اسم الكاتب : علي النجار
تناولنا في المقال السابق ماهية حقي الانتخاب والترشح، وانتهينا إلى أن المشرع الدستوري في مملكة البحرين اعتبر المشاركة في العملية السياسية حق دستوري للمواطنين. وبالرغم من اعتبار المشاركة حقا وليس واجبًا أي يمارسها المواطنون طوعًا واختيارًا منهم، إلا أنه مع ذلك نجد أن نسبة المشاركة في العملية الانتخابية عالية وهذا يدل على الوعي بأهمية المشاركة في العملية السياسية والانتخابية. إلى جانب قناعة المواطن ووعيه السياسي بأن الانتخاب واجب وطني عليه، يلزم مشاركته في العملية السياسية للمساهمة في عملية البناء والتغيير والتنمية مع باقي مؤسسات الدولة.
ويقصد بحق المشاركة السياسية، ذلك الحق الذي يتمكن المواطن من خلاله من المشاركة في إدارة شؤون بلده سواءً أكان ذلك بصورة مباشرة بتوليه المناصب العامة أم بصورة غير مباشرة عبر اختيار ممثليه بواسطة انتخابات دورية حرة ونزيه.
وتُعد المشاركة في العملية الانتخابية والحياة السياسية ركيزة أساسية للديمقراطية، حتى بات في الوقت الحاضر قياس مدى تطور أي نظام سياسي مرتبطًا بمدى وجود انتخابات حرة ونزيهة قائمة على أساس التعددية والمنافسة السليمة، وذلك لضمان حرية اختيار المواطنين لممثليهم. ويُعد حقّا الانتخاب والترشح من أبرز الحقوق السياسية التي أقرتها المواثيق والإعلانات الدولية والدساتير الوطنية في الوقت الحاضر.
وتبرز أهمية المشاركة في الحياة السياسية والعملية الانتخابية خصوصًا باعتبارها السياج الأمين للديمقراطية، كما أنها تنمي لدى الفرد إحساسه بذاته وثقل وزنه السياسي، وتنهض بمستوى وعيه السياسي والحقوقي، وتربي فيه روح الانتماء والولاء إلى وطنه، والإحساس بمشاكله، وتحمّل مسؤولياته تجاهه، ومن خلال المشاركة السياسية يسهم الفرد في مناقشة الأهداف العامة للمجتمع وتحديد أفضل الوسائل لإنجازها، وصناعة القرار السياسي. وتُعتبر المشاركة أفضل وسيلة لدعم وتنمية الشخصية الديمقراطية على مستوى الفرد والجماعة والمجتمع؛ لأن الفرد يمارس ثقافة التنافس والاختلاف ويتعود على قبول الآخر واحترامه وبالتالي فهو يقبل بالهزيمة مرة ويفرح بالفوز مرة أخرى.
وأخيرًا ومما يجب الالتفات إليه عندما نباشر حقوقنا السياسية في العملية الانتخابية أن ليس كل من يمارس الحق في الترشح قد يكون هدفه هو تحقيق المصلحة العامة والمشاركة في الحياة السياسية للتغيير البنّاء وصنع القرار السياسي، ومن هنا تبرز أهمية توعية الناخبين بضرورة المشاركة السياسية الواعية والاختيار الصحيح من بين المرشحين بعيدًا عن المؤثرات والتعصبات سواءً القبلية أو المذهبية أو الاجتماعية وغيرها، وإنما يجب اختيار المرشح الأكفأ، الذي يتحمل الأمانة الوطنية.