الشهيد الفيلي العراقي: (ان الله اشترى من المؤمنين انفسهم وأموالهم) (ح 6)

الكاتب : د. فاضل حسن شريف
—————————————
عن الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى “إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ۚ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ” (التوبة 111) ولما كانت كل معاملة تتكون في الحقيقة من خمسة أركان أساسية، وهي عبارة عن: المشتري، والبائع، والمتاع، والثمن، وسند المعاملة أو وثيقتها، فقد أشار اللّه سبحانه إلى كل هذه الأركان، فجعل نفسه مشتريا، والمؤمنين بائعين، وأموالهم وأنفسهم متاعا وبضاعة، والجنّة ثمنا لهذه المعاملة. غاية ما في الأمر أنّه بيّن طريقة تسليم البضاعة بتعبير لطيف، فقال: “يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ ويُقْتَلُونَ”‏ وفي الواقع فإنّ يد اللّه سبحانه حاضرة في ميدان الجهاد لتقبل هذه البضاعة، سواء كانت روحا أم مالا يبذل في أمر الجهاد. ثمّ يشير بعد ذلك إلى سند المعاملة الثابت، والذي يشكل الركن الخامس فيها، فقال: “وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ والْإِنْجِيلِ والْقُرْآنِ”‏. إذا أمعنا النظر في قوله: فِي سَبِيلِ اللَّهِ‏ يتّضح جليا أنّ اللّه تعالى يشتري الأرواح والجهود والمساعي التي تبذل وتصرف في سبيله، أي سبيل إحقاق الحق والعدالة، والحريّة والخلاص لجميع البشر من قبضة الكفر والظلم والفساد. ثم، ومن أجل التأكيد على هذه المعاملة، تضيف الآية: “ومَنْ أَوْفى‏ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ‏” أي أنّ ثمن هذه المعاملة وإن كان مؤجلا، إلّا أنّه مضمون، ولا وجود لأخطار النسيئة، لأنّ اللّه تعالى لقدرته واستغنائه عن الجميع أوفى من الكل بعهده، فلا هو ينسى، ولا يعجز عن الأداء، ولا يفعل ما يخالف الحكمة ليندم عليه ويرجع عنه، ولا يخلف وعده والعياذ باللّه، وعلى هذا فلا يبقى أي مجال للشك في وفائه بعهده، وأدائه الثمن في رأس الموعد المقرر. والأروع من كل شي‏ء أنّه تعالى قد بارك للطرف المقابل صفقته، ويتمنى لهم أن تكون صفقة وفيرة الربح، تماما كما هو المتعارف بين التجار، فيقول عزّ وجلّ: “فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ‏”. وقد جاء نظير هذا المبحث بعبارات أخرى، ففي الآيتين من سورة الصف يقول اللّه عزّ وجلّ: “يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى‏ تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ورَسُولِهِ وتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِكُمْ وأَنْفُسِكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ويُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ومَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ” (الصف 10-11). إنّ الإنسان ليقع في حيرة هنا من كل هذا اللطف والرحمة الإلهية، فإنّ اللّه المالك لكل عالم الوجود، والحاكم المطلق على جميع عالم الخلقة، وكل ما يملكه أيّ موجود فإنما هو من فيضه ومنحته، يبدو في مقام المشتري لنفس هذه المواهب التي وهبها لعباده، ويشتري ما أعطاه بمئات الأضعاف. والأعجب من ذلك، أنّ الجهاد الذي هو السبب في عزّة الإنسان وافتخار الامّة، وثمراته تعود في النهاية عليها، قد اعتبر دفعا وتسليما لهذه البضاعة. ومع أنّ المتعارف أنّ الثمن يجب أن يعادل المثمن أو البضاعة، إلّا أن هذا التعادل لم يلاحظ في هذه المعاملة، وجعلت السعادة الأبدية في مقابل بضاعة متزلزلة يمكن أن تفنى في أية لحظة، (سواء كان على فراش المرض أو ساحة القتال). والأهم من هذا أنّ اللّه سبحانه وتعالى مع أنّه أصدق الصادقين، ولا يحتاج إلى سند وضمان، فإنّه تعهد بأهم الوثائق والضمانات أمام عبيده. وفي نهاية هذه المعاملة العظيمة، والصفقة الكبيرة، فإنّه قد بارك لهم وبشّرهم، فهل تتصور رحمة ومحبّة أعلى من هذه؟ وهل يوجد معاملة أكثر ربحا من هذه؟ ولهذا ورد في حديث عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري‏ أنّه لما نزلت هذه الآية كان النّبي صلى اللّه عليه وآله وسلّم في المسجد، فتلا هذه الآية بصوت عال، فكبر الناس، فتقدم رجل من الأنصار وسأل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلّم: يا رسول اللّه، أنزلت هذه الآية ؟ فقال النّبي صلى اللّه عليه وآله وسلّم: (نعم). فقال الأنصاري: بيع ربيح لا نقيل ولا نستقيل‏.

