كتابة المذكرات توثق حقب تاريخية

نعيم الخفاجي

كتابة المذكرات تعني توثيق حقبة تاريخية عاشها الشخص الذي كتب مذكراته، سواء كان رجل سياسة او شخص خضع لتجارب بحياته سواء كانت قاسية او غير قاسية، الغاية من كتابة المذكرات، يستفيد منها الآخرين.

أنا شخصيا ومنذ فترة شبابي كنت أقرأ كتب المذكرات التي تصدر من قبل مستشاري الأمن القومي الامريكان والسوفيت، ومذكرات قادة الجيوش الذين خاضوا حروب من دول الناتو، ومذكرات رؤساء وقادة أوروبا الغربية،  أما العرب المذكرات عندهم  ممنوعة، بل حتى اذا كان في امكانهم كتابة ذلك، يجهلون أهميتها، وإن كتب البعض منهم وخاصة من القوى البعثية السنية،  فهؤلاء يكتبون مذكرات بشكل كاذب، والغاية للتضليل ولتحقيق مكتسبات طائفية، ولنا في كتاب سعد البزاز، تحدث عن الانتفاضة بعام ١٩٩١، يقول تم قتل شخص شيعي واحد في كربلاء، رغم أن عدد الشهداء تجاوز ربع مليون شخص، لذلك كتابة المذكرات فن أجاد كتابته ساسة وقادة العالم الغربي ودول الصين، أما العرب فهم اصلا لم تتوفر لديهم أنظمة محترمة منتخبة شعبيا، تسمح للمواطنين في التعبير عن آرائهم، ومتى ماوجدت الحريرية، تجد ناس يكتبون عن مذكراتهم.

اتذكر الجنرال نورمان شوارزكوف قاد عملية عاصفة الصحراء، لدى حضوره خيمة الاستسلام والذل لصدام وقادته بخيمة سفوان، بعد أن احضروا له قادة فيالق صدام العسكرية اشبه في اسرى اذلاء في خيمة سفوان، أعلن انه سوف ينشر مذكراته، بعد انتهاء الحرب في ثلاثة اشهر، تم نشر مذكرات الجنرال شوارسكوف.

قرأت مذكرات لكتاب وساسة عرب مصريين ولببنانيين وعراقيين كتبوا مذكراتهم، السياسي البعثي العراقي الشيعي حازم جواد، ذكر في مذكراته، المقبور البكر طلب منه أعداد دراسه عن اقامة مصنع سكر، كتب الدراسه واقترح إقامة المعمل في مدينة العمارة، يقول صادفني الوزير حمادي شهاب قال لي السيد الريس منزعج منك هواي، يابا يقول عنك طائفي، شلون اقترحت إقامة معمل السكر بالعمارة وليس في الموصل،  وكذلك البعثي الشيعي حامد الجبوري، ايضا كتب مذكراته،  وذكر عدة  قصص عن طائفية قادة البعث تجاه أبناء الشيعة، من ضمن القصص، يقول كنت في مجلس يضم   سعدون شاكر جالس مع قيادي تكريتي اخر ويقولون لابد من القضاء على أبناء الفرات الأوسط والجنوب لأنهم فرس يعني( شيعة) يقول قلت له رفيق يعني انا وحازم جواد ايضا شيعة شلون محن معهم.

بحقبة المعارضة العراقية السابقة لنظام صدام الجرذ، كتب بعض المثقفين العراقيين مذكراتهم، بعد سقوط نظام البعث، كان يفترض كل شخص تعرض للسجن والاعتقال، أو شغل مناصب عسكرية وشاهد عمليات التمييز المذهبي والقومي، والاعدامات بالجملة لأسباب مذهبية وقومية طالت الشيعة والاكراد، يكتبون مذكراتهم لتوثيق تلك الصفحات السوداء الذي عاشها العراق، قبل عدة سنوات رأيت حوار تلفزيوني، مع  شخص إمعة، يرتدي نظارات سوداء، والأخ صامت كأنه حجرة، يريد حرمان ضحايا نظام البعث من حقوقهم التي كفلها لهم الدستور العراقي والقوانين التي شرعت بعد سقوط نظام صدام، كل مايتم سؤاله عن شمول ضحايا النظام السابق، يلتف على الموضوع ويريد حرمانهم حتى يبقى هو وفئة صغيرة يتمتعون بالامتيازات، يكون جوابه القضية تحتاج تشريع حتى نوثق جرائم النظام السابق، نكثر التشريعات لذكر الجرائم، هذا الظالم يعرف تشريع قانون لايمكن يشرع لأجل اربع او خمسة أشخاص بحجة توثيق جرائم نظام البعث.

