غيداء شمسان غوبر
في زمن تتكسر فيه القلوب، على شواطىء غزة النازفة تحت وطأة القصف الغاشم، تدمى الأرواح من هول المشاهد البشعة، حيث تتناثر الأشلاء كأوراق الخريف، وتدفن البراءة تحت الركام، وحيث الصرخات تشق عنان السماء ولا تجد صدى إلا في ضمائر ماتت أو كادت تموت في هذا الزمن، الذي يثقل كاهل كل حر وشريف بعبء العجز وقلة الحيلة أمام آلة القتل الصهيونية المدعومة عالميًا.
أتدرون ما هو الشيء الذي يخفف علينا وطأة هذا الألم الذي لا يطاق؟ ما هو البلسم المر الذي يداوي جراح الروح وهي ترى غزة تذبح على مرأى ومسمع من العالم؟ إنه العدوان الأمريكي على بلدنا اليمن.
نعم، قد يبدو الأمر غريبا، بل صادمًا، أن يكون القصف الذي يهوي على ديارنا، ويهدد أمننا، ويستهدف قوتنا، مصدرًا لشيء يشبه التخفيف ولكنها حقيقة مرة، وواقع مزلزل، يدركه من يعيش مرارة المشهدين معًا.
الشيء الوحيد الذي يخفف عنا معاناتنا ونحن نشاهد تلك المشاهد البشعة من غزة، هو أننا قد أصبحنا تحت القصف نفسه لم نعد مجرد مشاهدين لفيلم رعب يعرض على شاشات التلفاز، بل أصبحنا جزءًا من المشهد، نشارك غزة النار بالنار، والوجع بالوجع، والمصير بالمصير.
أن اليمن لا يقف متفرجا على مذبحة غزة، بل يدافع عنها بكل ما أوتي من قوة، بكل ما يملك من إيمان وعزيمة، رغم أنه يعيش نفس وجعها، يتجرع مرارة الحصار الخانق، ويتلقى ضربات العدوان السافر هذا الدفاع المستميت، هذه الوقفة الشجاعة، هي التي جلبت علينا هذا العدوان الأمريكي المباشر، إننا نضرب لأننا نناصر غزة، نحاصر لأننا نقف مع غزة، نتألم لأننا نشارك غزة آلامها.
إن الألم المشترك يولد قوة لا تقهر إن الدم الذي يسفك هنا وهناك، على يد العدو نفسه، يصبح وقودًا لثورة لا تنطفئ إن المشاهد البشعة التي نراها في غزة، وتلك التي نعيشها في اليمن، تصبح حافزًا لا مثيل له للمضي قدمًا في طريق المقاومة والجهاد، حتى يتحقق النصر، وحتى ترفع راية الحق عالية، في غزة واليمن وكل شبر من أرضنا المحتلة.
فليقصفوا ما شاؤوا، وليدمروا ما إستطاعوا، فإن كل قنبلة تلقى على أرض اليمن، ترسخ في قلوبنا اليقين بأننا مع غزة، وأن غزة معنا، وأن عدونا واحد، وأن النصر آت بإذن الله، مهما عظمت التضحيات، ومهما أشتدت الآلام أن الوجع الواحد الذي يجمعنا بغزة، هو سر قوتنا، وهو مفتاح نصرنا.
كاتبات_وإعلاميات_المسيرة