
ضياء ابو معارج الدراجي
يبدو أن بغداد لم تعد تكتفي بفتح أبوابها أمام شخصيات مثيرة للجدل، بل باتت تستضيف رموز الإرهاب الدولي بترحيب رسمي! فها هو أبو عائشة الشيباني، القيادي في تنظيم القاعدة ومسؤول ملف الخارجية في تنظيم جبهة النصرة الإرهابي، يصل إلى العاصمة العراقية، محمّلًا بتاريخ أسود من الدماء والمجازر، وكأن العراق بحاجة لمزيد من هذه الأسماء المخضبة بدماء الأبرياء.
إن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: ماذا يفعل رجل كهذا في بغداد؟ هل جاء ليدلي بمحاضرة عن التعايش السلمي؟ أم ليوقع اتفاقيات “التعاون المشترك” بين الإرهاب العابر للحدود ومن يفتح له الطريق؟ لا شك أن وجوده ليس صدفة، ولا يمكن فصله عن خيوط اللعبة الإقليمية التي يُحيكها اللاعبون الكبار، مستخدمين جماجم الأبرياء رقعة شطرنج لتحركاتهم القذرة.
أما الأكثر إثارة للسخرية، فهو أن حكومة العراق، التي عانت لأكثر من عقدين من إرهاب القاعدة وداعش، تستقبل اليوم أحد رموز هذا الخراب وكأنه ضيف شرف! لا بل يبدو أن بعض أركانها يرون في هذا الأمر مكافأة لمن مارس الذبح والتهجير بحق العلويين في سوريا، وكأن هذه الجرائم ليست كافية لإبعاده، بل هي تأشيرة عبور إلى قاعات بغداد الفخمة.
إن دخول مثل هذه الشخصيات إلى العراق هو طعنة جديدة في خاصرة الضحايا الذين عانوا من تفجيرات القاعدة وجرائم داعش، وهو مؤشر خطير على أن السياسة في بغداد باتت تتلاعب بالنار، وتتسامح مع من نشر الموت والدمار، في وقتٍ يُفترض بها أن تكون الأكثر وعيًا بخطر هؤلاء المتطرفين.
لكن، ولأن التاريخ لا ينسى، فإن احتضان الإرهاب اليوم سيكون كارثة الغد، وسيدفع الجميع الثمن عندما يتحول هذا “الضيف” إلى عامل جديد للفوضى، وعندها لن يكون هناك مجال للتبرير أو الإنكار، لأن الأبواب التي تُفتح للإرهاب لا تُغلق بسهولة، والتاريخ شاهد على ذلك.
ضياء ابو معارج الدراجي