عن موقع وكالة الأنباء العراقية رئيس الوزراء: نسبنا بإقرار 2 نيسان ليكون يوماً رسمياً للشهيد الفيلي بتأريخ 2 نيسان 2025: وجه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، اليوم الأربعاء، بأن يكون الثاني من نيسان يوم الشهيد الفيلي العراقي، فيما أشار الى توجيه محافظتي ديالى وواسط بإعمار مناطق السكن التاريخية في الشريط الحدودي. وقال المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء في بيان تلقته وكالة الأنباء العراقية (واع):إن “رئيس مجلس الوزراء،السيد محمد شياع السوداني استقبل، اليوم الأربعاء، مجموعة من ذوي شهداء الكرد الفيليين، وذلك بمناسبة يوم الشهيد الفيلي العراقي الذي يوافق اليوم 2 نيسان من كل عام”. وبارك للحاضرين حلول عيد الفطر المبارك، مشيراً إلى “التوجيه بأن يكون هذا اليوم مناسبة لاستحضار ذكرى أبشع الجرائم التي ارتكبها النظام الدكتاتوري بحق مكون أصيل من مكونات النسيج المجتمعي العراقي، وتمثل واحداً من أسوأ فصول النظام المباد ضدهم نتيجة الانتماء والهوية الدينية”. واستذكر رئيس مجلس الوزراء “حملات التهجير الممنهج والإخفاء القسري لشباب الكرد الفيليين، حيث أخفي الآلاف منهم في مقابر جماعية بعد استخدامهم كتجارب في مختبرات الأسلحة الجرثومية بصورة همجية”، مؤكداً أن “الفيليين قدموا التضحيات والإسهامات في بناء الدولة العراقية”. وأكد السوداني “استمرار عملية المحاسبة والملاحقة وإقامة الشكاوى بحق كل المتورطين في هذه الجرائم، التي ابتدأت بمحاسبة رأس الهرم المجرم صدام، بالإضافة الى إلقاء القبض قبل شهور على زمرة من إدارة الأمن العامة سيئة الصيت داخل العراق، وهم ضمن جيش من أزلام النظام السابق ارتكبوا الجرائم”. وبين “حين نستذكر الجرائم بحق الكرد الفيليين، نؤكد التزامنا بمبدأ المواطنة وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية لكل مكونات الشعب العراقي”، مشددا على “أن تكون جرائم الاستبداد والانتهاكات القمعية حاضرة في أذهان الأجيال، حتى لا تتكرر تحت أي عنوان آخر”. وأشار الى أن “الممارسات الإرهابية التي حصلت بعد 2003، تعيد إلى الأذهان جرائم النظام المباد”، موضحا أن “الحكومة لم تنسَ تضحيات أبناء الشعب العراقي، ووجهنا باستكمال إجراءات القوانين المنصفة للضحايا وإعادة الحقوق المسلوبة وتوثيق الجرائم”. وتابع أنه “من خلال وجود استشاري لشؤون الكرد الفيليين، نسبنا بإقرار 2 نيسان ليكون يوماً رسمياً للشهيد الفيلي، وخصصنا قطعة أرض لمقبرة الشهداء الفيليين تخليداً لذكراهم”، لافتا إلى “أننا أصدرنا توجيها بتسمية منسق مع وزارة الداخلية لمتابعة قضايا إصدار الجنسية وتصحيح المعاملات، ومتابعة تنفيذ مقررات لجنة الأمر الديواني 33 لسنة 2019”. ووجه السوداني “بالتنسيق مع المحاكم المختصة لمتابعة القضايا الخاصة بالكرد الفيليين، وحث ذوي الشهداء على إقامة دعاوى قضائية ضد أزلام النظام المباد المتورطين بالإبادة الجماعية ضد هذا المكون العراقي”، مؤكدا “إصدار توجيه بتشكيل لجنة لتحديد معيار توزيع الوحدات السكنية في مجمع زرباطية على المستحقين من أبناء المكون”. ووجه رئيس الوزراء “محافظتي ديالى وواسط بإعمار مناطق السكن التاريخية في الشريط الحدودي، وتخصيص فرص عمل لأبناء المكون”، موضحا “أننا نعمل على إزالة العقبات التي ترافق الإجراءات والمقررات الخاصة بحقوق الفيليين”. وأكد أن “ما نقدمه لذوي الشهداء الفيليين هو جزء من واجباتنا أمام تضحياتهم الغالية”.

الشراء والبيع فقد ورد لهما معنى مجازي معنوي اخروي واخر مادي دنيوي متعارف عليه في الاسواق كما قال الله جل جلاله “إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّة ” (التوبة 111) و”وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ” (البقرة 207).

جاء في موقع شفق نيوز عن بعد 43 عاماً على الإبادة الجماعية الكورد الفيليون ما زالوا يبحثون عن رفات ضحاياهم ويوجهون رسائل لبغداد وأربيل: أقامت منظمة گرمسير للكورد الفيليين في السليمانية، يوم الثلاثاء، مراسم استذكار (يوم الشهيد الفيلي) بمناسبة الذكرى الثالثة والأربعين للإبادة الجماعية التي ارتكبها النظام البعثي بحقهم. تمر اليوم الذكرى الثالثة والأربعين لتهجير أعداد هائلة من العراقيين من أراضيهم وبيوتهم بذرائع عنصرية وطائفية، إذ شهد شهر نيسان من عام 1980 بدء أبشع عملية تهجير جماعية بدأت منذ الرابع من الشهر وتواصلت طيلة المدة اللاحقة. وبدأت تلك الجرائم منذ عام 1969، حين شنت حكومة حزب البعث التي تسلمت السلطة بانقلاب عسكري في عام 1968 حملة ترحيل ونفي قسري استهدفت الكورد الفيليين لأسباب عرقية ومذهبية، اذ جرى في عام 1970، ترحيل أكثر من 70 ألف فيلي إلى إيران وسحبت جنسيتهم العراقية، وجرى الإبلاغ عن كثير من حالات الاختفاء والإعدام بين عامي 1970 و1973. وقال رئيس المنظمة محسن يادگار الفيلي، لوكالة شفق نيوز، إن (اليوم يمثل يوماً مأساوياً في حياة عشرات الآلاف من الكورد الفيليين الذين تعرضوا للتعذيب والقتل على يد النظام البعثي القبور قبل 43 عاماً وتحديداً في العام 1980). وأضاف (النظام البعثي وتحديداً في يوم 4 نيسان عام 1980 قام بأبشع الجرائم بحق الكورد الفيليين حيث جرى احتجاز وترحيل آلاف الأسر الفيلية من كل المحافظات العراقية تحت ذرائع واهية بتبعيتهم الإيرانية وليست عراقية، وقامت قوات الأمن العراقية بمداهمة منزلنا، وقبل هذا التاريخ قامت غرفة تجارة بغداد باستدعاء جميع التجار العراقيين ومن بينهم الفيليون واقدموا على سحب جميع المستمسكات الثبوتية لـ 800 تاجر كوردي فيلي وتجميد أرصدتهم ومصادرة أملاكهم وترحيلهم قصرا إلى إيران). وبين الفيلي انه (ابتداء من هذا التاريخ بدأت ليالي ظلماء على الكورد الفيليين فقد اقدمت القوات العراقية آنذاك على ترحيل العوائل الفيلية واحتجاز أبنائهم في السجون من سن 16 إلى 30 عاماً في سجون ابو غريب والكاظمية والفضيلية ثم قاموا بتحويلهم إلى نقرة السلمان وامضوا أكثر من سبعة أعوام وبعد ذلك اصدرت القوات البعثية بأمر من صدام حسين قرار تصفية هؤلاء الشباب فيما كانت عوائلهم تعاني من أسوأ الظروف خلال ترحيلهم في مدن إيران منها طهران وايلام وكرمنشاه).

