم السّلام. و قال أحد الحكماء: أسوأ الأزمان زمن نجد فيه العلماء على أبواب الحكام. و في كتاب أشعة من بلاغة الإمام الصادق عليه السّلام: (إن في جهنم رحى تطحن العلماء الفجرة). يعلق على هذا المقال الشيخ العلامة محمد جواد مغنية فيقول: (قال هذا قبل ظهور الآلة التي جعلت قوى الشر أعظم فتكا و افتراسا لأرواح الأبرياء و أجسادهم، و أكثر نهبا و اغتصابا لحقوق الناس و أرزاقهم. ثم يتابع (رحمه اللّه): و لا أدري أي شي‌ء كان يقول الإمام الصادق عليه السّلام لو وجد في هذا العصر؟. و قد قرأ مقالا في مجلة الهلال المصرية عدد تشرين الأول سنة 1972 م بعنوان النبي و العلم جاء فيه: (إن أعظم تكريم للعلم أن يكون أول أمر أنزله اللّه سبحانه على نبيه صلّى اللّه عليه و آله و سلم “اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3)” (العلق 1-3). و نحن في حياتنا نرى كثيرا من القراءة، منها ما تكون باسم اللّه، و تكون في خدمة الإنسان.

وعن حدود العلم‌ يقول الدكتور الحاج حسن في كتابه: العلم بحر واسع لا حدود له، يتجدد و يتطور يوما بعد يوم. جاء في أصول الكافي عن الإمام الصادق عليه السّلام: (العلم يحدث يوما بعد يوم وساعة بعد ساعة). و معنى هذا أن لا حد له، و بذلك نطق العلم الحديث. نشرت مجلة المعرفة السورية في العدد الثلاثين جاء فيه: (إن التقدم العظيم الذي أحرزه علماء الطبيعة في أوائل القرن التاسع عشر ملأهم غرورا و خيلاء، و ظنوا أنهم قد فرغوا من بناء صرح العلم  حتى جاء القرن العشرين، فتبين أنهم كانوا في أول الطريق، و أن المسير بعيد و بلا نهاية). و ذلك ما من شي‌ء إلّا و يمكن ان يكون محلا للبحث ظاهرا كان أم باطنا، ماضيا أم حاضرا، حتى الشي‌ء الواحد يكون كل آن في شأن. و قال سبحانه: “وَ فَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ‌” (يوسف 76). و قال عز و جل: وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَ ما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا” (الاسراء 85). و قال تعالى: “وَ قُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً” (طه 114). و جاء في مستدرك نهج البلاغة أن الإمام علي أمير المؤمنين قال: (العلم أكثر من أن يحصى، فخذوا من كل شي‌ء أحسنه).

جاء في کتاب باب الحوائج الإمام موسى الكاظم عليه السلام للدكتور حسين الحاج حسن: حمل أئمة أهل البيت عليهم السّلام مشعل النهضة العلمية في العالم الاسلامي، فاسسوا في حواضره معالم الحياة الفكرية، و دعوا المسلمين دعوات جادة تحمل طابع الارشاد و التوجيه إلى الخير ليبنوا حياتهم الخاصة و الاجتماعية على أساس من الوعي العلمي، و قد ملئت موسوعات الحديث و الفقه بما أثر عنهم من أحاديث الترغيب في طلب العلم، عملا يقول القرآن الكريم و الرسول الأكرم محمد بن عبد اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم، إن أول ما نزل الوحي على النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم نزل بآيات تدعو إلى التعلم و تطالبه بالقراءة. قال تعالى: “اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ” (العلق 1). و نجد القرآن الكريم بالإضافة إلى دعوته إلى التعليم و حضه على طلب العلم يبين درجات العلماء و يخاطب ذوي الألباب بقوله عز و جل: “قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ‌” (الزمر 9).و قوله عز و جل: “يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ‌” (المجادلة 11). و الرسول الكريم و هو الأمين على دعوة ربه قال صلّى اللّه عليه و آله و سلم: (طلب العلم فريضة على كل مسلم.). و قد بين عليه السّلام منزلة العلماء، و حث الأمة على احترامهم و معرفة حقوقهم فقال صلّى اللّه عليه و آله و سلم: (ليس من أمتي من لم يجل كبيرنا، و يرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا حقّه). هذه لمحة سريعة عن موقف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم لطلاب العلم و حاملي لواء التحرير من الجهل و الضلال، و قد سار على مسيرته الأئمة المعصومون من أمير المؤمنين إلى ولده الحسن إلى أخيه الحسين إلى ابنه زين العابدين إلى ابنه الباقر إلى ابنه الصادق إلى ابنه الإمام موسى الكاظم عليهم جميعهم أفضل الصلاة و أزكى السلام. عني الإمام موسى عليه السّلام بهذه الدعوة الحضارية الخلّاقة فأمر جميع المسلمين بالجد على تحصيل العلم و التفقه في الدين، و حذّرهم من طلب بعض العلوم التي لا يستفيدون بها في تطوير حياتهم الفردية و الاجتماعية.

وعن واجبات المسلم المتعلم يقول مؤلف الكتاب حسين الحاج حسن: 1- العمل: أعلن الإسلام دعوته الصريحة على العمل الحر و الكسب الشريف. قال تعالى: “فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَ ابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَ اذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ‌” (الجمعة 10) و هذا هو التوازن الذي يتسم به المنهج الاسلامي، التوازن السليم بين مقتضيات الحياة في الأرض، من عمل وكد و كسب و نشاط. و بين عزلة الروح فترة عن هذا الجو وانقطاع القلب و تجرده للذكر. و هي ضرورة لحياة القلب الذي لا يصلح بدونها للاتصال و التلقي و النهوض. بتكاليف الأمانة الكبرى. و ذكر اللّه سبحانه و تعالى لا بد منه أثناء ابتغاء المعاش، و الشعور باللّه فيه هو الذي يحول نشاط المعاش إلى عبادة. و لكنه- مع هذا- لا بد من فترة للذكر الخالص، و الانقطاع الكامل، و التجرد المحض كما توحي الآيتان المباركتان. إن الإسلام دعا الناس كافة إلى العمل، وحثهم عليه ليكونوا ايجابيين في حياتهم يتمتعون بالجد والنشاط ليفيدوا و يستفيدوا، وكره لهم الحياة السلبية و الوقوف عند عمل لا يؤدي إلا إلى عرقلة الاقتصاد و شيوع الفقر و الحاجة في البلاد. و كتب الحديث استفاضت بما أثر عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم الأكرم و عن أو صيائه المعصومين، الحث على العمل و اضفاء الصفات الكريمة عليه فقالوا: العمل شرف، و العمل جهاد و العمل تضحية و العمل عبادة. و أهل البيت عليهم السّلام كانوا يزاولون العمل بأنفسهم ليقتدي بهم سائر المسلمين. فالإمام جعفر الصادق عليه السّلام كان يعمل في بعض بساتينه حدث أبو عمر الشيباني قال: رأيت أبا عبد اللّه عليه السّلام و بيده مسحاة و عليه إزار غليظ و العرق يتصبب منه، فقلت له: (جعلت فداك اعطني أكفك) فقال عليه السّلام: (إني أحب أن يتأذى الرجل بحر الشمس في طلب المعيشة)‌.

وعن النهي عن الحركة يقول الدكتور الحاج حسن: روى محمد بن أبي عبد اللّه عن الحسن بن راشد، عن يعقوب بن جعفر، عن أبي إبراهيم موسى بن جعفر عليهما السّلام أنه قال: (لا أقول: إنه قائم فأزيله عن مكانه، و لا أحدّه بمكان يكون فيه، و لا أحدّه أن يتحرّك في شي‌ء من الأركان و الجوارح، و لا أحدّه بلفظ شق فم، و لكن كما قال اللّه تبارك و تعالى: “كُنْ فَيَكُونُ” (يس 82)‌ بمشيئته من غير تردد في نفس، حمدا فردا، لم يحتج الى شريك يذكر له ملكه ولا يفتح له أبواب علمه). 

عن هل اللّه تعالى شي‌ء؟ بقول الدكتور حسين الحاج حسن: قال الصدوق: حدّثنا جعفر بن محمد بن مسرور، قال: حدّثنا محمد ابن جعفر بن بطة، قال: عن محمد بن عيسى بن عبيد، قال: قال لي أبو الحسن عليه السّلام: ما تقول إذا قيل لك: أخبرني عن اللّه عزّ و جل شي‌ء أم لا؟ قال فقلت له: قد أثبت اللّه عزّ و جلّ نفسه شيئا يقول: قُلْ أَيُّ شَيْ‌ءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ‌” (الأنعام 19)  فأقول: إنه شي‌ء لا كالأشياء، إذ في نفي‌ الشيئية عنه إبطاله و نفيه، قال لي: صدقت و أصبت، ثم قال لي الرضا عليه السّلام للناس في التوحيد ثلاثة مذاهب: نفي، و تشبيه، و إثبات بغير تشبيه، فمذهب النفي لا يجوز، و مذهب التشبيه لا يجوز لأن اللّه تبارك و تعالى لا يشبهه شي‌ء، و السبيل في الطريقة الثالثة إثبات بلا تشبيه‌.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *