العراق وانقلاب 17 تموز الأسود (ان حزب الشيطان هم الخاسرون) (ح 6)

الكاتب : د. فاضل حسن شريف
—————————————
ان حزب البعث الذي قاد انقلاب 17 تموز عام 1968 أسوء من حزب الشيطان فمع شروره فانه يخاف الله جل جلاله، ولكن حزب البعث لا يخاف الله والى يومنا هذا لا يعترف بجرائمه التي أدت الى مقتل ملايين الأبرياء وتفريغ خزينة العراق وتدمير البنية التحتية. جاء في التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: قوله تعالى عن الشيطان “اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ ۚ أُولَـٰئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ” ﴿المجادلة 19﴾ دعتهم شياطين الأهواء والأغراض إلى الضلال والفساد فاستجابوا لها، فأعمتهم عن الهدى وقادتهم إلى الضلال “أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ” لأن من أسلس زمامه لشيطان الهوى قاده إلى كل سوء وألقى به في المهالك لا محالة، إما غدا أولا فبعد غد حتى ولو تسلح بالذرة والصواريخ. جاء في تفسير الميسر: قوله تعالى عن الشيطان “اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ ۚ أُولَـٰئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ” ﴿المجادلة 19﴾ الشَّيْطَانُ: ال اداة تعريف، شَّيْطَانُ اسم علم. غلب عليهم الشيطان، واستولى عليهم، حتى تركوا أوامر الله والعمل بطاعته، أولئك حزب الشيطان وأتباعه. ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون في الدنيا والآخرة.

جاء في موقع الحوار المتمدن عن أحداث في ذاكرتي / أسرار انقلاب 17 تموز 1968 للكاتب حامد الحمداني: لماذا أعد الانقلاب؟ لاشك أن هناك أمور كثيرة تتعلق بالوضع السياسي في العراق كانت قد أقلقت الإمبرياليين الأمريكيين والبريطانيين، وجعلتهم يستبقون الأحداث، ويدبرون انقلابهم ضد حكومة عبد الرحمن عارف، وكان أهم تلك الأمور ما يلي: 1 ـ ضعف سلطة عبد الرحمن عارف، وتنامي النشاط الشيوعي من جديد، وظهور اتجاهات لدى الحزب، ولدى القيادة المركزية، للسعي لقلب الحكم بالقوة، واستلام السلطة، مما أثار قلق الإمبرياليين الذين وضعوا في الحسبان إمكانية إسقاط ذلك النظام الهش الذي يفتقر لأي سند شعبي، وتتآكله الصراعات بين الضباط المهيمنين على السلطة، وانشغالهم في السعي للحصول على المكاسب والمغانم، مما جعل الحكم في فوضى عارمة يمكن أن تسّهل عملية الانقضاض عليه، وتوجيه الضربة القاضية له. كما أن محاولات القوى الناصرية تحقيق الوحدة مع الجمهورية العربية المتحدة، كانت تسبب للإمبرياليين المزيد من القلق، لأن الوحدة تشكل أكبر خطر على وجودهم في المنطقة وعلى إسرائيل، القاعدة المتقدمة للأمريكا، وسيفها المسلط على رقاب العرب. 2- قرار حكومة طاهريحيى، في 6 آب 967، باستعادة حقل الرميلة الشمالي من شركة نفط العراق، وإلحاقه بشركة النفط الوطنية، ومعروف أن هذا الحقل غني جداً بالنفط، مما أثار حنق شركات النفط الاحتكارية التي اعتبرته تحدياً جدياً لمصالحها الإمبريالية. 3- عقد اتفاقية نفطية مع الاتحاد السوفيتي، بتاريخ 24 كانون الأول 967، تعهد الاتحاد السوفيتي بموجبها بتقديم كل المساعدات التقنية وتجهيزات الحفر لحقل الرميلة الشمالي، واستخراج النفط وتسويقه لحساب شركة النفط الوطنية، وقد اعتبرت الإمبريالية هذا الأمر تغلغلاً سوفيتياً في هذه المنطقة الهامة التي تحتوي على نصف الخزين من الاحتياطات النفطية في العالم، واتخذت قرارها بالتصدي لهذا التغلغل المزعوم. 4-إقدام حكومة عارف على عقد اتفاقية نفطية مع شركة (أيراب) الفرنسية للتنقيب والحفر واستخراج النفط في منطقة تزيد مساحتها على 11000 كم مربع تقع في وسط وجنوب العراق، وذلك بمعزل عن الاحتكارات النفطية البريطانية والأمريكية، حيث اعتبر ذلك تجاوزاً على مصالحهما النفطية في المنطقة. 5- رفض حكومة عارف منح شركة ( بان اميركان ) الأمريكية امتيازاً لاستخراج الكبريت في العراق، حيث اكتشفت كميات كبيرة منه على نطاق تجاري مما أثار نقمة الحكومة الأمريكية. كل هذه العوامل جعلت الإمبريالية تقرر قلب نظام عبد الرحمن عارف الهش، والإتيان بحكومة جربتها يوم دبرت انقلاب 8 شباط 1963، تلك التي أعلنت الحرب الشعواء على الشيوعيين، وكل الوطنيين، واغتالت ثورة الرابع عشر من تموز وقائدها عبد الكريم قاسم، وصفت كل منجزات الثورة التي دفع الشعب العراقي من أجلها دماء غزيرة.

ثانياً: كيف أُعدّ الانقلاب؟ وَمنْ قاده؟ جرت عملية الإعداد للانقلاب من قبل الدوائر الإمبريالية في كل من بريطانيا والولايات المتحدة حيث سعت تلك الدوائر لتعاون العناصر الموالية لكلا الجانبين، فهناك البعثيون على الجانب الأمريكي، وعبد الرزاق النايف وإبراهيم عبد الرحمن الداؤد وزمرتهما على الجانب البريطاني حسث كان النايف يشغل منصب رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية، يما كان الداؤد يشغل منصب آمر الحرس الجمهوري. سارع الإمبرياليون،عن طريق عميليهما الدكتور (ناصر الحاني)، سفير العراق في بيروت، وبشير الطالب، الملحق العسكري في السفارة المذكورة، والذي سبق أن شغل قيادة الحرس الجمهوري في عهد عبد السلام عارف، حيث تمت الاتصالات بالانقلابيين، وتجنيدهم من خلال السعودية، وقد قام النايف والداؤد بالاتصال بسعدون غيدان آمر كتيبة الدبابات المكلفة بحماية القصر الجمهوري، والملحقة بالحرس الجمهوري، واستطاعا جره إلى جانبهما. وبعد أن تم للإمبرياليين تأمين اشتراك القادة الثلاثة في الانقلاب طلبوا من النايف الاتصال بالبعثيين ودعوتهم للمشاركة في الانقلاب. وجد البعثيون فرصتهم الذهبية للعودة إلى الحكم من جديد، وأعلنوا على الفور استعدادهم للمشاركة في الانقلاب، فقد ورد ذلك على لسان عبد الرحمن عارف في حديث له مع المؤرخ عبد الرزاق الحسني في اسطنبول، في 18 شباط 1970، حيث قال: ” إن النايف لم يكن إلا أداة حركها إغراء المال، وإن شركات النفط العاملة في العراق، والقوى التي تقف وراءها، كانت قد سعت منذُ منحت حكومته عقداً لشركة إيراب الفرنسية، وعقد اتفاقية التفاهم والمساعدة الفنية مع الاتحاد السوفيتي لاستثمار حقل الرميلة الشمالي الذي تم سحبه من شركة نفط العراق، وإلحاقه بشركة النفط الوطنية، وكذلك حجب الحكومة امتياز الكبريت عن شركة ـ بان أميركان ـ الأمريكية، سعت إلى البحث عن عملاء يعملون على تدمير حكمه، ووجدوا في النهاية أن عبد الرزاق النايف، هو الرجل الذي يحتاجون إليه، واشتروه من خلال السعودية بواسطة الوسيطين الدكتور ناصر الحاني و بشير الطالب، وأكد عبد الرحمن عارف أنه يقول هذا عن معرفة أكيدة وليس مجرد شكوك”. أما عبد الرزاق النايف فقد أكد دوره في ذلك المخطط، بعد أن قام البعثيون بانقلابهم ضده، بعد مرور 13 يوماً من تنفيذ انقلاب 17تموز 1968، ونفيه إلى خارج العراق، حيث عقد مؤتمراً صحفياً فضح فيه دوره، ودور شركائه البعثيين في الانقلاب، وعلاقاتهم بالإمبريالية حيث قال: “أنا لا أنكر علاقتي بالأمريكيين، لكنهم هم الذين فرضوا علي التعاون مع البعثيين” وكان عراب الانقلاب الدكتور ناصر الحاني الذي أصبح وزيراً للخارجية عند وقوع الانقلاب وقد سارع البعثيون إلى اغتياله في أحد شوارع بغداد، ثم اتبعوه باغتيال النايف بعده في لندن، محاولين بعملهم هذا حجب نور الشمس بواسطة الغربال.

جاء في تفسير الجلالين لجلال الدين السيوطي: قوله تعالى عن الشيطان “اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ ” أُولَـٰئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ ” أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ” (المجادلة 19) “استحوذ” استولى “عليهم الشيطان” بطاعتهم له “فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان” أتباعه، “ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون”.
جاء في موقع الحوار المتمدن عن أحداث في ذاكرتي / أسرار انقلاب 17 تموز 1968 للكاتب حامد الحمداني: كيف نفذ انقلاب 17 تموز 1968: سارع عبد الرزاق النايف إلى إعداد خطة تنفيذ الانقلاب بالاشتراك مع إبراهيم عبد الرحمن الداؤد، وسعدون غيدان، واحمد حسن البكر، وصالح مهدي عماش، وحردان عبد الغفار التكريتي، وأنور عبد القادر الحديثي، حيث جرى الاتفاق فيما بينهم على تفاصيل خطة الانقلاب، معتمدين على كتيبة الدبابات التي كانت في القصر تحت إمرة سعدون غيدان، وجرى الاتفاق على أن يأخذ سعدون غيدان كل من أحمد حسن البكر، وصالح مهدي عماش، وحردان التكريتي بسيارته الخاصة إلى داخل القصر الجمهوري ليقوموا جميعاً بالسيطرة على كتيبه الدبابات فجر يوم 17 تموز 1968، فيما يقوم عبد الرزاق النايف بالسيطرة على وزارة الدفاع، وأنيطت مهمة السيطرة على دار الإذاعة إلى إبراهيم الداؤد. وفي فجر ذلك اليوم قام سعدون غيدان بإدخال الضباط المذكورين ـ وهم يمثلون حزب البعث ـ بسيارته الخاصة، وتم لهم على الفور السيطرة على كتيبة الدبابات المذكورة، وأحاطوا بها القصر، وقاموا بإطلاق 5 إطلاقات من مدافع الدبابات كخطوة تحذيرية لعبد الرحمن عارف، الذي استيقظ من نومه مذعوراً، وحالما وجد القصر مطوقاً بالدبابات، أعلن استسلامه على الفور، وطلب تسفيره إلى خارج العراق. وفي الوقت نفسه تحرك عبد الرزاق النايف نحو وزارة الدفاع بمساعدة عدد من الضباط الموالين له وسيطر على الوزارة دون عناء، فيما توجه الداؤد إلى دار الإذاعة بعدد من الدبابات وسرية من الحرس الجمهوري وسيطر عليها دون قتال، و قام بإذاعة البيان الأول للانقلاب في الساعة السابعة والنصف من صباح ذلك اليوم 17 تموز 1968. حاول الإنقلابيون في بيانهم هذا التغطية على الأهداف الحقيقية للانقلاب، وجرى ذلك تحت شعار حل القضية الكردية، وإحلال السلام في كردستان، وإقامة الديمقراطية في البلاد، وإتاحة الفرص المتساوية للمواطنين، وانتصار حكم القانون، والتأييد الحازم للقضية الفلسطينية، داعين إلى تحديد مسؤولية الهزيمة في حرب حزيران، ولم ينسى البيان التهجم على الحكم السابق، واتهامه بشتى التهم، من رجعية وعمالة وغيرها. وخلال الساعات الأولى من صباح ذلك اليوم تم للانقلابيين السيطرة على البلاد وانتهى كل شيء وجرى اعتقال رجالات نظام عارف، وعلى رأسهم رئيس الوزراء (طاهر يحيى)، وجرى على الفور تسفير رئيس الجمهورية، عبد الرحمن عارف بطائرة عسكرية إلى لندن، حيث كانت زوجته تعالج هناك، ثم انتقل بعد ذلك إلى تركيا واتخذها مقراً لإقامته لسنين عديدة، ولكونه لا يشكل خطراً على النظام، فقد وافق البعثيون على طلبه بالعودة إلى العراق، بعد سنين عديدة ليعيش حياته كمواطن عادي. أما الشعب العراقي فقد أستقبل الانقلاب ببالغ القلق والاكتئاب، فالوجوه هي نفسها التي أغرقت البلاد بالدماء، إثر انقلاب 8 شباط عام 1963.

الإنقلابيون يتقاسمون المناصب: ما أن أستتب الأمر للانقلابيين حتى سارعوا إلى توزيع المناصب الهامة في البلاد فأعلنوا عن تعين أحمد حسن البكر رئيساً للجمهورية، فيما أصبح عبد الرزاق النايف رئيساً للوزراء، كما عُين إبراهيم الداؤد وزيراً للدفاع، وجاءت وزارة النايف على الوجه التالي: 1-عبد الرزاق النايف ـ رئيساً للوزراء. 2 -إبراهيم عبد الرحمن الداؤد ـ وزيراً للدفاع. 3 -ناصر الحاني ـ وزيراً للخارجية. 4 – صالح مهدي عماش ـ وزيراً للداخلية. 5 – عزت مصطفى ـ وزيراً للصحة. 6- مهدي حنتوش ـ وزيراً للنفط. 7 -جاسم العزاوي ـ وزيراً للوحدة. 8 – إحسان شيرزاد ـ وزيراً للأشغال. 9 – صائب مولود مخلص ـ وزيراً للمواصلات. 10 -ذياب العلكاوي ـ وزيراً للشباب. 11- صالح كبه ـ وزيراً للمالية. 12-محمد يعقوب السعيدي ـ وزيراً للتخطيط. 13 – طه الحاج الياس ـ وزيراً للإرشاد. 14ـ عبد المجيد الدجيلي ـ وزير الإصلاح الزراعي. 15 ـ خالد مكي الهاشمي ـ وزيراً للصناعة.
16 ـ محمود شيت خطاب ـ وزيراً للبلديات. 17 ـ عبد الله النقشبندي ـ وزيراً للاقتصاد. 18ـ عبد الكريم زيدان ـ وزيراً للأوقاف. 19 ـ أحمد عبد الستار الجواري ـ وزيراً للتربية. 20 ـ أنور الحديثي ـ وزيراً للشؤون الاجتماعية. 21 ـ محسن القزويني ـ وزيراً للزراعة. 22 ـ رشيد الرفاعي ـ وزيراً لشؤون رئاسة الجمهورية. 23 ـ محسن ديزئي ـ وزيراً بلا وزارة. 24 ـ كاظم معله ـ وزيراً بلا وزارة. 25 ـ ناجي خلف ـ وزيراً بلا وزارة. وبموجب هذه التشكيلة أصبح للبعثيين ثمانية مقاعد وزارية، فيما شغل الأكراد ثلاثة مقاعد، والإخوان المسلمون مقعدين، وشغل بقية المقاعد وعددها اثنا عشر مقعداً عناصر من مختلف الاتجاهات القومية والرجعية. أما المراكز العسكرية الحساسة فقد جرى توزيعها على الوجه التالي: 1 ـ سعدون غيدان ـ قائداً للحرس الجمهوري، وقد كسبه البعثيون إلى جانبهم. 2 ـ حردان التكريتي ـ رئيساً للأركان، وقائداً للقوة الجوية. (بعثي) 3 ـ حماد شهاب ـ قائداً للواء المدرع العاشر، وهو أقرب واخطر وحدة عسكرية على بغداد وهو من العناصر البعثية أيضاً. بدأ البعثيون منذُ الساعات الأولى للانقلاب يعملون بأقصى جهدهم لتثبيت مواقعهم في صفوف الجيش، واستغل حردان التكريتي فرصة سفر الداؤد إلى الأردن، لتفقد القوات العراقية هناك، بكونه رئيساً للأركان، بإجراء مناقلات لعدد كبير من الضباط الموالين لحزب البعث، تمهيداً لمخططهم الهادف إلى إزاحة كتلة النايف، واحتكار الحكم لحزب البعث وحدة.