جاء في موقع مجلس النواب العراقي عن محضـر جلسـة رقـم (51) الاثنين (4/4/2011) م: النائبة شايان محمد طاهر احمد: السيد رئيس مجلس النواب المحترم، السيدات والسادة النواب المحترمين. في البدء أعزي عوائل الشهداء العراقيين عامة والكرد الفيلية خاصة في ذكرى الشهيد، التهجير والشهادة للكرد الفيليين. أطالب المجلس بقراءة سورة الفاتحة وقوفاً على أرواح الشهداء لمدة دقيقة. (تم قراءة سورة الفاتحة وقوفاً). سيدي الرئيس، لقد أصدرت المحكمة الجنائية العراقية العليا قراراً بتاريخ التاسع والعشرين من نوفمبر عام (2010) حكمها العادل في قضية إسقاط الجنسية العراقية والإبعاد القسري للكرد الفيليين ومصادرة أموالهم المنقولة وغير المنقولة بحق المدانين من مسؤولي النظام البائد المتورطين بارتكاب الأفعال البشعة واتخاذ قرارات جائرة بحق أبناء الشعب العراقي من الكرد الفيليين وقد اعتبرت المحكمة في حكمها ما قام به النظام البائد من أفعال واتخاذه من قرارات بحقهم يعتبر إبادة جماعية حيث جاء في حيثيات قرار الحكم بأن استهداف هذا المكوّن من الشعب العراقي الكرد الفيليين بسبب قوميتهم ومذهبهم الديني يظهر بوضوح إن بعض المسؤولين عن ارتكاب تلك الجرائم الدولية كان لديهم القصد الجنائي الخاص في ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية، لقد جاء هذا الحكم معبراً عن حقيقة مؤلمة طالما حاول البعض التستر عليها أو إخفائها أو التقليل من شأنها ولكن التأريخ يأبى دائماً أن يبقى المجرمون الظالمون من دون عقاب وأفعالهم الشنيعة من دون افتضاح. سيدي الرئيس أطالب اليوم مجلس النواب التصويت على اعتبار قضية إبادة وتهجير الكرد الفيليين جريمة من جرائم الإبادة الجماعية بكل المقاييس. كذلك أطالب مجلس النواب ومجلس الوزراء وكل حسب اختصاصه بإزالة كافة الآثار السيئة التي نتجت عن القرارات الجائرة التي أصدرها النظام البائد بحق أبناء الشعب العراقي والكرد الفيليين في إسقاط الجنسية العراقية ومصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة والحقوق المغتصبة الأخرى. أخيراً أؤكد على أن تقوم وزارة المالية بدفع التعويضات العادلة للمتضررين منهم لأنه بحسب معلوماتي هناك عراقيل تواجههم في وزارة المالية بهذا الخصوص وإنه قد آن الأوان وبعد ثمانية سنوات للسقوط أن تعاد إليهم أملاكهم وأموالهم المغتصبة وشكراً لكم ولكم التوفيق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *