نعيم الخفاجي
بات من الضروري للدول التي تريد أن تنهض اقتصاديا وتضمن لشعوبها الحياة الرغيدة، الجمع مابين القطاع الحكومي والقطاع الخاص، وخاصة في بلدان لديهم موارد بترولية وغازية، المشاركة مابين القطاع العام الذي تملكه الحكومة وبين القطاع الخاص، يساهم في درجة كبيرة لتحقيق الهدف المشترك، وهو إنجاز المشاريع لخدمة المواطن وتحقيق أرباح مادية جيدة، عقليات غالبية بني البشر يكون الشخص حريص على مشروعه الخاص أكثر من حرصه اذا كان يعمل أو يدير مشروع تابع للحكومة، يكون همه استلام راتبه فقط.
لذلك فشلت تجارب الأنظمة الشيوعية في الاتحاد السوفياتي والمعسكر الشرقي، بسبب ملكية الحكومات إلى المصانع والمعامل، تكفلت حكومات المعسكر الشيوعي وفق تطبيق خاطىء للنظرية الاشتراكية في حصر كل شيء بيد الدولة، وتكون مسؤولية الدولة توفير مسكن ومأكل ودراسة وعلاج.
سبب تفكك الاتحاد السوفيتي وسقوط التجربة الشيوغية الاشتراكية بسبب حصر كل شيء بيد الحكومات، مضاف لذلك القوى الغربية عملت على دعم قيادات شيوعية ساهمت في تفكيك الاتحاد السوفياتي، الصين دولة شيوعية طبقت النظرية الاشتراكية، لكن زعيم الصين عندما شاهد سقوط المعسكر الشرقي وتفكك السوفيت، حاولت دول الغرب إسقاط النظام الشيوعي في الصين، تم دعم مظاهرات طلاب في بكين، تصدت لهم القوات الصينية بشدة، رفضت القيادة الصينية إلغاء الحزب الشيوعي، بل عملت على إبقاء الحزب الشبوعي، وعملت على إدخال القطاع الخاص، النتيجة في أقل من عقد من الزمان أصبحت الصين العملاق الاقتصادي الثاني إن لم يكن الأول على مستوى العالم.
بالوضع العراقي، معظم أموال البترول والذي يعتبر المصدر الأول لميزانية الدولة العراقية، تذهب إلى دفع نفقات الدولة من مرتبات وتسليح وتوظيف عشرة ملايين شخص، رغم عائدات البترول السنوية تصل إلى مائة مليار دولار، لكن نشاهد تردي الوضع الاقتصادي، الاعتماد على موارد البترول لايمكن أن تعزز الوضع الاقتصادي العراقي، الميزانيات الريعية لايمكن أن تضمن استمرار أوضاع اقتصادية جيدة، العالم يتجه نحو الاعتماد على الطاقة البديلة ويصبح النفط لاقيمة له، لذلك الدول الناجحة، تعمل على دعم القطاع الخاص، يتم انشاء آلاف المصانع والمعامل مع فرض نسبة على الأرباح كضريبة، بعض الدول تدعم القطاع الخاص من خلال مشاركة أصحاب المشاريع اعطائهم مبالغ لإنجاز المشاريع مقابل الحصول على أرباح، شاهدنا إنجاز مشاريع إقامة مدن سكنية في العراق، لكن للأسف رغم أن الدولة تعطي الأرض مجانا وتدفع أموال كبيرة لكن تجد المستثمر يبيع شقة السكن في ٣٠٠ الف دولار في بغداد، نفس هذه الشقة تباع في أنقرة واسطنبول في مبلغ خمسين ألف دولار، أما سعر الشقق في المدن الصغيرة التركية يصل إلى عشرين ألف دولار فقط، لكن رغم ذلك نستبشر خيرا بكل خطوة تقوم بها الحكومة في بغداد أو حكومات المحافظات العراقية المحلية في دعم المستثمرين في مجالات دعم البنى التحتية رغم أن الأسعار غالية، شاهدت مسؤول حكومي في محافظة واسط أو بابل عبر قناة فضائية عراقية، تحدثوا عن توزيع قطع سكنية مقابل دفع ثلاثين مليون دينار للمستثمر الذي يوفر لهم إقامة شبكة مجاري وخطوط نقل كهرباء….الخ أصل الفكرة جيدة، لكن تبقى الأسعار غالية.
انا شخصيا عشت أكثر حياتي في مملكة الدنمارك، الحكومة الدنماركية، لاتملك اي شيء، سوى مدارس حكومية، والشرطة وجيش قليل، ويوجد عدة أسراب لطيران حربي مقاتل، للمشاركة مع حلف الناتو، الحكومة لاتملك مصانع ولامعامل، تملك الحكومة مؤسسات دستورية حاكمة، وتوجد دائرة الضرائب التي تشرف على كل الأعمال بالدنمارك، لايوجد شخص بالدنمارك مايدفع جزء من أمواله للضريبة.
ثبت فشل تجربة النظام الشيوعي الاشتراكي عندما تملكت الدولة، كل شيء من الإنتاج في مجالات الزراعة والصناعة والخدمات، لضمان منح الأفراد مرتبات وتوفير خدمات وتعليم لهم، وحرمانهم من تكوين ثروات مالية خاصة بهم، بعد انهيار الاتحاد السوفييتي ودول المعسكر الشرقي، اتضح فشل امتلاك الدولة لكل شيء، وثبت نجاح التجربة الرأسمالية في سيطرة القطاع الخاص على كل شيء، مقابل دفع ضرائب من الأرباح تصل إلى نصف أو أكثر من النصف الأرباح للدولة، لذلك في دول أوروبا الغربية الحكومات لم ولن توظف الخريجين والباحثين عن عمل، توجد مراكز تشرف على إعداد وتهيئة فرص العمل، يوجدون لهم عمل في المصانع والمعامل، ويقومون في تدريب الباحثين على عمل، لتعلم مهنة الحدقجي إلى الحلاق إلى سائق عجلات وقطارات، إلى منظف، إلى صاحب متجر، كل أبناء الشعب تحت رقابة مراكز تدريب العمل ودائرة الضرائب، لايوجد شخص خارج ذلك، الذي يشتغل يدفع ضريبة تصل إلى نصف ارباحه، انت عاطل عن العمل، يرسلونك إلى مراكز تهيئة العمل.
يفترض في الحكومة العراقية الاتحادية، وحكومات المحافظات العمل بشكل جيد لإيجاد فرص استثمارية من خلال التعاون مابين رجال الأعمال والحكومات المحلية وحكومة بغداد، وعلى الحكومة الطلب من البرلمان تشريع قوانين فرض ضرائب والزام القطاع الخاص في توظيف جزء كبير من المواطنين، أسوة في تجارب مملكة الدنمارك والسويد والمانيا.
على الحكومة العراقية اذا كان لديها خطط للإصلاح الاقتصادي، يجب تنويع مصادر الدخل استعداداً لمرحلة انتهاء أهمية النفط، لامناص إلا بقيام الحكومة بدعم جاد وحقيقي للقطاع الخاص، بل يجب تسليم موضوع التوظيف إلى القطاع الخاص، العقلية التي بنيت عليها دولة العراق وبقية الدول العربية في تبني نظرية ان الصناعة والتجارة بيد الحكومة، لذلك حان وقت إشراك القطاع الخاص بل وتسليمه موضوع إقامة المصانع والمعامل والتصدير، ويكون واجب الوزارات إشراف ومراقبة لا أكثر.
لكن وضع العراق يبقى دولة فاشلة بسبب استدامة الصراعات القومية والمذهبية، لننظر للشريك السني يبني امال بعزوف الناخبين الشيعة وعدم مشاركة السيد مقتدى الصدر ليفوزون ويعودون للسلطة لابادة الشيعة، يحيى الكبيسي وطه الدليمي أعلنوا عنها بشكل صريح وواضح، لذلك على وكلاء المرجعيات الشيعية حث المقلدين للمرجعية بضرورة المشاركة، اقسم بالله اول الناس الذين يتم ذبحهم هم المرجعيات ووكلائهم، في أحداث سوريا كان عندي أصدقاء علويين سوريين يشتمون في بشار الاسد ووقفوا مع عملية اسقاطه، النتيجة تم قتل عوائلهم من أطفال ونساء، والآن يذرفون دموعهم، هذه نتيجة عدم المبالاة والسذاجة تكون النتيجة كارثية، نُذكر اخواني وابنائي واحبائي أبناء شيعة شيعة العراق، اعلموا سواء كانتم اسلاميين أو مستقلين أو يساريين أو ملحدين ثقوا بالله الكل مستهدف بسيوف وخناجر شركاؤنا بالوطن، الحل الأمثل، نبذ الخلافات والتعاون، والعمل على إقامة إقليم وسط وجنوب، القيادات الشيعية عليهم طرد المسؤولين والموظفين الذين عينوهم واضطهدوا أبناء الشيعة وسلبوهم حقوقهم، أمس مسؤولين في وزارة النقل من كتلة شيعية منشقة تم ضبطهم متورطين بسرقة أموال لعمل سكة حديد بالبصرة، إلى متى تبقى هذه الكتلة الشيعية توظف مسؤولين فاقيدي ضمير وبسبب هذه الكتلة يتم شتم كل القيادات والمسؤولين الشيعة الشرفاء، إلى متى يتم الصمت عن هؤلاء الفاسدين، أحد كبار رؤوس الظلم أحيل قبل شهر إلى التقاعد حل محله شخصية محترمة من حزب الدعوة الرجل كتب إعلان على باب المؤسسة ياناس منو المظلوم ومسلوب حقه فليأتي لمقابلتي، لا أريد أن أذكر اسم هذا الرجل الداعية المجاهد الطيب والشريف، كان يفترض من البداية توظيف هؤلاء الشرفاء، أقسم بالله القوى المنشقة التي انشقت من الحركة الإسلامية الشيعية شوهوا سمعة شيعة العراق، كل السرقات وظلم المواطنين الشيعة لو فتشنا عن المسؤولين لوجدناهم منهم وليسوا من حزب الدعوة الأصل ولا من التيار الصدري، نعم هذه هي الحقيقة المرة، نأمل من الاخوة في التيار الصدري المشاركة في الانتخابات لان الظرف يلزم مشاركتهم، بل على القوى الشيعية جميعا مراجعة حقيقية للاخطاء والعمل على تصحيحها وفتح ابوابهم إلى أبناء حاظنتهم الشيعية لرفع الظلم والحيف، وعمل مصالحات على مستوى الأفراد والجماعات والقيادات، وتشكيل لجان محترمة مهمتها عمل مصالحات، وكسب أبناء الشيعة من النشطاء والمثقفين والعمل على جمع الكلمة، وزيارة مكاتب المرجعيات بل ولقاء المراجع لشرح حقيقة ما يحاك من مؤامرات ضد أبناء المكون الشيعي، انا مستعد ان انظم إلى أي فريق يتطوع لعمل مصالحات شيعية شيعية، دعوا تحرير الغِدس وفلسطين إلى الدول العربية السنية ومحيطهم الغير عربي من عجم وترك وهنود مسلمين سنة، لدى أبناء محافظات الوسط والجنوب مئات التجار ورجال الأعمال وأصحاب رؤوس أموال يمكن للحكومة دعمهم في تأسيس شركات مشاركة مع الحكومة في الاعمار وفي إقامة مشاريع سكنية وزراعية وصناعية افضل من جلب رجال أعمال مصريين ومغاربة ومن الخليج، نحن أبناء الوسط والجنوب نملك كل المقومات التي يمكن الاستفادة منها في جعل الوسط والجنوب منطقة مزدهرة غنية، علينا دعم شركات العتبات وشركات المواطنين العراقيين الشيعة، علينا دعمهم ليستفيدوا و يفيدوا إخوانهم واهلهم مع خالص التحية والتقدير.
نعيم عاتي الخفاجي
كاتب وصحفي عراقي مستقل
28/5/2025