اعداد : العالم الجديد
يستعد الإطار التنسيقي للدخول في الانتخابات المحلية من دون منافس متكافئ، بعد غياب التيار الصدري أكبر خصومه السياسيين، ما يترك الإطار “محرجا” من أن تبدو العملية الانتخابية أحادية بلا لون ديمقراطي تعددي، لكن مراقبين تحدثوا عن “قوائم ظل” يسعى الإطار لتشكيلها وزرعها بوجوه مدنية “لتلطيف” الأجواء وإضافة مظهر شرعي تعددي على الانتخابات.
ويعتقد المحلل السياسي محمد نعناع، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “حظوظ الأحزاب الناشئة والجديدة؛ سواءً كانت منفردة أو ضمن قوائم، ستكون ضئيلة، ولن تنجح على الأغلب في الحصول على منصب المحافظ في أي من المحافظات التي ستجري فيها الانتخابات، بسبب هيمنة الإطار التنسيقي على الساحة السياسية والانتخابية وعدم وجود قوة متكافئة معه”.
لكن نعناع، يكشف عن “تشكيل الإطار قوائم ظل تضم مدنيين، وقد يتم منح منصب محافظ أو نائب محافظ أو رئيس مجلس محافظة لهم، بهدف إظهار العملية الانتخابية بمظهر تعددي لا أحادي، وأن العملية تضم أطرافا أخرى نوعية أو ضدية للإطار كالحركات المدنية والتشرينية، من أجل وصف العملية بالديمقراطية”.
ويوضح، أن “الإطار يريد تقديم نفسه بأنه لا يقصي أحدا، وأن من يشارك في الانتخابات سيحصل على حقه، وذلك لتلطيف العملية الانتخابية واعتبارها غير محسومة سلفا وإنما فيها منافسة”، مشيرا إلى أن “الإطار سيغري الكثيرين بهذا السلوك، لكن في الواقع ليست هناك تعددية، فالطرف المتحكم هو الإطار التنسيقي ومن يتفق معه من المكونات الأخرى”.
ويتابع نعناع، أن “قوى الإطار تريد إضافة حمولة سياسية جديدة تضفي الشرعية على الانتخابات لا أكثر، لأن من سيمنحهم الإطار مناصب سيبقون دمى بيده، كما هو حال من سموا بالمستقلين الذين اصطفوا مع الثلث المعطل وعطلوا توجهات ومشروع التحالف الثلاثي وما سمي بالأغلبية الوطنية لزعيم التيار الصدري”.
وتجري الاستعدادات للانتخابات في ظل غياب الكتلة الصدرية، أكبر منافسي الإطار التنسيقي، التي كانت قد حصدت 73 مقعدا نيابيا في الانتخابات التشريعية الأخيرة في تشرين الأول أكتوبر 2021، لكن الصدر فشل بتشكيل الحكومة ودخل بصراع مع الإطار التنسيقي استمر لمدة عام، وانتهى بانسحابه وتشكيل الإطار للحكومة.
كما تعاني قوى تشرين انقساما وتشتتا، في ظل امتناع جزء منها عن المشاركة، لتبدأ مرحلة “كيل الاتهامات”، كما جرى في الانتخابات الماضية، ما قد يضيع عليها فرصة المنافسة مع القوى التقليدية.
من جهته، يتوقع مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية غازي فيصل، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الانتخابات المحلية القادمة ستشهد اكتساحا لأحزاب الإطار التنسيقي الذي يريد تكريس الاستحواذ على السلطة عبر المجالس المحلية، ومن ثم التهيئة لاحتكار الانتخابات التشريعية المقبلة عبر استخدام المال سياسي ونفوذ الأحزاب”.
ويضيف فيصل، أن “هناك جمهورا أصبح لهذه الأحزاب ارتبط بمصالح اقتصادية واجتماعية وطائفية، إضافة للمصلحة الوظيفية أو فرص العمل، لاسيما أن الانتخابات القادمة لن يشارك فيها أكثر من 15 بالمئة من المستحقين للتصويت وهم أكثر من 25 مليون إنسان، إذ أن عشرة ملايين شخص لم يذهب للحصول على بطاقة الناخب، وأن من المحتمل حتى من حدثوا البطاقات لن يشاركوا، لذلك فإن الساحة تخلو لجمهور الإطار”.
