اسم الكاتب : رياض سعد
من الملاحظ ان النزعة العنصرية التركية لا تختص بالساسة الاتراك والحكومات فقط , بل ان اغلب الاتراك مصابون بداء العنصرية , و إننا اليوم عندما ننبه إلى هذه الحقائق التاريخية والواقعية ؛ ندرك أهميّة ما لأحداث التّاريخ والثقافة العامة من تأثير في واقعنا اليوم … ؛ فالمعلومات التاريخية التي تتعلمها الأجيال التركية المتعاقبة ، والتي تصور العرب على أنهم : (( خونة – همج – جهلة – متخلفين – الخ )) لا شكّ أنها تقفز إلى الواجهة في المنعطفات الكبرى التي تمر بها العلاقات التركية العربيّة , بل وفي تصرفات الاتراك اليومية تجاه العرب في تركيا والعالم ، وتترك تأثيرها واضحاً ، بل وتُبنى على أساسها المواقف وترسم السياسات التركية … ؛ وعليه لا تستغرب عزيزي القارئ من الدور التركي السلبي تجاه القضايا العربية ؛ ولعل تدخل الاتراك في شؤون الدول العربية , ودعمهم للإرهاب والتخريب , وقيامهم بالعمليات العسكرية الغاشمة في الاراضي العراقية والسورية من اكبر الادلة على ذلك ؛ فمن الصعب على الاتراك ان يتخلصوا من هذا الارث العنصري الثقيل الذي ظلوا يرزحون تحته لعقود طويلة من الزمن ولا زالوا … ؛ وقد أثبتت الوقائع والأحداث العنصرية الاخيرة ان تعالي وغطرسة وعنصرية الأتراك وفوقيتهم العرقية ؛ نتيجة طبيعية لتلك المقدمات التاريخية والمنهجية المدروسة والعقيدة التركية الراسخة ؛ فطالما اتخذت إسطنبول سياسة الإقصاء والتَنَمُّر على الثقافة العربية ، رغم أنها كانت أهم وأكبر أسلحتها لغزو العالم العربي وغيره من الأقاليم ؛ بحجة الخلافة الاسلامية والتي يريد الارهابي اردوغان اعادة مظالمها وامجادها الزائفة في الحاضر … ؛ وقد استوطن الأتراك الهمج والبدو الرحل القادمون من أواسط آسيا في بلاد الأناضول، ثم انقضّوا على البلدان العربية فأسقطوها بلدا بلدا ، واستحكمت الدولة العثمانية التركية الغازية بحاضر العرب ومستقبلهم ، متذرعة بوهم الخلافة العثمانية المنحرفة وقُبّة الإسلام الجامعة ، و لكن وراء الأكمة ما وراءها ، فقد عُثر على رسالة لأحد الضباط الأتراك يخاطب فيها زميله الآخر سنة (1912م) ؛ اذ يقول فيها : (( عرّضوا العرب لرصاص الأتراك، واعملوا على التخلص منهم، لأن قتلهم يفيدنا )) .
ولعل من اهم اسباب الحقد التركي الدفين ؛ احساس اسلافهم واحساسهم الذي ورثوه عن اسلافهم ؛ بالضعف الثقافي والاقلية التاريخية والضآلة الحضارية أمام الثقافة العربية التاريخية والتاريخ العريق للعرب والحضارة العتيدة ، ولتأكدهم في قرارة أنفسهم أنهم جاؤوا من أواسط آسيا إلى العالم العربي دون مرجعية ثقافية قوية ، لا سيما و أنهم انصهروا في الثقافة العربية فيما بعد ؛ كونها الأقوى والأوسع , ومن خلالها وبأسمها احتلوا البلدان والاقاليم .
ولعل من أخطر فصول التتريك ، دعوة الاتحاديين بأن لا ضرورة لقراءة القرآن الكريم باللغة العربية كما مر عليكم ، وأن ليس على الأتراك تعلم اللغة العربية لقراءته، وبلغ الأمر بهم أن ترجموا كتاب القران الكريم إلى لغتهم … ؛ و من أبرز الحوادث التاريخية المؤلمة والخطوات العنصرية ؛ ما قام به رجل الدين عبيد الله الأفغاني عندما خطب خطبة الجمعة في مسجد آيا صوفيا متحدثا إلى المصلين الاتراك : (( أيها الأتراك المسلمون كفاكم وهنًا ومسامحة ، انفضوا عنكم هذا الغبار ، وامحوا عن مساجدكم أسماء الخلفاء الراشدين وآل الرسول ممن لا يعنيكم أمرهم ، واكتبوا بدلها أسماء الأبطال الاتحاديين أمثال : طلعت، وجمال ، وأنور، وجاويد، الذين هم أولياء الله الصالحين قدّس الله سرّهم )) وهذا الأمر كشف حقيقة الاتراك والدولة العثمانية الماكرة والتي تعنصرت على الدين الإسلامي ، وكأنها تورطت به وتحاول التخلص منه بأساليب مختلفة وطرق ملتوية وضمن استراتيجية مدروسة ، إلا أن هذه الممارسات العنصرية التافهة أسقطت الدولة العثمانية وإلى الأبد .