سالم الساعدي
في زمن صارت فيه العزة عملة نادرة، والكرامة سلعة تباع في أسواق المطبعين، تقف إيران وحدها في مواجهة أعتى قوى العالم. لا بترسانة نووية، ولا بتحالفات دولية، بل بعقيدة صلبة، وإرادة لا تلين.
من كان يظن أن دولة محاصرة، مستهدفة من الداخل والخارج، تجرؤ على مواجهة أمريكا وإسرائيل، بينما تصطف خلفهما طوابير من الدول العظمى؟! فرنسا، ألمانيا، بريطانيا امريكا كلها إما تهادن، أو تخشى، أو تحسب ألف حساب لغضبة البيت الأبيض. إلا إيران… وقفت، وصمدت، وقالت “لا” حيث لا يجرؤ الآخرون.
العار للمطبعين… والمجد للصامدين
ما أكثر الشامتين بإيران اليوم…أولئك الذين باعوا دينهم وعروبتهم في بازار التبعية السياسية والفكرية. يهللون لأي خسارة تتكبدها طهران، لا لأنهم منتصرون، بل لأنهم اعتادوا العيش في ظل الهزيمة. هؤلاء لا يملكون من الشجاعة شيئًا، ولا من الكرامة بقايا. شماتتهم تكشف وجهين
الأول، رغبتهم العمياء في حياة بلا عزة ولا مبدأ ولا كرامة ولا حتى شرف والثاني، انخراطهم الواعي أو اللاواعي في المشروع الصهيوني الأمريكي الذي يسعى إلى إنهاء دين الأمة، وسلبها آخر معاقل كرامتها وتنفيذ مشرعها التوراتي الممتد من النهر إلى البحر وهذا ما يعلمه حتى الطفل من الأمة
تفوق السلاح لا يعني تفوق القضية
نعم، معسكر الصهاينة يتفوق تقنيا وتكنولوجيا . تفوق جوي، استخباراتي، عسكري مدعوم من الغرب بأكمله. لكن بالمقابل، إيران لا تنحني ؟؟؟ضرباتها الصاروخية، وإن كانت محدودة مقارنة بآلة الحرب الأمريكية الاسرائيلية الغربية، لكنها تحمل وقعا سياسيا ومعنويًا لا يقاس. يكفي أن أمريكا اضطرت للتدخل لحماية إسرائيل. يكفي أن تل أبيب بدأت تشعر بالوجع الحقيقي الذي اصابها من ايران حتى ذهبت مهروله تطلب النجدة من العاهرة امريكا إذا انها ليست معركة توازن سلاح، بل توازن إرادة… والإرادة هنا تميل حيث تقف طهران.
بعد الضربة… ما بعد الصدمة
الضربة الأمريكية لإيران لن تمر بلا تبعات. محور المقاومة، الذي طالما سخر منه الإعلام المأجور والمطبعون، سيتحرك كل حسب قدرته وما يستطيع تقديمه في هذه المعركة لكنها لن تكون ضربات عبثية، بل مدروسة، مركزة، وستطال المصالح الأمريكية والغربية والإسرائيلية حيثما وُجدت.اما رد الشعوب الغاضبة، خصوصًا تلك التي ما زالت تؤمن بالكرامة والحق، سترد بطريقتها الخاصه . غضب شعبي قادم، سيفضح الأقنعة، ويطيح بأبواق العدو الإعلامية التي تُمارس التضليل وتخون الحقيقة من اجل أموال يقدمها الصهيوني لهم
الخلاف لا يلغي الحقيقة
قد تختلف مع إيران فكريًا أو مذهبيًا أو سياسيًا… لكن لا يمكنك إنكار أنها الدولة الوحيدة التي واجهت المشروع الصهيوني علناً . الأمة التي تصرخ جهاراً نهاراً ، وصراخ شرفها يسمع في كل العواصم، ومعظم الحكام في سبات أو انبطاح. وحدها إيران تصرخ وتقاتل دفاعا عن شرفهم المستباح ،فهل أصبح الدفاع عن الشرف تهمة؟ وهل باتت المقاومة مشروعا مشبوها
قيادة تشبه الجبال
على رأس هذا الصمود، رجل اقترب من التسعين، لكنه أقرب إلى الجبل منه إلى الشيخوخة. السيد علي الخامنئي، لا يمثل فقط الجمهورية الإسلامية، بل يجسد مسارا من الحق الممتد عبر التاريخ، مشروعا يقاوم الهيمنة الغربية والصهيونية بشجاعة نادرة في هذا العصر. هذا القائد ليس نتاج لحظة، بل امتداد لنهج الإمام الحسين عليه السلام، حين وقف في وجه الظلم، وواجه بسبعين من أصحابه ثلاثين ألفا من جيش الأمة المدعوم من قوى الشر المتمثله بالدولة البيزنطية انذاك.
إيران ليست مجرد دولة
إيران اليوم ليست مجرد حدود أو نظام إنها فكرة. إنها موقف. إنها العقيدة حين تقف في وجه الطغيان، وتصر على أن تبقى وفية لما تومن به، ولو دفعت الثمن غاليًا، نعم، إيران تخطئ وتصيب، كغيرها من الدول. لكن لا أحد يستطيع أن يتهمها بالجبن أو الخيانة أو المهادنة في عالم استسلم فيه الجميع، تبقى طهران آخر منارة تقول لن نركع
واخيراً
في زمن تهاوت فيه المبادئ، وبيعت القضايا في مزادات السياسة، تبقى إيران واقفة بثبات، تحمل راية الصمود وتدفع ثمن الموقف بشرف. قد نختلف معها، لكن لا يمكن إنكار أنها قالت (لا)حيث قال الجميع (نعم) والتاريخ لا يذكر الحياد، بل يخلد من وقف في وجه الطغيان