اسم الكاتب : رياض سعد
من الواضح ان الاحداث الاخيرة والتدخلات الأمريكية والتحركات العسكرية في سوريا , مرتبطة بالصراع الروسي الامريكي , والحرب الاعلامية القائمة بينهما منذ اندلاع الحرب الروسية الاوكرانية ؛ فهذه الاحداث وتداعياتها وتطوراتها المرتقبة , لها علاقة بما يحدث في اوكرانيا وافريقيا وباقي مناطق العالم الملتهبة .
اذ تشير بعض المصادر الى ان ايران قد زودت بعض الفصائل بالأسلحة لتصعيد الهجمات ضد القوات الامريكية ؛ وذلك من خلال التنسيق مع الروس والحكومة السورية ؛ وفي الايام الماضية اتهمت روسيا الطيارين الأميركيين بانتهاك بروتوكولات السلامة , فقد كشف العميد أوليغ غورينوف، نائب رئيس المركز الروسي للمصالحة بين الأطراف المتحاربة في سوريا، عن اقتراب طائرة مسيرة تابعة للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة بشكل خطير من طائرات القوات الجوية الروسية في منطقة الباب … ؛ وقال العميد الروسي إن الطيارين الروس تعاملوا مع الوضع باحترافية واتخذوا الإجراءات اللازمة في الوقت المناسب لمنع الاصطدام بالطائرة المسيرة … , واستعرض التقرير الروسي مظاهر عديدة للتوتر الأميركي الروسي في سوريا خلال الأشهر الأخيرة، وأشار إلى أن القيادة المركزية الأميركية تزعم أن قوات الجيش الروسي في سوريا تقوم “بمناورات غير آمنة وتفتقر إلى المهنية”.
ونقل عن جويل روبين، نائب مساعد وزيرة الخارجية السابق في إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، قوله إن قدرة الولايات المتحدة على احتواء السلوك الروسي في سوريا محدودة، وترجيحه استمرار روسيا في اختبار صبر الولايات المتحدة، خاصة بعد انقطاع الاتصال بين البلدين بسبب الصراع في أوكرانيا … ؛ وقد نقلت صحيفة “ديلي إكسبريس” في الاسابيع الماضية عن مسؤول كبير في البنتاغون قوله إن الولايات المتحدة تدرس الرد عسكريا على الوجود الروسي في الأجواء السورية وسط زيادة حدة التوتر بين الطرفين.
وعن أسباب تصاعد التوتر بين الطرفين الأميركي والروسي في الساحة السورية، نقل البعض عن كيريل سيمينوف، الخبير في المجلس الروسي للشؤون الدولية، قوله : “بشكل عام، تخشى الولايات المتحدة هجمات المليشيات الموالية لإيران على المنشآت العسكرية الأميركية في سوريا، غير أنني أرى الزيادة (في الجنود الأميركيين) بمقدار 3 أضعاف في وحدة تدريب المقاتلين الأكراد غير ضرورية”... ؛ ويضيف سيمينوف : “إذا تحدثنا عن المنطقة التي يتوقع الأميركيون أن تشهد صراعا، فإن مدينة القامشلي في شمال شرق سوريا هي الاحتمال الأرجح نظرًا لوجود القوات الموالية لإيران هناك وكذلك التشكيلات الكردية، فضلًا عن قاعدة عسكرية روسية على أرض المطار المحلي، ونقاط التفتيش الروسية المنتشرة في المنطقة كلها. وفي حال حدوث أي استفزاز من أي طرف، فإن جميع الاحتمالات ستكون واردة”.
و بدوره، يقيِّم فلاديمير فاسيليف، كبير الباحثين في معهد الولايات المتحدة وكندا التابع لأكاديمية العلوم الروسية، الوضع بشكل مختلف، فيقول “الولايات المتحدة تحارب على عدة جبهات، وفي الوقت الراهن، تنظم هجمات على روسيا بأيدي الأوكرانيين … ؛ ولكن إذا استمر الفشل على هذه الجبهة، واستمرت السياسة الخارجية للولايات المتحدة في التدهور ولم يأت الهجوم المضاد بأي نتيجة، فإن أميركا قد تلجأ إلى خطة احتياطية تتعلق بسوريا”.
ويتابع الباحث الروسي “يبدو أن واشنطن قررت العودة إلى الساحة السورية بعد تمرد بريغوجين، وتتوقع تصعيد الوضع في سوريا، مما يجبر القوات المسلحة الروسية على التدخل. إضافة إلى أن إدارة بايدن تحتاج إلى تحقيق بعض الانتصارات قبل الانتخابات” الرئاسية الأميركية … ؛ و لكن الخبير الروسي مالك دوداكوف لديه وجهة نظر مخالفة لما سبق، إذ يرى أن واشنطن لا تسعى للضغط على موسكو في سوريا، ويشير إلى أن هناك أصواتا في إدارتي كل من بايدن والرئيس السابق دونالد ترامب ما فتئت تنادي بانسحاب القوات الأميركية من سوريا... ؛ ويرى دوداكوف أن نشوب أي اشتباكات بين القوات الأميركية والروسية في سوريا إذا حدث فسيكون من قبيل الصدفة، ويستبعد احتمال تخطيط الولايات المتحدة عمدا لاستفزاز روسيا في بلد إستراتيجي مثل سوريا.
ومما زاد الطين بلة دخول الصين على خط الصراع ؛ فها هي الصين تدعو الرئيس السوري الى زيارتها لحضور افتتاح دورة الألعاب الآسيوية ؛ فقد وصل الرئيس السوري بشار الأسد ؛ اليوم الخميس ( 23/9/ 2023) إلى الصين، في زيارة هي الأولى منذ العام 2004 … ؛ وتأتي هذه الزيارة فيما يسعى الأسد للحصول على دعم لإعادة إعمار بلاده التي دمرتها الحرب. وترافق الأسد زوجته أسماء ووفد سياسي واقتصادي … , وتشمل الزيارة لقاءات وفعاليات في مدينتي هانغو وبكين... ؛ والصين ثالث دولة غير عربية يزورها الأسد خلال سنوات النزاع المستمر في بلاده منذ العام 2011، بعد روسيا وإيران، أبرز حلفاء دمشق، واللتين تقدمان لها دعما اقتصاديا وعسكريا غير ميزان الحرب لصالحها. وتندرج هذه الزيارة في إطار عودة الأسد تدريجيا منذ أكثر من سنة الى الساحة الدولية بعد عزلة فرضها عليه الغرب خصوصا بسبب قمعه الحركة الاحتجاجية في بلاده التي تطورت الى نزاع مدمر.
بينما رجح البعض سيناريو غريب يتحدث عن تضحية امريكا ببعض حلفائها من الكرد والعرب واللاجئين السوريين في تركيا والمتهمين بالإرهاب ؛ مقابل تضحية روسيا ببعض الفصائل الشيعية والايرانية ؛ أي باختصار : افتعال معركة طاحنة لا تبقي ولا تذر ؛ تقضي على الفريقين ؛ بينما يتفرج الروس والامريكان على المشهد , ويحركون الاطراف المتنازعة ( بالريموت كنترول ) ؛ بل ذهب البعض بتنبؤاته بعيدا ؛ حيث رأى : ان روسيا سوف تضحي بحلفائها السوريين والايرانيين بما فيهم بشار الاسد ؛ مقابل حصول تنازلات امريكية وغريبة في مناطق اخرى من العالم وعلى رأسها اوكرانيا …؛ بينما ذهب البعض الى ان هذه الاحداث تعتبر بداية النهاية للولايات المتحدة والمقدمة لانسحابها الكامل من الاراضي السورية . وتبقى كل تلك التحليلات والآراء والسيناريوهات مجرد احتمالات قد يصدقها الواقع وقد تكذبها الاحداث .
………………………………………………………..
المصادر : 1- الصحافة الروسية – . 2- الصحافة العالمية .