نوفمبر 22, 2024
36283f845ea7dba0a0a0ca837d6cd3af

اسم الكاتب : صالح المحنه

مهما كرّرنا وردّدنا عبارات الإفتخار والتقدير والإمتنان تبقى عاجزة عن إيفاء أبطال الحشد الشعبي حقهم ، ويبقى الحديثُ  عنهم وعن تضحياتهم وبطولاتهم مهما طال… قاصراً عن الإحاطة بوصف شجاعتهم وتفانيهم ، فهم خُلاصة النخوة والغيرة العراقية الكامنة في وجدان كل شريف وغيور، ومن الجدير ذكره هو أن غالبية شباب الحشد الشعبي عندما إنطلقوا لم يكونوا جيشاً حكوميا منتظما في معسكرات مهيئة لكل طاريء يتلقون أوامرهم من قادتهم ، ولم يكونوا في مراكز تدريب تأّهلهم للقتال والمعارك ، بل كانوا في مدارسهم وفي معاهدهم وجامعاتهم وفي مقرات أعمالهم ولعل بعضهم لم يمسك السلاح بيده ولم يتعرف على أبسط قوانين القتال والعسكرة ، لكنّهم عندما سمعوا نداء المرجعية الدينية تملّكهم عنفوان الرجولة والبطولة وطغت الغيرة العقائدية والوطنية على كل جوارحهم ، فهبّوا يسابقون الأقدار للدفاع عن وطنهم ومقدساتهم ، كان الصدق والإخلاص والإندفاع والتزاحم على تملّك السلاح والذهاب الى مقاتلة العدو هو شغلهم الشاغل لكي يلبوا النداء المرجعي فهو يُعتبر واجب جهادي مقدّس لديهم… وفرض عقائدي ديني ألزمهم بأدائه إنتماءُهم الى عقيدة آل البيت عليهم السلام …وهذا الذي جعل ابن البصرة والعمارة والديوانية وغيرها من المحافظات الجنوبية والوسطى الشيعية يترك أهله وعائلته ويذهب الى محاربة العدو الداعشي على تخوم نينوى والرمادي وصلاح الدين وهي المحافظات التي تضم أغلبية سنية ، حتى دفع الكثير منهم أرواحهم من أجل تحرير أبناء تلك المحافظات من هيمنة وإحتلال داعش لهم ، حققوا الإنتصارات تلو الإنتصارات والثمن مئات الشهداء وسيول من الدماء قدّمها بكل رضى أبناء الحشد الشعبي أبناء العراق الغيارى. ومنذُ أن دنّست داعش أرض العراق….ومشهد جثامين الشهداء الطاهرة لم يفارق عيوننا، لايكاد يمرُ يوم دون أن نشهدَ جثمانَ شهيدٍ أو أكثر ترفعه أكفُّ الأحبّة ويشيّعه الأهلُ والأصدقاء وكأنّه نجمٌ هوى من سماء العراق ليحرق بدماءه الزكية رؤوس الخونة والفاسدين ، مشاهد الشهداء تُدمي القلوب وتدمع العيون وتترك جُرحا في نفس كل من يحمل ضميرا عراقيا متصلا بواقعه وملامسا لهموم أهله ، أليس من المخجل أن تُقابل كل هذه التضحيات بالجحود والنكران من قبل بعض السياسيين الذين فرّوا من قتال داعش ؟ أليس من المعيب على الفئة الثانية من السياسيين أن يقابلوا تضحيات الأبطال بسرقة أموالهم ؟ ألا تُثير فيهم تضحيات الشباب ومواقفهم البطولية الحميّة والعزّة ولو لمرة واحدة ؟ ألا يخجلوا من مرور قوافل الشهداء ؟ ففي كل يوم تُثارفي البرلمان فضيحة مالية لوزير او مسؤول حكومي  ويجابه بإتهامات وسرقات وتضييع وتبذير للأموال العامّة ؟ كنت اتمنى في تلك اللحظات التي تُثار فيها الأسئلة ضد المسؤول وتُعرض الأرقام الكبيرة المسروقة او المختلسة من اموال العراقيين أن تُستعرض أيضا أعداد الشهداء من الشباب الذي تطوعوا بلا مقابل للدفاع عن القابعين في هيئاتهم ووزاراتهم آمنين مطمأنين  يتلاعبون بمصير البلد ويضيعون ثرواته ويبددون خيراته بسوء تصرّفهم وفسادهم علّهم يخجلون من أنفسهم ؟ رحم الله شهداء العراق الأبرار وحفظ أهله من كل سوء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *