اسم الكاتب : نشأت احمد
المتابع لمجريات الامور في العراق يستخلص بأن امريكا تسعى لتدويل القضية الامنية في العراق من خلال اقناع دول كثيرة في العالم من اجل اشراكها في عملية حفظ الامن والاستقرار وتخفيف الضغط على قواتها في العراق تحت الوجود السياسي الامريكي, وتركيا احدى هذه الدول وبذلك تكون جزءا من قوات أخرى لدول متعددة والتي مستعدة ان تلعب دورا عسكريا وسياسيا تحت المظلة الامريكية, في قبال الدول الاوربية والتي تريد دورا أكبر للأمم المتحدة ليكون مظلة للتواجد الدولي في العراق فعليه تكون القوات التركية في حالة دخولها الى العراق تكون ضمن هذه المعادلة الدولية المعقدة وذات حسابات ااستراتيجية لقوى سياسية قادرة على تحريك خيوط اللعبة في المنطقة برمتها, ويتضح بُعد المعادلة اكثر اذا كان امن اسرائيل جزءا منها, فعليه تكون من السذاجة حشر التركمان في هذة القضية إذُ نلاحظ عند الحديث عن مسألة القوات التركية يُحشر التركمان قسرا فيها والغاية منها هو النيل من وطنية التركمان والتشكيك في ولائهم للعراق.
والتركمان في العراق اثبتوا وبشكل قاطع وخلال المراحل التاريخية انهم عراقييون وينتمون الى هذه التربة المباركة من خلال اصرارهم على التمسك بهويتهم الوطنية ووطنهم العراق حيث نبتت جذورهم ودفنت موتاهم واختلطت دماؤهم وتفرعت عوائلهم وانتشرت عشائرهم وهذا الاصرار في التمسك نابع من الشعور الداخلي القوي بالانتماء والاندفاع الصادق في العلاقة مع بقية أبناء العراق ضمن شراكة ومصير واحد.
فإثارة زوبعة حول علاقة تلك القوات المؤقتة ولمهام محددة بهذه القومية العراقية العريقة لا يمكن أن تنال من وطنيتها وولائها مهما حاول أصحاب الافاق الضقيقة والحسابات السياسية المتورّمة من تشويه وتشويش الواقع السياسي التركماني والعراقي, لان محاولاتهم في إظهار التركمان ورقة قابلة للتوظيف من قبل الدولة التركية في الضغط على العراق أو الاكراد محاولة فاشلة لان الواقع التركماني غير ذلك حيث التنوع المذهبي والانتماء الوطني والاختلاف الثقافي والبعد الجغرافي وغيرها من الاسباب تؤكد خواء تهمتهم. وهنا لا ننكر ان بعض التصريحات من قبل بعض المسؤليين الاتراك بالاضافة الى ممارسات بعض التركمان توحي بذلك وتعطي ذرائع للمتشبثين للاستفادة منها كأرقام غير قابلة للنقاش على عمالة التركمان لتركيا, الا ان تاريخ وتضحيات وولاء التركمان يثبت عكس ذلك , الى جانب ذلك لتركيا أوراق ضاغطة أكثر فاعلية من التركمان إذا أرادت أن تستعمها مثل مياه دجلة والفرات والخط الاستراتيجي لضخ البترول من كركوك الى ميناء جيهان , ومكانة تركيا إقليميا ودوليا وأمريكيا وغيرها.
بالاضافة الى كل هذا, الطالب لدخول القوات التركية الى العرق ليس التركمان, بل أمريكا هي التي تسعى لذلك والتركمان لحد هذه اللحظة لم يمارسوا هذا الحق علما أن لهم ذلك مبدئيا, لان بنود ومقررات الامم المتحدة والخاصة بحقوق الانسان تضمن لكل طائفة أو عرقية مهددة بمخاطر لها الحق في طلب الحماية من الاخرين وهذا الحق مورس بشكل عملي في العراق من قبل الكرد بعد انتفاضة اذار \ شعبان الشعبية سنة ١٩٩١م ولحد سقوط النظام البائد حيث اقامة الدول الغربية منطقة امنة شمال خط ۳٨ وبمشاركة تركية فعالة من خلال تأمين القواعد العسكرية والمطارات لم تكن تلك الحماية الّا استجابة لهذا الحق الانساني, فليس من المعقول أن يكون ذلك حقا لجهة دون أخرى ما دام يستند الى خلفية قانونية واحدة. والتركمان لم يطلبوا حماية تركيا ولا غيرها لحد الان حتى في الاحداث الدامية الاخيرة والتي تعرضوا فيها الى اعتداءات غير مبرره في طوزخورماتو وكركوك كان تطلعاتهم وامالهم وإنشدادهم للعمق العراقي ولشركائهم في الوطن وليس لاي طرف اخر. ثم لماذا هذا الاجحاف في حقهم سواء كان في مجلس الحكم أو الحكومة المؤقتة أو في مواقع القرارات الاخرى ؟ ولماذا الاصرار في خفض سقف وجودهم والتشكيك بكل ما يتعلق بدورهم وحضورهم وعطائاتهم؟. ألم يكن سبب مشاكل العراق طوال العقود الماضية في المعادلة السياسية الحاكمة انذاك والتي استحوذت على العراق فئة وهمشت دور الاخرين مما أدى الى دورة تاريخية كاملة ذاق فيها شعبنا الممتحن كل انواع الضيم والقهر,. أيمكن ان تحل تلك الاشكالية بتغير عنصر بدل اخر!! ام باقامة نظام تعددي يشارك فيه الجميع دون استثناء أو تغييب, وعراق اليوم مفتوح امامنا فليس هناك صدام ونظامه الدكتاتوري ليمنعنا من اجراء احصاءات دقيقة لمعرفة ثقل كل طرف ليكون له حضورا يناسب وجوده ودوره في بناء العراق الجديد…..