اسم الكاتب : سليم مطر
ان تأثير المؤرخ والمجتمعي (علي الوردي) على وعي العراقيين ورأيهم بأنفسهم ومجتمعهم، يفوق تأثير الاحزاب الحداثية مجتمعة، وخصوصا ان هذه الاحزاب التي كانت مهيمنة على العقل العراقي: الشيوعي والبعث والليبرالين وغيرهم من الحداثيين، والتنظيمات الاقلوية المعادية للعراقيين وللعرب، رغم احقادهم بينهم، الا انهم اتفقوا على تبني اطروحات الوردي، واشاعوها وصفقوا لها واعادوا طبع كتبه، في العراق وفي ايران وفي لبنان، مرات كثيرة؟؟!!
اما (الخطيئة العنصرية الكبرى) التي تتمحور حولها طروحات الوردي، فانها تتكون من نقطتين خطيريتين جدا:
1ـ المبالغة بصورة متطرفة وخالية من اي سند بحثي، بدور(البداوة) في المجتمع العراقي، متجاهلا بصورة عمياء ان العراق، بلاد النهرين، من اكبر واولى المجتمعات والحضارات النهرينية الزراعية في العالم.. وان العقل العراقي وريث طبيعي للثقافة الفلاحية الزراعية النهرينية.. اما المهاجرون (البدو) فكانوا هم الذين يفقدون ثقافتهم ما ان يحلوا في ارض النهرين، ويتحولون الى مزراعين.
ثم الاسوء من ذلك، انه حكم بصورة سلبية وعنصرية واحتقارية على (البدو) راميا عليهم كل عيوب الكون، بحيث ان اي باحث غربي مهما كان عنصريا، يخجل من طرح ذلك!!؟؟
2ـ معاناته من عماء قومي وجغرافي، بحيث انه اعتبر العراقيين ووتكوينهم الاجتماعي والثقافي فقط(عربي بدوي)؟؟!! وتناسى تماما الوجود الكردي والسرياني والتركماني واليزيدي .. الخ..
ولم ينتبه الى ان العراق وخصوصا من الشرق ناحية نهر دجلةمجاور لجبال زاغاروس وللقبائل الجبلية والكردية، بالاضافة الى الشمال حيث طوروس تركيا، وهذه القبائل الجبلية ما كفت طيلة التاريخ عن النزوح ناحية دجلة، مثل حال القبائل السامية ـ العربية من جهة الفرات، الى وادي النهرين ونقل اصولهم العرقية والثقافية وحتى اللغوية.
وبالحقيقة ان الاكراد العراقيين الحاليين، هم جزء اصيل وعريق من الشعب العراقي، وهم بقايا هجرات جبلية مستمرة نحو النهرين طيلة آلاف مؤلفة من السنين، قد ذابت غالبيتها وامتزجت واصبحت سامية ثم عربية.(كما بينا في دراستين سابقيتن).