
فاضل حسن شريف
جاء في الموسوعة الحرة عن أحكام النون الساكنة والتنوين: الإقلاب: لغة:- تحويل الشيء عن وجهه. اصطلاحا: جعل حرف مكان آخر. وله حرف واحد وهو (ب) فقط. تعرف النون الساكنة المقلبة بوجود حرف (م) رقعة أعلى حرف النون، قلب حرف الباء في كلمة أو كلمتين. مثل: ِمن بعد: تعرف نون التنوين المقلبة بوجود حرف (م) رقعة مصاحبا إحدى الحركات الضمة أو الفتحة أو الكسرة على الحرف الأخير مثل: سميعُ بصير. قال الله سبحانه وتعالى في سورة البقرة التي تبين مواضع وجوب اقلاب نون التنوين الى ميم “فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (م: وجوب اقلاب نون التنوين الى ميم في اليم وتصبح اليمم) بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ” (البقرة 10)، “صُمٌّ (م: وجوب اقلاب نون التنوين الى ميم في صم وتصبح صمم لوجود باء بعدها) بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ” (البقرة 18)، “قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ (م: وجوب اقلاب نون التنوين الى ميم في عوان وتقرأ عوانم لوجود حرف باء بعدها) بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ” (البقرة 68).
وعن کتاب ضياء السالك إلى أوضح المسالك للمؤلف محمد عبد العزيز النجار: ومن النون بشرطين، سكونها، ووقوعها قبل الباء، سواء كانا في كلمة أو كلمتين نحو: “انْبَعَثَ”، “مَنْ بَعَثَنَا”. الأولى من الآية 12 من سورة الشمس “إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا” (الشمس 12)، والثانية من الآية 52، من سورة يس “مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا” (يس 52)، ومثل النون: التنوين نحو: مؤمن بالله. قال الناظم مشيرا إلى ما تقدم من إبدال الميم من النون: وقيل “يا” اقلب ميما النون إذا كان مسكنا كمن بت ابنذا. أي: تقلب حرف النون ميما، إذا كان النون مسكنا قبل الحرف. “يا” مثل: من بت انبذا؛ أي: من قطع مودته فانبذه واتركه ولا تبال به، وهذا المثال حوى صورة النون الساكنة، قبل الباء في كلمة هي “انبذا”، وفي كلمتين وهما: “من بت”. أن قلب النون ميما إنما هو في النطق لا غير، أما كتابة فتبقى صورة النون على حالها هذا: وكثيرا ما يعبر عن إبدال النون ميما بالقلب، كما فعل الناظم، والأولى أن يعبر عنه بالإبدال، لما عرفت من أن القلب إنما يكون في حروف العلة أو الهمزة. قال الله جل جلاله في سورة البقرة “وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ (م: وجوب اقلاب النون الى ميم في من وتقرأ مم بعده لوجود حرف باء بعدها) بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ (م: وجوب اقلاب نون التنوين الى ميم في رسول وتقرأ رسولم لوجود حرف باء بعدها) بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ” (البقرة 87)، “َقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ (م: وجوب اقلاب نون التنوين الى ميم في غلف وتقرأ غلفم لوجود حرف باء بعدها) بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ” (البقرة 88).
جاء في الوجيز في حكم تجويد الكتاب العزيز للدكتور محمد بن سيدي محمد محمد الأمين: ولقائل أن يقول: إذا كان القرآن نزل بادئ ذي بدء مرتلاً مجوداً وقرأه الرسول صلى الله عليه وسلم كما أنزل فما معنى أمر الله لرسوله بالترتيل في آية المزمل “وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً” (المزمل 4) وهي متأخرة النزول عن آيات سورة العلق السابقة. ويجاب عن ذلك بأن الخطاب وإن كان له صلى الله عليه وسلم إلا أن المراد أمته فهم مطالبون بترتيل وتجويد ما نزل إليهم من ربهم. ولذلك نظائر كثيرة في كتاب الله من توجيه الخطاب لنبيه صلى الله عليه وسلم والمراد أمته، من ذلك قوله تعالى: “لاَ تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولا” (الاسراء 22). فمعلوم أنه صلى الله عليه وسلم لا يجعل مع الله إلاهاً آخر ولا يقعد مذموماً مخذولاً. ومن ذلك قوله تعالى: “إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً” (الاسراء 23)، ومعلوم أن والديه صلى الله عليه وسلم قد ماتا قبل ذلك بزمن طويل فلا وجه لاشتراط بلوغهما أو أحدهما الكبر بعد أن ماتا منذ زمن طويل، إلا أن المراد التشريع لغيره صلى الله عليه وسلم. ومثل ذلك كثير. فآية المزمل إنما تفيد التأكيد والالتزام بتلك الكيفية التي نزل عليها القرآن وبيان أنها أفضل مراتب القراءة وحض الأمة على الأخذ بها. ولقد كان صلى الله عليه وسلم هو المعلم الأول لهذه الأمة تلاوة كتاب ربهم وقراءته امتثالاً لأمر ربه حيث قال سبحانه وتعالى: “يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ” (المائدة 67). وتواتر ذلك في السنة: فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن”. وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: “كنا إذا تعلمنا من النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات لم نتعلم من العشر الذي نزلت بعدها حتى نعلم ما فيه”.
ال الله سبحانه وتعالى في سورة البقرة التي تبين مواضع وجوب اقلاب نون التنوين إلى ميم “وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا (م: وجوب اقلاب نون التنوين في ابدا وتقرأ ابدم لوجود حرف باء بعدها) بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ” (البقرة 95)، “وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ (البقرة ) أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ (م: وجوب اقلاب نون التنوين في بصير وتقرأ بصيرم لوجود حرف باء بعدها) بِمَا يَعْمَلُونَ” (البقرة 96)، “وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ (م: وجوب اقلاب نون التنوين الى ميم في ايات وتقرأ اياتم لوجود حرف باء بعدها) بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ” (البقرة 99)، “وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ (م: وجوب اقلاب نون التنوين الى ميم في اموات وتقرأ امواتم لوجود حرف باء بعدها عند الوصل و تقرأ اموات بسكون التاء عند الوقف لوجود ج) بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ” (البقرة 154)، “وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ (م: وجوب اقلاب نون التنوين الى ميم في صم وتقرأ صمم لوجود حرف باء بعدها) بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ” (البقرة 171).