وكانت قد شهدت الانتخابات التشريعية الأخيرة مشاركة نسبة 41 بالمئة، بحسب المعلن من قبل مفوضية الانتخابات في حينها، فيما ذكرت منظمات مستقلة معنية بالانتخابات أن النسبة أدنى من المعلن.
ويرى فيصل، أن “هذه الانتخابات فرصة ذهبية للإطار التنسيقي بغياب التيار الصدري واسع النطاق ذا الشعبية الكبيرة، إذ سينفرد الإطار وعدد من الأحزاب الأخرى بالانتخابات، ومن المؤكد أن الأحزاب الشبابية حديثة التكوين ستشارك لكن ستبقى فرصها محدودة بالفوز، قد تمنح عددا من المقاعد لكن لن تستحوذ على محافظة”.
ويتحدث المحلل السياسي، عن أن “الحرب في غزة واحتمال توسعها في الشرق الأوسط، وإذا ما اتسعت نطاق العمليات العسكرية ستهدد الانتخابات بالتأجيل إلى كانون الأول في العام المقبل، وإذا ما أقيمت في موعدها فإنها لن تكون أفضل من سابقتها التي شابها التزوير والتدخل والإكراه”.
وبعد ارتفاع حدة الصراع بين إسرائيل وحركة حماس واتساع رقعة الحرب، تبرز الخشية من أن تغرق منطقة الشرق الأوسط في حرب أوسع، طويلة الأمد، وفي العراق تصاعدت سريعا عمليات استهداف القواعد الأمريكية، وتزامن ذلك مع تحريك زعيم التيار الصدري لأنصاره نحو الحدود العراقية الأردنية، كما تأججت الأوضاع إقليميا بعد دخول إيران وحزب الله في لبنان إلى جانب دخول الحوثيين في اليمن على خط الأزمة.
إلى ذلك، يعلق المحلل السياسي غالب الدعمي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “العملية واضحة، المنافسة سنتحصر بين أحزاب الإطار التنسيقي على المحافظات، وسيتم توزيع المناصب بين هذه الأحزاب كعصائب حزب الله والكتائب وسيكون هناك حضور قوي لدولة القانون وتحالف الأساس”.
ويعوّل الدعمي، على “بعض القوائم المحلية في كربلاء والبصرة بالفوز في منصب على مستوى المحافظين، وما دون ذلك ستتوزع المناصب على الأحزاب المشاركة في السلطة الحالية، أي تنحصر بيد الإطار التنسيقي”.
جدير بالذكر، أن تحالفات عدة شُكلت مؤخرا استعدادا للانتخابات المحلية، من أبرزها تحالفات الإطار التنسيقي، التي ضم أحدها كلا من كتلة بدر النيابية بزعامة هادي العامري، وإرادة المرتبطة بالنائب السابقة حنان الفتلاوي، إلى جانب كتلة صادقون المرتبطة بحركة عصائب أهل الحق، وكتل حقوق ومنتصرون وسومريون والصدق والعطاء والمنتج الوطني، في مقابل تحالف آخر ضم تيار الحكمة الوطني وائتلاف النصر، في حين دخل ائتلاف دولة القانون بشكل منفرد، وجاءت تلك التحالفات بعد قرار الإطار التنسيقي المشاركة في الانتخابات عبر قوائم متعددة وليس بقائمة واحدة.
في المقابل، يؤكد المحلل السياسي، المقرب من الإطار التنسيقي، كاظم الحاج، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “عدم مشاركة التيار الصدري في الانتخابات المقبلة سيترك اختلالا في ميزان القوى السياسية، كون التيار أساسا مهما في العملية السياسية والمكون الشيعي”.
ويتطابق رأي الحاج، مع من سبقه من المحللين، بأن “غياب التيار الصدري سيصب في مصلحة الإطار، وأن الأخير سيكون محرجا في التعامل مع من يمثل التيار في الدوائر المحلية”.
وتعليقا على مزاعم استخدام المال السياسي، يشير إلى أن “ذلك أمر متوقع، فهو لا يتعلق بقوى الإطار فقط، بل كل الأحزاب المشاركة ستستخدم المال السياسي”، مقرا بـ”وجود مسعى للإطار بإنشاء قوائم ظل، كونه أمرا معروفا للجميع، لكن مسمياته الأصلية هي من تقود التحالفات، والتحالفات المقبلة الخاصة بالانتخابات البرلمانية التي ستتأثر بالتأكيد بمعطيات الانتخابات المحلية المنتظرة”.