ما أمريكا إلا قشّة

فاطمة السراجي

في زمنٍ انكشف فيه الغطاء عن الوجوه المتقنعة، واهتزّت فيه أوهام الهيمنة تحت أقدام المستضعفين، تبدو أمريكا – التي طالما رفعت راية القوة والجبروت – كقشّةٍ ضائعةٍ في مهبِّ ريحٍ يمانية لا ترحم.

هي قشّة، رغم صواريخها العابرة، وحاملاتها المُجنّحة، وأقمارها التي تراقب الأرض من علٍ. قشّة، أمام إرادة أمةٍ قررت أن تصرخ للحق، وأن تنتصر للمظلومين. لم تفلح ترسانتها، ولا إعلامها، ولا تحالفاتها في أن تُوقف يدًا يمانية واحدة من ضرب الكيان الغاصب، ولم تُرهب طفلًا من أطفال اليمن، يهتف بقلبٍ ثابتٍ “الموت لأمريكا”.

منذ أن أعلن اليمن وقوفه الصادق مع غزة، بات البحر الأحمر أرضًا محرّمة على الصهاينة وحماتهِم. لا سفينة إسرائيلية، ولا أمريكية، تعبر دون أن تلاحقها نيران الردع اليمني، ولا حلمٌ صهيوني يُرسم في السماء إلا وتسقطه صواريخ الحق، من صنعاء إلى أقصى الجنوب. رغم العدوان الأمريكي، رغم طوفانهم الحديدي والجوي والإلكتروني، لم تُخرس المقاومة، ولم يُكسر صوتها، بل زادت وهجًا وامتدادًا.

اعترافات البنتاغون تفضح فشلهم، تُسجّل ارتباكهم، وتكشف أن الضربات اليمنية لم تكن عابرة، بل عاصفة زلزلت أركان أطغى قوى العالم. أمريكا لم تعد تُجيد إلا الاستغاثة، تسابق الزمن لترقّع جراحها البحرية، وتعدُّ خسائرها بالمليارات، وكل هذا من بلدٍ محاصر، حافٍ، يواجه بجوعه وفقره أضخم آلة حرب عرفها العصر الحديث.

أمريكا، التي خدعت العالم بقوتها، ها هي تُفضح على أبواب صنعاء، ها هي تُذلّ على سواحل الحديدة، وتُصفع من صعدة، ولا تجرؤ حتى على منع طلقةٍ من أن تصيب تل أبيب.

في معركة غزة، لم يكن السلاح وحده من يقاتل، بل اليقين،والدم الحيّ الذي يسري في شرايين أحرار اليمن. هذه البلاد – وإن كانت تنزف – فإنها تبقى حارسة الكرامة، حاملة اللواء، تمارس دورها الأصيل كما أراد الله لها.

أجل، ما أمريكا إلا قشّة، تتطاير حين تهبّ عليها رياح الأحرار. وكلما طال الزمن، ازداد سقوطها سرعةً، وازداد صراخها وجعًا. وسيأتي يومٌ، تقول فيه الأرض: هنا سقط الجبروت، وهنا انتصر الصابرون.

#كاتبات_وإعلاميات_المسيرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *