البروفسور الدكتور ضياء واجد المهندس
قالت لي خاجية وهي تمسح الغبار عن عتبة دارها بعصبية الأمهات اللواتي جرّبن كل الحكومات وقالت:
“لن أرشّحك يا دكتور إلا إذا…”
قلت متبسماً: خيراً يا خاجية، ما هذه الشروط وكأنك تكتبين دستوراً جديداً؟
فقالت:
- أولاً، لا أريد أن أرى صورتك معلّقة على كل عمود وسياج، بين صور اللصوص والمحتالين. سئمنا تلك الوجوه المبتسمة قبل الانتخابات العابسة بعدها.
- ثانياً، خفّض رواتب الرئاسات والوزراء إلى النصف، فبعضهم نائم، وبعضهم مسافر، ولا نراهم إلا في موسم الوعود الكاذبة.
- ثالثاً، أوقف المنافع والتخصيصات. دعهم يعيشون مثل الناس، يتذوّقون همّ الراتب آخر الشهر. الرئيس النائم راتبه مئة مليون، وسفراته تكلف مئة وسبعة عشر ملياراً، ومذكرات أحلامه الرئاسية كلفت تسعة مليارات! بينما الموظف المتقاعد الذي خدم الدولة أربعين عاماً لا ينال سوى خمسمئة ألف دينار وكارت تموينية بنصف علبة زيت!
- رابعاً، زد رواتب المتقاعدين وذوي الرعاية، هؤلاء تعبوا حتى صاروا حكايات في الطوابير لا تُسمع إلا في نشرات التقشف.
- خامساً، وفّر عملاً للعاطلين، لا نريد “مبادرات” ملوّنة وشعارات إلكترونية. الشعب لا يعيش من الهاشتاك!
- سادساً، حاسب الفاسدين، فقد مللنا شعار “لا خطوط حمراء”، وهم باعوا الدولة بالمزاد، والآن يبيعون ثيابنا المستعملة!
وقبل أن تكمل خاجية خطبتها الوطنية، قلت لها مازحاً:
رويدك يا خاجية، أتريدينني أن أقلب العراق رأساً على عقب؟ فالبلاد امتلأت بالحيتان والذئاب والثعالب والذباب السياسي!
لكنها ضحكت ضحكة الحكمة وقالت:
“يا بني، إن لم تقلبه رأساً على عقب، فلا تترشّح! دع الكلاب القديمة تواصل لعبتها، فقد تعوّدنا على عضّها، وصرنا نعرف حتى نَغمتها!”
وهكذا انتهى اللقاء الانتخابي الوحيد الصادق في تاريخ العراق.
البروفسور الدكتور ضياء واجد المهندس
رئيس مجلس الخبراء العراقي