الكاتب : د. فاضل حسن شريف
—————————————
جاء في موقع هيئة علماء فلسطين عن احذروا الشائعات للكاتب صلاح نجيب الدق: عقوبة نشر الشائعات: أولًا: عقوبة شائعة القذف بالزنا: القذف هو اتهام الغير بالزنا، بغير دليل شرعي، وهو محرم بإجماع المسلمين. قال تعالى: “إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ” (النور 23). وذكَر الله تعالى حد القذف بقوله سبحانه: “وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ” (النور 4)، وثبَت أن النبي صلى الله عليه وسلم أقام الحد على القاذف بجلدِه ثمانينَ جَلدةً. جعَل الله تعالى في هذه الآية الكريمة ثلاث عقوبات للذي يقذف الناس بغيرِ دليلٍ شرعيٍ: إحداها: بدنية، وهي أن يجلد ثمانين جلدةً. الثانية: أدبية، وهي أنه تُرَدُّ شَهادته دائمًا. الثالثة: أن يكون فاسقًا ليس بعدلٍ، لا عند الله، ولا عند الناس، (تفسير ابن كثير جـ 10 صـ 171). الحكمة في مشروعية حد القذف: المحافظةُ على أعراض الناس، والحد من انتشار الفاحشة، فإنه عندما يكثر الحديث بالقذف بالزنا تتعود القلوب ذكر هذه الجريمة، ويضعف إنكارها من القلوب، كما هو موجود في بعض الدول غير المسلمة، وهذا يدل على السبب الذي جعل الشريعة توقِع هذه العقوبة على القاذف بالزنا دون القاذف بالكفر، مع أنه أعظم منه، ثم إن الزنا أمر خفيٌّ قد يصدق وقوعه، بخلاف الكفر. ثانيًا: عقوبة سب الناس: حرَصت الشريعة الإسلامية على المحافظة على أعراض الناس من الشائعات، فقررت العقوبة التعزيرية، وجعلت ذلك يرجع إلى تقدير القاضي، (المغني لابن قدامة جـ 12 صـ 399). ثالثًا: عقوبة الشائعات المؤثرة في حفظ أمن المجتمع: أمرت الشريعة الإسلامية الناس باستشارة أهل الاختصاص في الشائعات التي لها علاقة بأمن المجتمع المسلم، بل جعلت ترك ذلك من اتباع خطوات الشيطان، قال تعالى: “وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا” (النساء 83). جاءت الشريعة بحرب شديدة ضد الشائعات المؤثرة في المجتمع من خلال إعطاء الحاكم حق النظر في إنزال العقوبة المناسبة على مثيري الإشاعات ومروِّجيها التي تضر بأمن الأمة، بل قد قال طائفة من العلماء بأن له الحق في قتلهم، انطلاقًا من قوله تعالى: “لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا * مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا * سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا” (الأحزاب 60–62)، (مقاصد الشريعة – لسعد بن ناصر الشثري صـ 27: 24). روى مسلم عن عرفجة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: (من أتاكم وأمرُكم جميع على رجلٍ واحدٍ، يريد أن يشق عصاكم، أو يفرق جماعتكم، فاقتلوه)، (مسلم حديث: 1852). قال الإمام النووي رحمه الله: قوله صلى الله عليه وسلم: (يريد أن يشق عصاكم) معناه: يفرق جماعتكم كما تفرق العصاة المشقوقة، وهو عبارة عن اختلاف الكلمة وتنافر النفوس، (مسلم بشرح النووي جـ 12 صـ 242).
جاء في موقع قاف للأنباء القرآنية عن موقف القرآن الكريم من الإشاعة: -عتاب ولوم للمسلمين: “لولا إذْ سمعتموهُ ظنَّ المؤمنونَ والمؤمناتِ بأنفسهِم خيراً وقالوا هذا إفكٌ مبين” (النور 12) توجهت الآية بالعتاب للمؤمنين الذين انخدعوا بهذا الحديث فوقعوا تحت تأثير الشائعات، فلامَتْهم بشدة. لولا: بمعنى (هلاّ) إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً، وقالوا إن هذا الكلام إفك واضح كما يقول أي شخص عندما يكون متيقناً ومطَّلِعاً على حقيقة الأمر؟ فلماذا لم تقفوا في وجه المنافقين بقوة، فتحبطوا أهدافهم ومخططاتهم؟ بل استمعتم إلى أقوالهم التي مسّت مؤمنين آخرين كانوا بمنزلة أنفسكم منكم، ولماذا لم تدفعوا هذه التهمة، وتقولوا بأن هذا الكلام كذب وافتراء. لذا فإنكم تستحقون اللوم والتأنيب. ومما يلفت النظر أن الآية تقول: “ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً” (النور 12) أي لماذا أسأتم الظن بأنفسكم؟ إشارة إلى أن أنفس المؤمنين كنفس واحدة، كما إنه تعبير المؤمنين والمؤمنات يدل على أن النساء والرجال سواء في المسؤولية بعد أن جمعهم الإيمان، فإذا اتهم أحدهم فكأن التهمة موجهة إليه، فهل من المعقول أن يذيع الإنسان تهمة وُجِّهت إليه؟ وهكذا يجب أن يهبّ المسلم للدفاع عن إخوته وأخواته في الدين مثلما يدافع عن نفسه. -ما هو الموقف الشرعي من الإشاعة؟ ( لولا جاؤوا عليه بأربعةِ شهداءَ فإذ لم يأتوا بالشهداءِ فأولئك عند الله همُ الكاذبون” (النور 13) في الآية السابقة كانت الملامة ذات طابع أخلاقي ومعنوي، أما هذه الآية فتهتّم بالجانب القضائي والشرعي للمسألة فالتكليف واضح وعلى من يستمع إلى شخص يتهم شخصاَ آخر أن يطالبه بالبينة الشرعية وإلا هو كاذب في اتهامه ويستحق إقامة الحدّ الشرعي عليه. وأخيراً جمعت الآية التالية هذه الملامات، فقالت: “ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسّكم فيما أفضتم فيه عذابٌ عظيمٌ” (النور 14) كلمة (أفضتم) مشتقة من الإفاضة بمعنى خروج الماء بكثرة مما يدل على أن الإشاعة توسعت بشكل كبير وأن الناس قد خاضوا فيها وانهمكوا إلى حد كبير.
جاء في موقع الالوكة الشرعية عن الإشاعة (الأنواع والمكونات والانتشار) للكاتب عوض عز الرجال متولي عفيفي: عوامل انتشار الشائعة ورواجها:
الشائعة تحتاج إلى مجموعة من العوامل إذا ما اجتمعت فيها تجعلها أكثرَ إمكانية للانتشار والرواج، بل قد تحل محل الحقائق في أذهان بعض الناس، نتيجة للاستعداد النفسي عند هؤلاء الأفراد، بالإضافة إلى عدم التثبت منها في عقولهم، وعدم التعامل معها بوعي وفطنة وعلم، وأهم هذه العوامل والأسباب: 1- أهمية الشائعة: فإذا ما انطوى موضوع الإشاعة على شيء من الأهمية بالنسبة للمتحدِّث والمستمِع، أدَّى ذلك إلى حرصه على الاستماع لها، ونقلها مع إضافة بعض الانفعالات المساعِدة لها على الرواج. 2- درجة الغموض: إذ إن بعض الدراسات – التي أُجرِيت للتعرُّف على مدى تأثير غموض الشائعة في انتشارها – أثبتت أن الشائعة تنتشر أكثر، حيث يكون هناك تعتيم إعلامي، وغموض محيط بموضوعها، ومنهم مَن وضع معادلة رياضية لقياس نسبة انتشار الشائعة، مثل: “ألبورت وليوبوستمان” – في كتاب علم نفس الشائعة – ومفادها: “انتشار الشائعة = أهمية الموضوع × مدى الغموض حول الموضوع”، وكلما اتسمت الوقائع الحقيقية بشيء من الغموض أدَّى ذلك إلى رواج الشائعة. 3- التوترات الانفعالية: الشعور باليأس، شائعة قيام الساعة في 2012. وقد يسمع الفرد شائعة، فيُضِيف إليها انطباعاته، مما قد يغيِّر ويحوِّل مسار الشائعة أو الخبر. 4- التفاعل الاجتماعي: كلما كان جو انتشار الشائعة يتسم بالتقارب والتجانس بين أفراده، ساعد ذلك الشائعةَ في الانتشار، ويعبِّر عن ذلك العلماء بمصطلح “بيئة الشائعة”، حيث توجد فيها الظروف الملائمة لانتشار الشائعة. 5- الضغوط النفسية والمشكلات. 6- القلق الشخصي. 7- حب الفضول. 8- درجة الوعي بمضمون الشائعة. كلما قلَّت درجة الوعي بمضمون الشائعة كان ذلك مساعدًا لها على الانتشار. 9- المضمون. 10- القابلية للتصديق. موافقة الخبر هوًى في نفس السامع يمنعه من التحقق منها، بل يصدِّقها ويؤمن بها، وينشرها، مثل: “الانتصار – الهزيمة – التشيع للآراء والمذاهب”، وجعله غطاء على الأعين لقَبول الأخبار. 11- الخصائص الشخصية: المُشِيع إذا كان فصيحًا عليم اللسان، ويُجِيد عرض الشائعة، فهو حقًّا الشخص المناسب لها، يقول الله – سبحانه وتعالى – عن المنافقين: “وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَة” (المنافقون 4). 12- انعدام تسليط مَلَكة النقد الذاتي: وعدم تكليف المستمع لنفسه أن يسأل الشائع عن مصدر شائعته، ويتثبَّت منها، فإذا ما قيل له: “بَلَغنا كذا”، فلا بد أن يسأل: هل هو صحيح؟ نريد التأكد. 13- كون المُشِيع ممن تميل إليه قلوب سامعيه: بحيث إنهم يحسنون الظن به لدرجة الغفلة عن الشك في كلامه، وعدم التثبت منه. 14- موافقة الخبر هوًى في نفس السامع، فيصدِّقه من دون تأمل: وموافقته لعواطفه، كإشاعة مقتل شارون، وطلب البعض – عبر الرسائل الإلكترونية، والهواتف المحمولة – السجود لله شكرًا. 15- الفراغ: الفراغ يولِّد الشائعات، وقديمًا سمى السلف مَن يجلس فارغًا بـ: “عاطل، بطَّال”، ومَن تدنَّت همته ولم يجد بيئة كريمة تدفعه إلى العطاء والإنجاز، وَلَغ في حضيض التفاهة، ولم يُعرَف إلا بالقيل والقال. 16- عامل التربية: فكلما كانت الشخصيات والأفراد تربيتهم أصَّلت فيهم منهج التحرِّي والتثبُّت – البحث والتيقظ – وطلَب الدليل والبرهان، فكانت التربية علمية عملية، كان ذلك مِعْوَل هدمٍ للشائعة، وحائطًا منيعًا أمامها. فهل التربية كانت على النقل بعد السماع مباشرة أم بعد تنقيح الأخبار والتثبت منها؟ 17- ضعف ذاكرة الناقل: مما يدفعه إلى مَلْءِ الفراغات التي تسبَّبت فيها ذاكرتُه من عنده، ومن ثَمَّ يحصل فِقدان الضبط. 18- النقل الصحفي وصحافة الفضائح: والتي تُكثِر من نشر الفضائح والإشاعات. 19- شهوة الكذب. 20- الأجواء التي خرجت فيها الشائعة: شائعة تطليق النبي – صلى الله عليه وسلم – لأزواجه، في وقت عقوبة النبي صلى الله عليه وسلم لنسائه واعتزالهن.
عن أساليب الحرب النفسية للكاتب كندي الزهيري: أساليب الحرب النفسية: 1- الدعاية: يتم التسويق فكري معين من خلالها، مع وجود مصدر واضح وحقيقي، عيوبها اقل سرعة، ونتائج بطيئة، ومكلف. 2- الاشاعة: بث اخبار كاذبة مع غياب المصدر، وبسبب الجهل في التعامل معها، تكون انيه، سريعة الانتشار، ذات فعل واضح يصيب العقل الجمعي، لكن سريعة الزوال وحسب طبيعة المجتمع.