لايعقل نظام صدام الجرذ اعتقل وسجن ملايين العراقيين، واعدم وقتل وهجر الملايين، والأشخاص الذين كتبوا مذكراتهم ربما اعدادهم أفراد، أين يكمن الخلل، للعلم توجد تسهيلات من الحكومة العراقية في الكتابة بل هناك مؤسسات توفر دعم مادي لمن يريد أن يكتب مذكراته لتوثيق جرائم نظام البعث الساقط، لكن الإعلام الرسمي الحكومي والحربي العراقي لم يسلموا  الضوء على ذلك للأسف.

انا شخصيا كتبت مذكراتي وكمسودة، انتظر ان مكني الله عز وجل، اقوم بنشرها، كتبت قصة حياتي ومشاهداتي للظلم والقهر الذي رأيته بالعراق بالجيش، وكيف كان التمييز الطائفي والقومي واضح، وذكرت معاناتي  في معتقلات  السعودية،  قبل وصولي الى مملكة الدنمارك.

وايضا ذكرت نشاطاتي بالمعارضة السابقة قبل وبعد سقوط نظام صدام الجرذ الهالك، للظاهر عدم كتابة الاخوة الدعاة والشيوعيين والمستقلين مذكراتهم بالعراق، رغم أن لديهم ثراء بالمعلومات والتجارب العملية، ينم عن الجهل في أهمية كتابة المذكرات، يبقى من كتبوا  مذكراتهم من  العراقيين قبل وبعد سقوط نظام البعث محل ثناء وتقدير، رغم قلة عددهم،  إن كتابة المذكرات ونشرها، يعني المساهمة الفعالة في كشف الحقائق لعامة أبناء الشعب، يفترض بالأشخاص الذين شغلوا مناصب في وزارة الداخلية وشغلوا مناصب في وزارة الدفاع والاجهزة الأمنية والوزارات،  من الدعاة وغيرهم، كان الأجدر بهم، كتابة مذكراتهم، وكشف  حقيقة ماجرى من إرهاب ونشر اسماء القوى الارهابية والقوى الداعمة لهم، وعلى الضباط أمثال ابو الوليد والعقيد الركن علي القريشي الذي صمد في مصفى بيجي ١٥٨ نشر مذكراتهم، وعلى المقاتلين في القوى الحشدية والفصائل ذكر مذكراتهم، وعلى ضباط الشرطة نشر ماشاهدوه من إرهاب من تنفيذ فلول البعث لتوثيق تلك الحقبة، يحتاج تأليف كتب عن جريمة سبايكر والفتحة والصقلاوية وجريمة قتل ٨٥٠ سجين شيعي في سجن بادوش، وذكر مجازر إبادة التركمان والشبك الشيعة وسبي نسائهم وقتلهن بالحرق بالنار مع منحهن فرصة تشهد الشهادتين، وفق الله الناحية الآيزيدية السيدة مراد هي من ذكرت ذلك، أما ربعنا الشيعة يستحون لأنها تضر في اللحمة الوطنية التي هي معفنة للاسف، لاداعي للخجل، الف طز على اللحمة المعفنة مع شركاء متورطين في الإرهاب وحرق العراق لأسباب مذهبية بعثية واضحة، على كل عراقي شريف شاهد مواقف في حياته، عليه أن  يكتب مايقدر عليه من توثيق جرائم صفحة البعث، ورغم ذلك لم يستطيع الناس من ضحايا نظام البعث قول كل شيء،  جرائم لاتعد ولاتحصى.

في الختام أيها المقاومين الشيعة دعوا عنك تحرير الغِدس وفلسطين، قضية تحرير فلسطين تخص العرب السنة ومحيطهم الإسلامي السني من أمة المليار ونصف مليار مسلم سني، أيها الشيعي المقاوم الأولى بك تتصالح مع اخوك الشيعي وتتفقون على مشروع جامع ولازم لكم لدرأ المخاطر التي تهدد كل من هو شيعي، ساحتنا تشهد صراعات بين الدول العظمى في أدوات محلية عراقية وعربية طائفية قذرة ونتنة، مع خالص التحية والتقدير.

نعيم عاتي الخفاجي 

كاتب وصحفي عراقي مستقل.

10/6/2025

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *