فلاح المشعل
توافد الأبالسة من كل زوايا وأركان التاريخ، ليركبوا عربة الزمن العراقي في الألفية الثالثة، شياطين من كل الألوان والأطياف جاءونا بمهمة احتطاب أشجار بستان الرب، يلوثوا ما تبقى من مياه مقدسة وبقايا سلالات الآلهة!
عشرون عاما، وربما نمضي نحو الثلاثين، وحرائق البراءة والطفولة والبياض والموسيقى لم تطفأ! بلغت النار حتى قيثارة عشتار، وساد الجنون، لا تلك كوابيس تجثم على روح الوطن، توزع الخوف والضياع بالتساوي، هكذا قال العراف!
بلاد السبي أوطاني، نشيد صرنا ندفع فاتورة استحقاقه المتراكمة منذ استوطن نبوخذنصر في ذاكرة الثأر اليهودي!
ديون ألفي سنة مطلوب تسديدها في ما تبقى من رصيد أعمارنا البالية!
كنا صغارا، وعلمنا الآباء أن الشياطين لا تدرك الوطن، لا تطأ أرضه، لا تصعد نخيله، ولا تقترب من دجلة والفرات، فهذه الأرض مقدسة وبعض بقايا الرب من عرشه، أرض مأمنه بأجداث آلاف الأنبياء والأئمة والقديسين، هل كانت تعاليم الآباء تصدر وثائق زائفة، مثل الجامعات الوهمية؟
بلادنا التي ضاعت، ينابيع الضوء وإشراقات الوجود ومنتجع الزهور والطيور والأشجار، هي مستودع أحلام الشعراء.
النشيد الذي أوصله لنا الآباء كان كذبا، خدعة بصرية لدخول جهنم، وتموز لن يعود منذ أن تجمعت دموع النساء في أور لتغسل بالرثاء الحزين جثمان الربيع وهزيمة أنكيدو في خور عبد الله،!
هل كانت البلاد نائمة على سطح الماء، تطفو مثل غريق في بحر الظلمات!
تاريخنا عبق مقابر، وحاضرنا استحضار رماح الماضي بهدف استباحة بعضنا تلك تعاليم الأبالسة الذين جاءوا لنا بالسماء الكابوس!
سنوات وهم يلقنوننا ترانيم الموت، ويطعمونا الدم ويزرعون فينا أشجار الزقوم، ذلك هو زمن الأبالسة عرفناه منذ أصبح الإله بضاعة يتداولونها في سوق الربح والخسارة، وفي إصدار قرارات تعطي للشياطين صلاحيات الرب.
سنوات طوال والكابوس سقف ثانوي للبلاد، رصاص جاهز للقتل، هل سمعتم ببلاد تقتل أبناءها لكي تفي بنذورها لمملكة الأبالسة!
ذاكرة الخراب، تجهز تاريخاً آخر من الجنون، لم يشهد مثيلها الوطن منذ عصر الحاكم السومري جلجامش،
إلى موعدنا مع قيام الساعة التي أخطأنا بتوقيتها!،