الجالية و خطب صلاة الجمعة (صفات المؤمن)

الكاتب : د. فاضل حسن شريف
—————————————
جاء في خطبة الجمعة للشيخ حسن التي أقامها مسجد الإمام الحسين عليه السلام بمدينة تورنتو الكندية عن (صفات المؤمن):

قال الشيخ العامري أن المؤمن كالنحلة تعمل العسل الذي فيه شفاء للناس، وهكذا المؤمن كالنحلة تحل البركة في المكان الذي تحل فيه “وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ” (مريم 31) وذلك نتيجة كلامه عندما يتحدث وفي وجوده وفي فعله. فكلما يصدر من المؤمن فهو مبارك، ففي كلامه شفاء لهموم الناس وقلوبهم. وسلوك النبي وأهل البيت عليهم السلام نموذج للمؤمن وذلك لزهدهم في الدنيا والرغبة بالآخرة. يقول أمير المؤمنين عليه السلام (خالطوا الناسَ مُخالطةً إنْ متّمْ مَعَهَا بَكَوا عليكم، وإنْ عشتم حَنّوا اليكم) وهي الدرجة والمستوى المطلوب للمؤمن الوصول اليه.

يقول الإمام علي زين العابدين عليه السلام (اللهم صل على محمد وآله وحلني بحلية الصالحين، وألبسني زينة المتقين في بسط العدل، وكظم الغيظ) وهذه خطوات توصل الانسان الى الدرجة المطلوبة للإيمان حيث يصف عليه السلام اللباس المعنوي للمؤمن بالحلية التي يحلى بها ليكون إنسانا صالحا في مجتمعه. وهذا يتطلب أولا بسط العدل والإحسان. فالنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم كان مثال العدل بين أصحابه حتى نظراته يوزعها بالتساوي على أصحابه.

ويقول الامام علي عليه السلام (والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلت) فهذا هو الميزان العادل لامير المؤمنين عليه السلام. فحتى مع الأشخاص الذين ليس لديك علاقة جيدة معهم عليك أن تكون عادلا معهم “وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ” (المائدة 8)، و “إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ” (النحل 90). وحسب روايات أهل البيت فإن أول شيء تحاسب عليه يوم القيامة هو العدل. وثانيا من متطلبات المؤمن أن يكون كاظما لغيظه. هنالك آيات تحث على كظم الغيظ “وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ” (الشورى 37)، و “وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ” (ال عمران 134) حيث أن الغضب عكس الايمان والتقوى. فالسيطرة على الغضب تؤدي الى حفظ اللسان، فعليك أن تسامح من يغضبك لا أن ترد عليه بغضب مماثل.

كان أمير المؤمنين عليه السلام عادلا لا يظلم أحد حتى وهو حاكم. وروى أن قام أعشى باهلة وهو غلام يومئذ حدث إلى علي عليه السلام، وهو يخطب ويذكر الملاحم، فقال: يا أمير المؤمنين، ما أشبه هذا الحديث بحديث خرافة فقال علي عليه السلام: إن كنت آثما فيما قلت يا غلام، فرماك الله بغلام ثقيف، ثم سكت، فقام رجال فقالوا: ومن غلام ثقيف يا أمير المؤمنين؟ قال: غلام يملك بلدتكم هذه لا يترك لله حرمة إلا انتهكها، يضرب عنق هذا الغلام بسيفه. فالرواية تبين أن الإمام عليه السلام لم يغضب لكلام الغلام وانما أجابه بأنه سوف يأتيك حاكم ظالم آثم وتعرف من هو الحاكم العادل. يقول أمير المؤمنين عليه السلام في ذم الغضب (إياك و الغضب فأوله جنون وآخره ندم). فعليك أن يكون قلبك رحوم عند مجابهة حالة تغضبك.