فلسفة الدولة الحضارية الحديثة

محمد عبد الجبار الشبوط

تشير كلمة “فلسفة الدولة” إلى مجموعة الاهداف و الأسس والمبادئ الفكرية والقيم العليا التي تستند إليها الدولة في تكوين سياساتها وهيكلها التنظيمي وتوجيه سلوكها. هذه الفلسفة يمكن أن تشمل مجموعة من الأفكار السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدينية التي تؤثر على كيفية بناء الدولة ووظائفها.

إليك بعض النقاط التي تتعلق بفلسفة الدولة:

1. الأسس الأيديولوجية: تختلف فلسفات الدول بناءً على الأيديولوجيات التي تتبناها، مثل الليبرالية، الاشتراكية، الديمقراطية، أو الأوتوقراطية.

2. القيم والمبادئ: تشمل الفلسفة القيم الأساسية التي تمثل المبادئ التوجيهية للدولة، مثل الحرية، العدالة، المساواة، الأمن، والنفع العام.

3. النظام السياسي: تحدد الفلسفة كيفية تنظيم السلطة وتوزيعها، بالإضافة إلى طرق ممارسة الحكم، مثل النظام الجمهوري أو الملكي أو الفيدرالي.

4. الهوية والثقافة الوطنية: تُحدد الفلسفة كيف تتعامل الدولة مع الهويات الثقافية والدينية المختلفة ضمن المجتمع، وكيفية بناء الهوية الوطنية.

5. التوجيه الاقتصادي: تُحدد الفلسفة التوجهات الاقتصادية للدولة، مثل دعم السوق الحر، أو التخطيط المركزي، أو اقتصاد مختلط.

6. السياسات الاجتماعية: تشمل الفلسفة توجهات الدولة بشأن الرعاية الاجتماعية، التعليم، والرعاية الصحية وغيرها من الجوانب الاجتماعية.

فلسفة الدولة تتجلى في دساتيرها وقوانينها وسياساتها العامة وكيفية تنفيذها. يمكن أن تتغير فلسفة الدولة مع مرور الوقت بناءً على التغيرات السياسية والاجتماعية والثقافية، وتغير القيادات السياسية والضغوط الداخلية والخارجية.

وفيما يتعلق بالدولة الحضارية الحديثة فان فلسفتها تتمحور حول السعي الدائم من اجل توفير الحياة الطيبة والسعادة والسيادة والاستقلال للانسان (=الفرد، والمجتمع، والدولة) من خلال منظومة القيم العليا الحافة بالمركب الحضاري التي تتضمن مزيجًا من الأخلاقيات والمبادئ الأساسية التي توجه كيفية تفاعل وعمل العناصر الخمسة: الإنسان، الطبيعة، الزمن، العلم، والعمل. وتعمل هذه الفلسفة كإطار شامل يضمن تحقيق توازن ونمو مستدام. إليك كيف يمكن أن تتجسد هذه القيم العليا في فلسفة الدولة:

1. الإنسان: تُعتبر الكرامة الإنسانية، والمساواة، والعدالة الاجتماعية من القيم الأساسية. تتجلى من خلال سياسات تهدف إلى إزالة الفوارق والتمييز الاجتماعي، وضمان حق التعليم، والرعاية الصحية الشاملة، والتمكين الفردي والمجتمعي.

2. الطبيعة: تشمل منظومة القيم على سبيل المثال المسؤولية البيئية، والتضامن مع الكائنات الحية، والاستدامة. تسعى الدولة إلى حماية الموارد الطبيعية والبيئة من خلال سياسات تحمي التنوع البيولوجي وتروج لاستخدام الموارد المتجددة بأخلاقية ووعي.

3. الزمن: القيم هنا تشمل التقدير للتاريخ والتراث، والاستشراف المستقبلي، وحسن إدارة الوقت. تدعم الدولة المحافظة على التراث الثقافي وتعززه، بينما تبني خططًا استراتيجية تستشرف المستقبل وتخطط للأجيال القادمة.

4. العلم: احترام الحقائق العلمية وتكريم الحقيقة والموضوعية. تُشجع الدولة البحث العلمي والابتكار، وتستند قراراتها إلى المعرفة الواقعية والبحوث الدقيقة لضمان تنمية مستدامة وفهمة صحيحة لما يجري في العالم.

5. العمل: تُعزز القيم مثل الجد والاجتهاد والابتكار والمساواة في الفرص. تدعم الدولة سياسات تعزز التنمية الاقتصادية، وتوفر الدعم لرواد الأعمال، وتشجع على العمل الجماعي والمبادرات الفردية التي تساهم في رفاهية المجتمع.

هذه القيم تتضافر لتوجيه سياسات الدولة وتمكينها من بناء مجتمع يسوده السلام والازدهار، مع الحفاظ على توازن عادل بين احتياجات الحاضر ومتطلبات المستقبل. الدولة الحضارية الحديثة في هذا السياق تعمل كوسيط يحترم القيم التقليدية والاحتياجات الحديثة في آن واحد، بهدف تحسين جودة الحياة لجميع المواطنين وتقوية العلاقات مع الطبيعة والزمان والعلم والعمل.

#الدولة_الحضارية_الحديثة

#المواطن_الفعال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *